الاصداراتتقارير جديد

ما بعد نتنياهو؟

ما بعد نتنياهو

مقدمة
على الرغم من قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” بحركة في غاية الشفافية عام 2015م؛ وذلك من خلال تقديم كشف في حركات المصروفات والنفقات الحكومية، بعد قيامه بعرض فواتير النفقات كاملة لعام 2015م، والتي تبين من خلالها تخصيص وزارة المالية الإسرائيلية مبلغ 1.1 مليون دولار بغرض تأمين رحلات الرئيس الإسرائيلي السابق “شيمعون بيرس” أثناء زيارته الخارجية. ومبلغ 1.4 مليون دولار للرئيس الإسرائيلي الحالي “رؤوفين ريفلين”. الى جانب أدق التفاصيل عن المصاريف والتكاليف الخاصة المتعلقة بالمسئولين الإسرائيليين سواء رحلات، أو حتى وقود سياراتهم. هذه الإجراءات وعلى الرغم من أهميتها إلا إنها لم تكن شافعة لنتنياهو. فقد شهد العام 2016م، قيام الشرطة الجنائية بتوجيه تهم فساد لـزوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي “سارة “؛ وذلك من خلال استغلال الأموال العامة لأغراض خاصة بها وتتعلق بمصالحها الشخصية. وإخضاعها للتحقيق من النائب العام. والتي تزامنت مع محاولات مستميتة قام بها زوجها “نتنياهو”؛ للدفاع عن التهم التي وجهت إلى زوجته.  إلى أن جاء الدور عليه هذه المرة؛ فقبل أن ينتهي عام 2016م، تعرض هو الآخر إلى اتهامات بالفساد في غاية الخطورة؛ خضع على أثرها للتحقيق مرتين من قبل النائب العام. الأولى كانت لمده ثلاث ساعات، أما الثانية فامتدت لخمس ساعات. لتكثر التساؤلات والتكهنات عن مستقبل “نتنياهو ” السياسي ومدى استمراريته في منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية. وهو يتعرض لأخطار حقيقية قد عصفت بشخصيات إسرائيلية قيادية من قبل. وينقسم هذا الخطر إلى  قسمين: الأول: يمسكه المستشار القضائي للحكومة “أفيخاي مندلبليت”، فبقرار منه يستطيع أن يضطر نتنياهو إلى الاستقالة وربما الابتعاد عن عالم السياسة؛ والطرف الثاني: هو صدى القضية وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، ويمسك به الكثير من الأطراف، من إعلام ورأي عام وقوى معارضة. وعلى أثر هذه القضايا قامت الشرطة الإسرائيلية مؤخراً باستدعاء زوجه رئيس الوزراء “ساره” للحصول على شهادتها فيما يتعلق بقضايا الهدايا. وكذلك عضو البرلمان “إيتان كابيل” من المعسكر الصهيوني والذي يقول: إنه يمتلك أدله قادرة على إدانة  نتنياهو.
التهم الموجه لنتنياهو
أولى تهم الفساد التي تعرض لها نتنياهو تتعلق بشراء غواصات ألمانية لأغراض عسكرية لسلاح البحرية الإسرائيلية، الهدف الحقيقي منها هو تمرير صفقات مالية لبعض أصدقائه كما اتهمه البعض، والذي ترافق مع تصريحات وزير الدفاع السابق موشيه يعلون بقوله: “إن صفقات الغواصات لم تكن مدرجة في قوائم الشراء لدي وزارة الدفاع أثناء وجوده وزيراً للدفاع”. إلا أن هذه القضية بقيت إعلامية لا أكثر؛ فلم يتعرض بسببها نتنياهو إلى أي تحقيقات جنائية. إلا أن تلتها العديد من قضايا الفساد الأخرى، فقد خضع نتنياهو لعدد من التحقيقات الجنائية، والتي جاءت بأمر من النائب العام “أفيخاي مندلبليت” للشروع بها وهي تتعلق بملفين. الملف الأول: “ملف 1000” ويدور حول تلقي نتنياهو هدايا؛ من السيجار والشمبانيا وبعض الهدايا الأخرى وذلك لفترات زمنية طويلة. من رجلي أعمال، أحدهما إسرائيلي والآخر أجنبي؛ وقد كشف الإعلام الإسرائيلي هوية رجل الأعمال الإسرائيلي، وهو آرنون ميلتشن؛ ويبدو أن الشرطة تملك -على ما يبدو -ما يؤكد أن نتنياهو قدم مقابلًا لرجل الأعمال ميلتشن. فقد نشرت القناة العاشرة بأن نتنياهو قد تدخل لدى وزير خارجية أمريكا “جون كيري” لتسهيل حصول ميلتشن على فيزا لدخول الولايات المتحدة الأمريكية؛ ويذكر أيضًا أن رجل الأعمال ميلتشن وابنه قد ظهرا في قائمة المسجلين في سجل التهربات الضريبية في بنما، ممّا يجعلهما محط اشتباه بقضايا تتعلق بالتهرب الضريبي.
أما الملف الثاني، الذي يحظى برقم 2000، ويعتبر الأكثر تأثيرًا وخطورة على مستقبل نتنياهو السياسي؛ لما له من تداعيات مباشرة وملموسة سواء على الوضع السياسي أو الرأي العام الإسرائيلي. والذي اضطر النائب العام مندلبليت لاتخاذ قرار بفتح تحقيق جنائي؛ يتعلق بحصول الشرطة على تسجيلات صوتية بين نتنياهو وصاحب جريدة “يديعوت أحرونوت” موزيس. ويحتوي الحوار على مطلب موزيس من نتنياهو بإغلاق صحيفة “إسرائيل اليوم” عبر المساعدة في تشريع القانون الذي أعد خصيصًا في نوفمبر 2014م، لإغلاق الصحيفة التي يمولها الملياردير اليهودي اليميني شيلدون أديلسون المقرب من رئيس الحكومة “نتنياهو”، أو منع نشرها مجانا. علما أن صحيفة “إسرائيل اليوم” معروفة بتغطيتها الإيجابية لنتنياهو؛ ومنافسة لصحيفة يديعوت أحرنوت. بالمقابل يعرض موزيس أن يقوم بتقديم خدمات دعم إعلامي، ليكون في وسع نتنياهو أن يكون رئيس الحكومة للوقت والمدة التي يريدها، وهو ما دفع “يوئيل حسون” من المعسكر الصهيوني الطلب بأن يجرى التحقيق مع نتنياهو في التلاعب في قوانين الانتخابات سواء المتعلقة بالحكومة أو الانتخابات التي جرت داخل حزب الليكود.
وعلى الرغم من نجاح عملية الدهس التي جرت في القدس بتاريخ 8-1-2017م، في صرف النظر لوقت قليل عن التحقيق، إلا أن هذا الوقت كان كافيا حيث كُشفت تفاصيل أخرى لاحقا صدمت الإسرائيليين. أهمها أن الصحافة الإسرائيلية “مُباعة”، لأصحاب القرار؛ وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الصحافة الإسرائيلية. وهو ما أصاب الجمهور الإسرائيلي بشيء من الصدمة. فقد كشفت الأيام عن قيام شيلدون أدلسون رئيس جريدة إسرائيل اليوم عن قيامه بمفاوضة نتنياهو لقبول إصدار ملحق أسبوعي للصحيفة. وهو ما يظهر مدى هيمنه نتنياهو على هذه الصحيفة.
تعليقات نتنياهو على التهم الموجه إليه
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أول تعليق له بعد إخضاعه من الشرطة للتحقيق لمدة 3 ساعات وتوجيه بعض الاتهامات له، بأنه “لا يستطيع أن يقدم أي تفاصيل، إلا أنني أقول: وبكل ثقة بأنه لن يكون هناك شيء”.   وأن التهم الموجهة باطلة، وغير صحيحة  وقال نتنياهو، في تعليق نشره على صفحته على موقع “تويتر”:” سنوات طويلة من الاضطهاد اليومي ضدي وعائلتي، كما حدث بالأمس، أثبتت لا شيء…لا شيء وأنا أكرر: لن يكون هناك شيء لأنه لا يوجد شيء”. وقد وجه نتنياهو رسالة شكر الى اصدقاءه الذين يدعموه قائلا” أنا أقدر لهم ذلك”. إلا أن التعليقات وحدها غير كفيلة بإخراج نتنياهو من مجريات التحقيقات، وهو ما يتطلب منه أن يقدم مخرجاً حقيقياً للأزمة، لذلك توقع التلفزيون الإسرائيلي القناة العاشرة أن يقوم نتنياهو خلال التحقيقات، أن الهدايا الممنوحة ما هي إلا هدايا كبادرة حسن معاملة يتبادلها الأصدقاء.
التداعيات والتوقعات
قبل الحديث عن تداعيات التحقيق والاتهامات الموجه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو”، وجب علينا أن نوضح بأن حاله نتنياهو لم تكن الأولى. فقد سبقه العديد من القادة الإسرائيليون في قضايا مشابهة. أمثال “أرييل شارون” فقد اشتبه بأخذ مئات الآلاف من الدولارات كرشاوى في أواخر التسعينيات من القرن الماضي؛ فيما أصبح يعرف باسم “قضية الجزيرة اليونانية”. وأوصت النيابة العامة بتوجيه اتهامات ضده، ولكن النائب العام رأى أن الأدلة لم تكن كافية. ومن جانب آخر تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت لحكماً بالسجن 19 شهراً بتهمة الاحتيال بعد أن أدين في عام 2012م، فيما يسمى بـ”قضية تالانسكي”.
ومن هنا فإن مستقبل نتنياهو السياسي ليس مرهونًا فقط بقرار المستشار القانوني ونتائج التحقيقات معه فحسب. فهناك جهات سياسية أخرى قادرة على إنهاء مستقبل نتنياهو السياسي، وتحديداً موشيه كحلون وزير المالية الإسرائيلي؛ وزعيم حزب “كلنا”. والذي في حال أخذ قرار بالانسحاب من الحكومة احتجاجًا على دخان الفساد الكثيف سوف يؤدي إلى سقوط الحكومة التي يرأسها نتنياهو، وربما يتفاعل معه إيجابًا بعض خصوم نتنياهو السياسيين داخل “الليكود” وخارجه، ممّن هم محسوبون على معسكر اليمين.
السيناريوهات المتوقعة لمستقبل نتنياهو
السيناريو الأول: بقاء نتنياهو في منصبه رئيساً للحكومة الإسرائيلية:
قال رئيس الائتلاف الحكومي دافيد بيتان، الذي يُعتبر من الشخصيات المقربة من رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية “نتنياهو”، بأنه على ثقة من عدم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في قضايا الفساد الموجهة إليه؛ وفي حال تم توجيه لوائح اتهام ضده فإن رئيس الحكومة بإمكانه البقاء في منصبه. وقد ساند هذا الرأي العديد من خبراء القانون بقولهم: “بأن القانون لا يلزم رئيس الوزراء بالاستقالة من منصبه في حال توجيه اتهامات ضده، لكن رؤساء الحكومة في السابق قاموا بهذه الخطوة من تلقاء أنفسهم، ومن ضمنهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، والذي مهدت استقالته الطريق أمام نتنياهو لتولي مقاليد الحكم والذي فُرضت عليه عقوبة بالسجن 19 شهراً بعد إدانته بالفساد”. والملفت كان في رأي وزيرة العدل السابقة تسيفي ليفني، التي تجلس اليوم في صفوف المعارضة مع حزبها “المعسكر الصهيوني”، قالت أن السيجار وزجاجات الشامبانيا الفاخرة قد لا تكون كافية لإسقاط نتنياهو، ولكن إذا تبين بأنه تلقى بشكل منهجي هدايا مقابل خدمات سياسية، سيكون عليه الاستقالة من منصبه. وهو ما حاول نفيه “يعقوب فينروت” محامي نتنياهو، قائلا:” لن تكون هناك أي جوانب جنائية في سلوك رئيس الوزراء، وقال إنه لا يوجد هناك لدى نتنياهو ما يخشاه في قضية 2000″.
السيناريو الثاني: اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي:
ارتقت الشبهات المالية التي لطخت سيرت نتنياهو إلى المستوى الذي أجبر جهات قضائية على الاقتناع رسميًا بأن حجم الأدلة يستحق خضوعه شخصيًا لتحقيق رسمي؛ وعلى الرغم من النفي الرسمي للرجل بعدم تورطه في أي شبهات وأنهما مجرد “فقاعة هواء”، إلا أنه يظل في سياق “الكلام الدبلوماسي” بطبيعة الحال، الذي كان يجب أن يقوله حتى لو لم يكن مستندًا على أرضية ثابتة، مثل سلفه رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت الذي نفى مرارًا وتكرارًا كل ما قيل عن فساده، وبالنهاية أدين على إثره وقضى  في السجن 19 شهرًا.
السيناريو الثالث: استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي:
على الرغم أنه من الصعب التعرف إلى أين وصل التحقيق بين النائب العام ورئيس الوزراء الإسرائيلي ” نتنياهو”. إلا أنه في حال زادت لوائح الاتهامات ضد نتنياهو، واستمرت لفترات زمنية طويلة. فمن الممكن أن يذهب نتنياهو نحو الاستقالة من منصب رئيس الحكومة، حتى وإن كان القانون لا يتطلب ذلك. وقد يجبر نتنياهو على اتخاذ هكذا قرار في حال واجه ضغوط شعبية داخلية. والتي بدأت تظهر من خلال أصوات بعض  قيادات الأحزاب المعارضة له.
وهو ما يسعي إليه يائير لابيد زعيم حزب “هناك مستقبل” المعارض، ووزير المالية السابق، بعد مطالبته لنتنياهو بوضع نهاية لظاهرة التحقيقات الجنائية معه من قبل الشرطة والجهات القضائية. والذي يرى أن تعرض رئيسي حكومتين إسرائيليتين للملاحقة القانونية بسبب الفساد سيصعب عملية ترميم ثقة الجمهور في النظام السياسي في إسرائيل؛ مطالبا بعدم الانتظار شهورا طويلة حتى انتهاء التحقيق مع نتنياهو، لأنه سيكون من الصعب على الإسرائيليين انتظار تحقيقات نتنياهو كما كان عليه الحال مع سلفه إيهود أولمرت.
وأضاف أنه ليس معقولا أن يمضي نتنياهو كامل وقته مع محاميه، بدلا من الاجتماعات المكثفة مع رؤساء الأجهزة الأمنية من الموساد والشاباك وقيادة الجيش الإسرائيلي، مخاطبا الجهات الحكومية ذات الاختصاص بضرورة وضع حد لهذه القضية .بينما صرحت النائبة في الكنيسيت إريئيل مرغليت، من حزب “المعسكر الصهيوني” بأن على رئيس الوزراء الاستقالة من منصبه في أعقاب الكشف عن وجود تسجيلات.
وقال يتسحاق هرتسوغ زعيم المعارضة إنه يجب على سلطات التحقيق استكمال إجراءاتها بكامل صلاحياتها، مطالبا باستبدال نتنياهو الذي فشل في إدارة الدولة في مجالاتها السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية.
أبعد من ذلك ذهب وزير الدفاع السابق موشيه يعالون في قوله إنه “حان الوقت لدولة إسرائيل في أن يكون لديها رئيس وزراء لا يحتاج للتحقيق معه”. ففي المقابلة الأولى معه منذ تركه لمنصبه وزيراً للدفاع في شهر مايو2016م، قال يعالون لأخبار القناة الثانية بأنه يخطط “للترشح للقيادة الوطنية” في المستقبل، لكنه لم يحدد ما إذا كان ينوي السعي إلى منصب رئيس الوزراء، أو منصب رفيع في حكومة مستقبلية.
يعالون، الذي ترك الحكومة وحزب (الليكود) في خضم خلاف علني كبير مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أضاف أن الفساد في الحكومة “يسبب لي الأرق أكثر من القنابل الإيرانية”، في إشارة إلى التهديد النووي الإيراني.
إلا أنه ليس بالضرورة في حال قيام نتنياهو بتقديم استقالته يعني إلزامية إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة فقد يلجأ التحالف اليميني الحكومي الذي يرأسه “نتنياهو” حاليا باختيار شخصية بديلة عنه لمنصب رئيس الحكومة من داخل الائتلاف الحكومي نفسه. فقد عرضت القناة الإسرائيلية الثانية نتائج استطلاع للرأي أجرته بتاريخ 7-1-2017م، على خلفية التحقيقات التي يتعرض لها نتنياهو، حاولت من خلاله معرفة الشخصية الأنسب من بين الوزراء البارزين في الحكومة الحالية لخلافة نتنياهو حال آلت الأمور إلى استقالته.
وبحسب الاستطلاع، حصل وزير التعليم نفتالي بينيت، الذي يرأس حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف على المركز الأول، حيث منحه 15% من المشاركين في الاستطلاع أصواتهم، فيما حصل وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان من حزب الليكود على 11% محتلا المركز الثاني، بينما حل وزير المالية موشي كحلون ثالثا بنسبة 9%، في الوقت الذي احتل فيه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا المركز الرابع بنسبة 4%، تلاه وزيرة الرياضة والثقافة ميري ريغيف من حزب الليكود بنسبة 4%.
السيناريو الرابع: الانتخابات المبكرة:
ويفهم من هذا أكثر من طريقة أهمها:
أولا: انتخابات مبكرة داخل حزب الليكود:
يتحدث كبار القيادات في صفوف الليكود أنه في حال ارتفعت لائحة الاتهامات ضد نتنياهو، بأنهم على استعداد لإجراء انتخابات تمهيدية داخل الليكود واختيار بديل لرئيس الوزراء، على أن يستمر لنهاية الفترة الطبيعية لرئيس الوزراء والتي تصل حتى نهاية عام 2019م، وأنهم ليسوا مستعدين للتخلي عن هذه الفرصة؛ ومن بين وزراء الليكود الذين يرغبون في الترشح لقيادة حركة الليكود خلفا لنتنياهو: إسرائيل كاتس، جلعاد اردان، ميري ريجيف، جدعون ساعر، تساحي هنغبي، داني دانون، موشيه يعلون، يوفال شتاينتس ومنير بركات. ويحتاج المرشحون للحصول على 40% من أصوات المشاركين في الانتخابات التمهيدية لكي يتم اختياره كبديل عن نتنياهو في داخل الليكود.
ثانيا: انتخابات مبكرة إسرائيلية شاملة:
في استطلاع رأي تم إجراؤه بتاريخ 6-1-2017م، نشرته القناة العاشرة، تحدث عن تغيرات جوهرية في التشكيلة البرلمانية فيما لو أجريت انتخابات برلمانية اسرائيلية مبكرة؛ وأهم ما جاء في نتائجه:
من المتوقع حصول حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد على 27%، محتلا المرتبة الأولي. بينما احتل حزب الليكود “الحاكم” المرتبة الثانية بنسبة 23% من أصوات المستطلعة آراؤهم، والذين بلغ عددهم 615 شخصًا، من ضمنهم 100 من الوسط العربي.
إلا أن الملفت في الاستطلاع هو تقدم نتنياهو كشخصية إسرائيلية مميزة وحصوله على أعلى الأصوات على الرغم من فوز حزب ” يوجد مستقبل”، وهذا يدلل على الصورة الذهنية المتميزة التي يتمتع بها نتنياهو في ذهن المجتمع الإسرائيلي. وهو أيضا ما يجعلنا نستشف عمق الأزمة التي تعقب نتنياهو في حاله تنازل أو تم إقصاءه من منصبه.
السيناريو الخامس: تشكيل منظومة تحالفات حزبية جديدة:
في مقال كتبه القيادي الفلسطيني “حسن عصفور” توقع بأن التحقيقات الجارية مع نتنياهو لن تقتصر فقط على الإطاحة برئيس الحكومة الإسرائيلية فحسب؛ بل قد تطيح أيضا بأهم حليف له وهو حزب اليمين المتطرف التوراتي “البيت اليهودي”، وتشكيل “بديل سياسي من يمين الوسط والمعسكر الصهيوني وحزب ليبرمان.  فقد وصفت الصحف الإسرائيلية بأن ما يجري  في تطورات قضايا الفساد أشبه “بالدراما السياسية”، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة تحركات ومشاورات يقوم بها وزير المالية “كحلون” من حزب “كلنا” بغرض تشكيل حكومة إسرائيلية بديلة بالشراكة مع المعسكر الصهيوني والذي يرأسه يتسحاق هيرتسوغ “زعيم حزب العمل” وهو التحالف الذي يضم حزب الحركة أيضا برئاسة وزيرة العدل السابقة تسيفي ليفني.
أخيراً
فإنه ونظرا لحداثة قضية ” الفساد” التي يتعرض لها رئيس الحكومة الإسرائيلية “نتنياهو”، وحاجتها لوقت أكثر لتتضح معالمها، فإنه من المبكر إطلاق أحكام مطلقة لترجيح سيناريو على آخر؛ إلا أنه يبقي السيناريو الأول الأكثر توقعا “بقاء نتنياهو في منصبه” على الأقل حتى انتهاء فترة حكمه مع نهاية العام 2019م، على الأقل. وذلك للأسباب الآتية:
 أولا: أن التهم الموجه لنتنياهو تحتاج لوقت طويل حتى تتضح، وذلك يرجع الى حساسية الشخصية السياسية التي يتم استجوابها. كما أنها تراعي برنامج انشغالات رئيس الحكومة. وهذا يعني حاجتها إلى عامين على الأقل؛ وهي فترة كافية لانتهاء فترة حكم ” نتنياهو” في أوقاتها الطبيعية مع نهايات عام 2019م. وحتى إن ظهرت قضايا أخرى قادرة على تسريع القضية؛ فإن نتنياهو وحكومته اليمنية المتطرفة قادره على إشغال لجان التحقيق والشارع والإعلام الإسرائيلي أيضا، من خلال خلق أزمات تشغلهم وتبعدهم عن تفاصيل القضية، ومن بين هذه الأزمات؛ إشعال فتيل الجبهة الجنوبية مع “قطاع غزة”، من خلال شن عدوان قادر على تأجيل الملف لفترات لا تقل عن 5 أشهر على الأقل؛ بداعي انشغال رئيس الوزراء في ملفات تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي “حرب”. علما أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعداً في لهجات العدائية للقادة العسكريين الإسرائيليين تجاه غزة. ومن الممكن ارتفاع مؤشرات قيام حرب على غزة، في حال كانت نتائج التحقيقات تذهب باتجاه إدانة رئيس الحكومة نتنياهو، مما سيدفعه إلى شن هجوم دموي على غزة. يعطل من خلاله أو يبطئ إجراءات التحقيق؛ وكذلك إرضاء التعطش الدموي الإسرائيلي اليميني للدم الفلسطيني. كما تبقي سوريا ولبنان حاضرة أيضا في ذهنية القادة العسكريين بغرض استهدافهم إذا اقتضت الضرورة لذلك.
ثانيا: ما يمتلكه نتنياهو لدى أوساط القادة والنخب والمواطنين الإسرائيليين، باعتباره امتداداً للقادة العظام لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وأنه يتمتع بشخصية كريزماتية قوية. وهو ما يدفع الأحزاب اليمينية الإسرائيلية إلى التمسك به والتستر عليه، والدفاع عنه إذا لزم الأمر. وذلك لاعتبارين؛ الأول: مكانة نتنياهو والحرص على بقائه كرمز لهم ولدولتهم. أما الثاني: فخشيتهم من المجهول فيمن سيخلف نتنياهو، في ظل تناول استطلاعات الرأي أن الشخصية السياسية التي ربما تخلف نتنياهو سيكون “يائير لبيد” رئيس حزب” يوجد مستقبل”، وهذا الأمر قائم بقوة.
ثالثا: حرص النخب الإسرائيلية، على استقرار النظام السياسي الإسرائيلي، مع وصول الرئيس الأمريكي الجديد “ترامب”، والمتوقع منه أن يقدم هدايا جوهرية واستراتيجية لدولة الاحتلال.
رابعا: من المتوقع أن لا يكون لتهم قضايا الفساد التي يتعرض لها نتنياهو أثر كبير لدى أوساط الشارع الإسرائيلي. وذلك لأن نتنياهو دائما يقدم نفسه كقائد واقعي وليس مثالي. والواقع أن الفساد في أوساط القيادة صار شائعاً لدى عامة الشعب الإسرائيلي بعد تعرض العديد من القيادات الإسرائيلية لتحقيق قبل ذلك. وهذا ربما ما دفع رئيس المحكمة الجنائية الإسرائيلية ” مئير شمغار”، للحديث عن قضايا الفساد والاخلاق في أوساط الحكومة الإسرائيلية، بقوله ” ان إسرائيل تحتل المرتبة 26 الأكثر فسادا في العالم، ويجب علينا محاربة الفساد والتضييق عليه.
أخيراً: وبعيداً عن مجريات قضايا الفساد التي يتم التحقيق فيها مع أعلى هرم في النظام السياسي الإسرائيلي، والمتمثل في منصب رئاسة الوزراء، ومآلاتها وتداعياتها؛ إلا أنه يمثل تعبيراً حقيقياً عن الفصل بين السلطات، واستقلالية ونزاهة القضاء الإسرائيلي. فرئيس الحكومة لا يشفع له منصبه وإنجازاته ولا علاقاته، ولن يكون للموساد والشاباك ومؤسسات الجيش أي دور في تعطيل التحقيقات أو تغيير مساره. بل على العكس يتم التحقيق مع رئيس الحكومة من شابَّين ربما أنهيا تعليمهما حديثا. يسألونه فيجيب بدون مماطلة أو تهرب. نموذج سياسي وقضائي تفتقده العديد من الدول العربية للأسف.
للتحميل من هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى