الاصداراتتقارير جديدمتفرقات 1

الإسلاميون والعبور التونسي نحو الديمقراطية ( الغنوشي مُلهماً )

الاسلامون والعبور x
 
 
مدخل:
إن اللحظة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي تعتبر من اللحظات التاريخية الحاسمة لمستقبل هذه المنطقة. ولهذا تتوجب هذه اللحظة الدراسة والتأمل لكل المتغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية في المنطقة بما يساعد على التنبؤ بمسارات المستقبل للمنطقة.
ويعتبر الإسلاميون أهم أطراف التغيير في العالم العربي، بل كانوا في كثير من الدول، أبرز الرؤوس الرئيسية التي قادت حالة التغيير والثورة، وتصدرت المشهد السياسي بعد ربيع الشعوب العربية في عام 2011م،  فمع انطلاقة الربيع العربي، ومن أولى جولاته الديمقراطية، وصلت إلى السلطة السياسية حركات الإسلام السياسي  في أغلب بلدان الربيع العربي، ومع وصولها مباشرة وبداية حكمها، بدأت الكثير من الأسئلة تدور حول مدى الاتساق بين المرجعية الفكرية والدينية لحركات الإسلام السياسي وبين مفاهيم الديمقراطية والمواطنة والمدنية وبناء الدولة الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية بدون تمييز على أساس دين أو مذهب، وبالتالي سادت حالة ترقب تجاه سلوكيات هذه الحركات وهل ستستطيع الإجابة على التساؤلات السابقة بأجوبة عملية على شكل ممارسات سياسية تؤدي إلى خلق توافق وطني عام، يمثل ذلك التوافق بداية سلم البناء والتحول الديمقراطي لتلك الشعوب والمجتمعات.
وطبعا اختلفت الإجابات من دولة إلى أخرى ومن حركة إلى أخرى،  حيث سادت –للأسف – الإجابات الغامضة والمقنَّعة على كثير من هذه التساؤلات في أغلب بلدان الربيع العربي، وانعكست تلك الضبابية والغموض في أفكار تلك الحركات على ممارستها السياسية وخصوصا أنها تصدرت لمرحلة التأسيس والبناء للنظام الديمقراطي في بلدانها، حيث جاءت ممارسات حركات الإسلام السياسي في السلطة غير فعالة، بل ومضرة في كثير من الأحيان بعملية التحول الديمقراطي، وهذا أدى إلى وصول الحالة السياسية في تلك البلدان إلى انسدادات في عملية التحول الديمقراطي كانت نتيجته النهائية إما تدخل للقوى العسكرية في الحياة السياسية مثل (مصر)، أو انهيار كبير في عملية التحول الديمقراطي وبناء المؤسسات مثل (اليمن وليبيا) . بينما كان النموذج الأمثل هو النموذج التونسي، حيث استطاعت القوى السياسية بمجملها الوصول إلى دستور متوافق عليه بين الكل، وكانت هذه الحالة السياسية المثالية في بلدان الربيع العربي بقيادة إحدى حركات الإسلام السياسي وهي حركة النهضة – ذات الخلفية الإسلامية -.
على الرغم من أن هذا التميز والنجاح الذي تم تحقيقه في الحالة التونسية، كان مرتبطاً بتوفر عوامل مختلفة وبالأخص عوامل متعلقة بوجود مجتمع مدني قوي يتمتع بقبول وثقة عند أغلب الحركات والاتجاهات السياسية، مما جعل الحالة التونسية نموذجاً في البناء الديمقراطي، ونموذجاً في التوافق والاختلاف، فالبرغم من ذلك التميز إلا إن التجربة مرت بحالة اختناق سياسي تمثلت في حالة الاختلاف التي أوجدتها عملية صياغة الدستور التونسي، ومع اشتداد تلك الأزمة ظهرت هناك قوة المجتمع المدني مؤسساته التي مثلت حالة العقل المجتمعي العام، واستطاعت قيادة دفة المفاوضات في طاولة الحوار التونسي إلى حالة توافق، أنتجت تلك الحالة دستوراً متوافق عليه  من قبل جميع القوى والاتجاهات السياسية في البلد، وكان لحركة النهضة دور رئيسي في صناعة وخلق تلك الحالة الراشدة والنموذجية في الحياة السياسية في العالم العربي، ولهذا فإن حركة النهضة وقياداتها المتمثلة في رئيسها راشد الغنوشي شكلت علامة فارقة في العمل السياسي ليس في تونس فقط إنما أيضاً على مستوى حركات الإسلام السياسي في العالم العربي بشكل خاص، وعلى مستوى العمل السياسي العربي بشكل عام.
لهذا نحاول أن ندرس هذه الحالة المتميزة على مستوى الإطار والرؤية والمنطلقات الفكرية والتصورات الدينية للحركة والتي انعكست في ممارساتها ومواقفها السياسية، وسنحاول خلال هذه الورقة التحليلية أن نضع آفاق مستقبلية جديدة لحركات الإسلام السياسي، الراغبة بالتجديد والتغيير والاستفادة من الحالة (الغنوشيَّة) وتميزها.
ولأن الغنوشي يمثل شخصية القائد المُلهم لحركة النهضة، فإن إحدى طرق دراسة تميز هذه الحالة السياسة التونسية ونجاحها في عملية التحول والبناء الديمقراطي، كان مرجعه منظومة الأفكار التي يحملها قائد حركة النهضة راشد الغنوشي وعلى ذلك وحتى نستطيع فهم المنظومة الفكرية لحركة النهضة، لابد من تحليل فكر راشد الغنوشي، وأبرز مصادره الفكرية هي الكتب والمقالات بالإضافة للِّقاءات التلفزيونية.
تبدأ هذه الورقة بوصف أبرز أركان منظومة الغنوشي الفكرية ومن ثم محاولة لرسم آفاق جديدة لحركات الإسلام السياسي عبر الاستفادة من التجربة التونسية، وبالأخص الاستفادة من المنظومة الفكرية لحركة النهضة عموماً ولفكر الغنوشي بشكل خاص.
 
أولاً: -المنظومة الفكرية للغنوشي:
يمكننا تحديد أبرز المقولات والمنطلقات الفكرية للغنوشي على النحو التالي:

  • مبدأ الحرية: [1]

ينطلق الغنوشي في بناء منظومته الفكرية على تعزيز ورفع شأن الحرية وأهميتها في المجتمعات، بل يعتبر الغنوشي أن الحرية هي الشرط الأساسي لكينونة الإنسان ذاته، فبدون الحرية لا يوجد هناك وجود للإنسان. لهذا من خلال هذا المبدأ يحاول الغنوشي أن يرسم مساراً للتصرفات والمواقف السياسية. على أن هذه التصرفات والسلوكيات السياسية يجب أن تراعي الحرية، بل وتحترمها، فهو يعتقد انه يجب أن تترك للشعوب حرية الاختيار، بغض النظر عما يختارونه، مع تعزيز الحس بالمسؤولية تجاه هذا الاختيار. لهذا يرى الغنوشي أن مبدأ الحرية يطبق على الدين ذاته، فالإسلام ترك للناس حرية اختيار ما يرونه من المعتقدات، وترك لهم حرية الاختيار فيما يتعبدون به ربهم وآلهتهم. فإذا كانت العقيدة والعبادة متروكة لحرية الاختيار فمن باب أولى المفاهيم والتصورات الأخرى الحياتية حتى وإن كانت مرجعيتها الدين فتبقى متروكة لحرية الاختيار.
 
لهذا يمكن أن نقول أن الغنوشي كان يؤمن بالحرية كانطلاقة لتصرفاته ومواقفه السياسية ومواقف حركة النهضة فهو كما قال في برنامج العمق على قناة الجزيرة الفضائية[2]: أن حركة النهضة لن تقر قانوناً يعمل على تقييد حرية المعتقد، أو حرية العبادة، أو حرية الملبس والمأكل، أو حرية التصرفات الشخصية. وشرح الغنوشي أن الدولة يجب ألا تمارس أي نوع من أنواع القمع على اختيارات الناس وسلوكياتهم، وذكر أن مثلا اللباس هو أمر شخصي متروك للناس يلبسوا كيفما يشاؤون وندد ببعض الممارسات القمعية بمحاولة فرض الحجاب بالقوة أو منعه بالقوة.
وعليه فإننا نلاحظ الوضوح والحسم في هذا المبدأ والمنطلق الفكري للغنوشي، وهو ما يميزه عن الكثير من حركات الإسلام السياسي في العالم العربي. التي تنعكس ضبابية هذه المفاهيم لديها حين تدعو لفرض نمط معين على المجتمع سواء كان هذا النمط المعيشي في ملبس الإنسان أو مأكله أو مشربه أو معتقداته أو عباداته، مما يؤدي محاولة فرض نمط معيشي أو سلوكي معين إلى ردة فعل معاكسة ضد هذه الحركات من قبل الجمهور والمجتمع، مما يلحق ضرراً كبيراً بسمعة هذه الحركات.[3]
 

  • التمييز بين دائرة السياسة ودائرة الدعوة والتربية الدينية:[4]

يركز الغنوشي في كثير من مقالاته وكتبه بالإضافة لمواده الإعلامية على التمييز بين دائرة السياسة ودائرة الدعوة والتربية، فهو يرى أن الدولة والنظام السياسي تختلف عن المؤسسة الدعوية والتربوية الدينية في الآتي:

  • من حيث الوظيفة:

الدولة والنظام السياسي يهتم بالمجال العام – المصلحة العامة -لهذا فوظيفة الدولة هي وضع وتطوير النظم الحياتية، من نظم سياسية واقتصادية وعلمية. أما المؤسسة الدعوية والتربوية فوظيفتها هي التربية على الفضائل والممارسات الحميدة والدعوة للأخلاق على مستوى الأفراد، فليس من وظيفة الدين ومهمته تعليم الناس أساليب الزراعة والصناعة وأمور الحكم، إنما نصل إليها من خلال التعلم والمعرفة عبر العقل الإنساني. ولكن دائرة الدين والدعوة مهمتها نقل البشرية من مستوى أخلاقي معين إلى مستوى أخلاقي أكثر سمواً. لهذا شدد الغنوشي على أن الحركات الإسلامية يجب أن تميز بين المسارين مسار الدولة والنظام السياسي ومسار الدعوة والتربية.
 

  • من حيث التصورات والرؤى:

يرى الغنوشي أن التصورات والرؤى التي تسعى لتنظيم الدولة والنظام السياسي هي تصورات بشرية، ناتجة عن اجتهادات بشرية تحاول الاستفادة من الخبرات المتراكمة للحضارة الإنسانية وتسعى للإبداع وتقديم ما هو أفضل للبشرية ولذلك في الغالب تكون هذه التصورات تصورات مؤقتة تتغير مع تغير الزمان والمكان.
بينما نجد أن التصورات للأخلاق والتربية تنبع من تصور ديني وفطري إلهي مقدس، يبرز من خلال هذا التصورات القيم والأخلاق المثلى والتصرفات والسلوكيات الحميدة والمقبولة ديناً، لهذا تبقى تصورات ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان.
 

  • من حيث الوسائل:

يوضح الغنوشي بأن الوسائل المستخدمة في العمل السياسي تختلف عن الوسائل المستخدمة في العمل التربوي والدعوي الديني، ويجب عدم الخلط بين النوعين من الوسائل، لأنه قد يؤدي الخلط إلى عدم الفاعلية للوسائل في المجالين، فمثلا في مجال السياسة، السياسي يستخدم وسائل سياسية مثل الأحزاب، النشاط الانتخابي، الحملات السياسية والبرامج الدعائية. بينما نجد أن وسائل الدعوة والتربية تكون مرتبطة بوسائل معينة مثل الملتقيات التربوية والدعوية والمساجد وهيئات الدعوة والتربية.
والمقصد من التمييز في الوسائل هو أن يتم التفاعل في الدائرة المحددة بوسائلها الخاصة، فعندها تكون الوسائل أكثر كفاءة وفاعلية مما تم الخلط بين الوسائل فأصبح مثلا خطيب الجمعة يتحدث عن برامج انتخابية لحزب أو لحركة معينة، وأصبح مثلا رئيس الحزب أو مرشح الحركة يتحدث عن مواضيع دعوية أخلاقية في حملة انتخابية. في هذه الحالة سنجد أن فاعلية خطبة الجمعة ستقل تأثيرها لأنها في الأساس وسيلة تربوية دعوية وليست سياسية وكذلك الحملة الانتخابية سنجد أنها أصبحت عديمة الفائدة والجدوى بسبب أنها غير مخصصة للدعوة والتربية وإنما كانت مخصصة للعمل السياسي. ولهذا فمن خلال هذا التمييز سيصبح العمل السياسي أكثر كفاءة وفاعلية في أداء وظيفته والسعي نحو تحقيق أهدافه، وكذلك العمل الدعوي والتربوي سيسعى لتحقيق أهدافه التربوية والدعوية بالوسائل الخاصة المحددة لذلك.
 
خلاصة مبدأ التمييز:
إذاً ممكن أن نقول أن مبدأ التمييز الذي اعتمده راشد الغنوشي كمعيار منهجي في تحديد العلاقة بين الدين والدولة أو بين الدين والسياسة هو الجزء الرئيسي في منظومة الغنوشي الفكرية، حيث نجد أن أغلب الأخطاء والممارسات والمواقف السياسية التي ترتكبها حركات الإسلام السياسي في العالم العربي كانت ناتجة عن عدم فهم وتصور للعلاقة بين الدين والدولة أو بين الدين والسياسة، حيث أن الفكرة السائدة لدى حركات الإسلام السياسي هي أن الدولة والسياسة جزء من الدين، وإن هذه العلاقة المفترضة بين الدين والسياسة لم يتم تحديدها تحديداً وافياً وكافياً لكي نستطيع من خلال هذا التحديد فهم طبيعة الدين والسياسة .
لهذا كانت المعضلة الأساسية التي واجهت حركات الإسلام السياسي هو عدم قدرتها على التمييز بين الدائرتين (حتى مع افتراض وجود تفاعل فيما بينهما). وأدت هذه المعضلة إلى وجود خطاب لحركات الإسلام السياسي لا يستطيع المتابع أو الباحث أن يحدد ماهية هذا الخطاب، هل هو خطاب ديني تربوي؟ أم خطاب سياسي؟. وكان هذا واضحاً في خطابات بعض الزعماء السياسيين سواء كان في مصر أو اليمن أو غيرهما. ونتيجة لذلك أصبحت هذه الحركات و الأحزاب لا تمتلك الكفاءة والفاعلية في الدائرتين، فأصبحت خطب الجمعة والمواعظ الدينية مختلطة بالمفاهيم والتصورات والمواقف السياسية وأصبح شيوخ الدين والتربية والدعوة يصدرون المواقف المعارضة والمؤيدة للتحركات السياسية، وهذا جعل فاعلية دائرة الدعوة والتربية غير منتجة لأنها أصبحت جزءاً من صراع سياسي. ودائرة السياسة تحولت من صراع سياسي على مستوى البرامج والرؤى السياسية إلى صراع على مستوى الأيديولوجيات.
 

  • رؤية الغنوشي لمفهوم العلمانية [5] :

لراشد الغنوشي رؤية متميزة لمفهوم العلمانية كمصطلح وكإجراءات، فهو يرى أن العلمانية عبارة عن ترتيبات إجرائية لحل إشكاليات ظهرت في المجتمعات والدول الأوربية، وان العلمانية ليست فلسفة وجود، أي أنها ليست فلسفة شاملة لصباغة الحياة بشيء معين.
كما يرى الغنوشي أنه لا يوجد هناك نموذج واحد للعلمانية، إنما هناك علمانيات متعددة، وأن هناك عدة نماذج وتفسيرات تاريخية وإجرائية لمفهوم العلمانية.
ويقول الغنوشي إن أهم فكرة في العلمانية هي حيادية الدولة أي إن الدولة لا تتدخل في المجال الديني والمجال الخاص، وأن الدين أيضاً لا يتدخل في مجال الدولة.
ولكن كما يقول الغنوشي أن عملية الحياد ليست شكلا محدد ومساراً معيناً إنما اتخذ الحياد عدة أشكال وأن الدين له حضور في المجال السياسي، ويختلف هذا الحضور من دولة إلى دولة أخرى، ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، على حسب الظروف والتجارب التاريخية والمشاكل التي واجهت هذا المجتمع أو الدولة.
يتضح من خلال ما سبق أن رؤية الغنوشي للعلمانية ليست مبنية على عاطفة أو أمور سطحية، إنما هي رؤية مستنيرة قائمة على البحث العلمي المجرد من أحاكم مسبقة، ورؤية قائمة على تفكيك المصطلحات تاريخياً.
ومن خلال هذا الفهم استطاع الغنوشي تفهم موقف فرنسا من الحجاب ومنعه من الأماكن الحكومية والمؤسسات الرسمية، لأنه كما يقول الغنوشي أن النموذج الفرنسي من العلمانية يمثل النموذج الأكثر تشدداً في عملية الحياد للدولة وموقفها الرافض لأي شعارات ورموز دينية (يهودية – مسيحية – مسلمة) بسبب الموقف العلماني المتشدد الذي اعتمدته فرنسا تاريخيا، بينما نجد هناك الكثير من الدول الأخرى تتسامح مع الشعارات والرموز الدينية لأنها متبنية نماذج أخرى من العلمانية المتسامحة مع الأديان.
 
ثانياً / المحور الثاني: التوصيات المستقبلية لحركات الإسلام السياسي:
بعد استعراضنا لمنظومة الغنوشي الفكرية يظهر لدينا أم ما تم إنجازه في تونس لم يكن وليد اللحظة وإنما كان نتاج طبيعي لوجود قيادة مستنيرة على رأس هرم حركة النهضة التي استطاعت أن تقود العملية الانتقالية بنجاح، وأن تعبر بتونس إلى مرحلة البناء الديمقراطي بعد إقرار الدستور بالإجماع وبانتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية.
يمكن تلخيص المساهمات والتوصيات المقترحة على النحو الآتي:

  • اتضح لدينا أن التصورات الفكرية والنظرية هي التي تشكل الممارسات والمواقف السياسية، فإذا أردنا تغيير الممارسات والمواقف السياسية، يجب أولاً أن نغير الخلفية الفكرية لهذه المواقف سواء كانت هذه الخلفية فكرية ثقافية أو دينية. فبداية التغيير على مستوى الممارسات والمواقف هو بتغير الأفكار.
  • من المهم جداً لحركات الإسلام السياسي أن تعزز من قيمة الحرية، وغرس هذه القيمة في عقول روادها وناشطيها فأي عملية ديمقراطية بدون حرية هي ديمقراطية زائفة. وفي نفس السياق يجب أن تراجع حركات الإسلام السياسي منظومتها الفكرية وإرثها الديني التاريخي، وتحاول تصفيته ومعالجته من أي آثار أو شواهد تنتقص من قيمة الحرية سواءً؛ حرية سياسية أو حرية ثقافية أو حرية شخصية.
  • يجب على حركات الإسلام السياسي أن تنخرط في حوار مجتمعي سياسي ثقافي، يتم من خلاله تحديد الإطار العام للدولة، وتحديد مسارات تدخل الدولة في الحياة الخاصة والعامة للمجتمعات وللأفراد وتحديد علاقة الدين والمؤسسات الدينية بالدولة وبالعمل السياسي. ويجب أن يكون ذلك بدون أحكام مسبقة على الرؤى، وبدون إقصاء لأي من هذه الرؤى، مع ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين في كيفية مواجهة الإشكاليات التاريخية التي واجهوها أثناء بناء الدولة. فكما رأينا أن العلمانية ما هي إلا حلول إجرائية لمواجهة إشكاليات واجهتها المجتمعات الأوربية، وكما أنه لا يوجد نمط علماني معين، فيجب أن نحث مجتمعاتنا على رسم وصياغة علمانية خاصة بنا تتوافق مع تكويناتنا الثقافية والاجتماعية والدينية والتاريخية.
  • من المهم جداً لحركات الإسلام السياسي أن تعمل على نقل العمل السياسي من دائرة الدين المقدس إلى دائرة الفعل البشري الموجه بشكل كلي بموجهات أخلاقية ودينية كلية.
  • يجب أن تميز حركات الإسلام السياسي بين الخطاب والوسائل الدعوية والتربوية، وبين الخطاب والوسائل السياسية. وبين الغايات والمقاصد التربوية والدعوية وبين الغايات والأهداف والبرامج والرؤى السياسية.
  • كما يجب أن تشجع حركات الإسلام السياسي الباحثين والمفكرين على إثراء الحركات بالتصورات والرؤى الفكرية التي تجعل هذه الحركات قابلة للتطور وللتغيير وللتحديث والتجديد والإبداع على مستوى الرؤى والبرامج السياسية.

 المراجع:

  • كتاب الحريات العامة في الدولة الإسلامية، راشد الغنوشي، مركز دراسات الوحدة العربية – 1993م.
  • كتاب الحركة الإسلامية ومسألة التغيير، راشد الغنوشي، المركز المغاربي للبحوث والترجمة، عام2000م.
  •  برنامج في العمق – قناة الجزيرة الفضائية – أكتوبر 2011م.
  • محاضرة بعنوان (العلمانية وعلاقة الدين بالدولة) في مركز دراسات الإسلام والديمقراطية – تونس.
  • مقالة (الحرية أولاً) للإستاد راشد الغنوشي. على موقع الجزيرة نت.
  • موقع حركة النهضة التونسية على شبكة الإنترنت.

 
 
[1] كتاب الحريات العامة في الدولة الإسلامية  . راشد الغنوشي .. مركز  دراسات الوحدة العربية  – 1993م .
[2] برنامج في العمق – قناة الجزيرة الفضائية – أكتوبر 2011م .
[3] مقالة ( الحرية أولاً ) . الجزيرة نت .
[4] كتاب الحركة الإسلامية ومسألة التغيير – راشد الغنوشي . المركز المغاربي للبحوث والترجمة . عام2000م .
[5] محاضرة بعنوان (العلمانية وعلاقة الدين بالدولة) في مركز دراسات الإسلام والديمقراطية – تونس.
 

للتحميل من هنا

 
إبراهيم بن قفلة
 

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات © 2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى