الاصداراتدراساتمتفرقات 1

قائمة الإرهاب الإماراتية

470

اعتمد مجلس الوزراء الإماراتي قائمة تضم ثلاث وثمانين هيئة ومنظمة، وصفتهم الإمارات بالإرهاب، ويأتي ذلك تطبيقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (7) لعام 2014م، والذي أصدره رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وقرار مجلس الوزراء بشأن نظام قوائم الإرهاب، الذي أوجب نشر هذه القوائم في وسائل الإعلام المشتركة؛ من أجل الشفافية وتوعية كل أفراد المجتمع بخطورة تلك المنظمات. وقد سبقت السعودية دولة الإمارات بثمانية شهور بإعلان قائمة تضم منظمات اعتبرتها إرهابية، وإن كانت هذه القائمة أصغر بكثير من قائمة دولة الإمارات، التي أوجدت حالة من الاستقطاب حولها بين مؤيد ومعارض. فمن جهة تقول الإمارات ومؤيدوها أن العالم وصل إلى مرحلة أصبحت ممارسة الإرهاب عملاً يومياً، يروع فيه الجميع من مواطنين ودول، وبالذات في العالم العربي والإسلامي، حيث بات الإرهاب يهدد بزوال دول، ويحاول بناء كيانات جديدة على أنقاض تلك الدول، خلافاً للقانون الدولي، ورغماً عن إرادة المواطنين. وأن هذه المنظمات والهيئات إما أنها تقوم بالإرهاب بشكل مباشر،أو تدعم بشكل ما هذا الإرهاب، وهي بذلك تتعاون مع حملة دولية لاستئصال شأفة الإرهاب أيَّن كان من يمارسه، وأيَّن كان دينه.
في الجهة الأخرى، يدَّعي معارضو هذه القائمة بأن سلوك دولة الإمارات هذا، قد قسم العالم العربي والإسلامي، وأعطى فرصة للدول الغربية وبالذات الولايات المتحدة، لتقوم بالتضييق واضطهاد المسلمين، بالذات الذين يقيمون في الدول الغربية، وأعطتهم ذريعة لتجديد هذه الإجراءات، بدعوى أن الدول العربيةأصبحت أكثر تشدداً في التعامل فيما يخص الشأن الدعوي والخيري الإسلامي. وربما يكون جزء من غضب الشارع العربي والإسلامي على هذه القائمة؛ أنها جمعت بين أحزاب ومنظمات وهيئات إسلامية متباينة، حيث أنها توزعت على قارات العالم، وجمعت بين (بوكو حرام) في نيجيريا التي تمارس القتل والخطف، وكذلك القاعدة والدولة الإسلامية في العراق والشام من جهة، والإخوان المسلمين الذين لم يكن العنف جزءاً من منهجهم في التعامل السياسي من جهة أخرى. بل إن الأمر ازداد وتجاوز الحد، وتم المزاودة حتى على الدول الغربية والولايات المتحدة في مكافحة ما يسمى الإرهاب، حينما تم الزج ببعض المنظمات الإسلامية التي تعمل في الغرب بقائمة الإرهاب الإماراتية، ومنها على سبيل المثال مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية(care)، والجمعية الإسلامية الأمريكية، حيث تعمل هذه المنظمات بما ينسجم مع القوانين والقواعد الأمريكية، وهناك أيضاً من المنظمات الرابطة الإسلامية في فنلندا، والرابطة الإسلامية في السويد، وكلتاها تعملان بهدوء منسجمتين مع القواعد المتبعة في الدول التي تعمل بها. وربما تشوش الآن القائمة الإماراتية على وجود وعمل هذه المنظمات. ولم تكتف بالمنظمات بل قامتبإدراج بعض الشخصيات العامة كمفتي عُمان الشيخ الخليلي، حيث أوجد ضمه للقائمة حالة من الغضب في المجتمع العُماني اتجاه دولة الإمارات. ولم تكن الإمارات ذاتها بمنأى عن حالة الذهول من هذه القائمة، عندما تم إدراج منظمة (care) التي ذكرناها سابقاً التي يدعهما حاكم دبي ذاته، حيث أنه اشترى الأرض التي أقيمت عليها المنظمة هدية منه. هذا إن دل على شيء، إنما يدل على التسرع في إصدار القائمة، وعدم التمحيص بكل محتوياتها. كما أنه يعطي مؤشراً على عدم تدفق المعلومات بشكل سليم، لكل صناع القرار في دولة الإمارات. وقد تم أيضاً إدراج بعض التنظيمات التي تقاوم دكتاتورية وإجرام النظام السوري في هذه القائمة، مثل: (حركة أحرار الشام الإسلامية)، (ولواء التوحيد)، اللذَين يتبعان للجبهة الإسلامية، والتي تنسق معهم تركيا لإدارة بعض المعابر على حدودها المشتركة مع سوريا.
إن هذه القائمة أثارت تساؤل واستهجان الكثير، الذين تساءلوا لماذا ضمت القائمة كثيراً من الهيئات والمنظمات الإسلامية السنية، ولم تضم إلا بعض المنظمات والأحزاب الشيعية، وغاب عن القائمة التنظيمات الشيعية الأكثر تطرفاً مثل حزب الله اللبناني، الذي أصبح دوره الإجرامي معروف في سوريا للقاصي والداني، وكذلك لم تتضمن حزب الدعوة العراقي الذي يتزعمه المالكي، الذي سخر الدولة العراقية -طوال ثماني سنوات التي كان فيها المالكي رئيساً للوزراء- لقتل السنة واضطهادهم وتهجيرهم، بل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك ليتساءل، لماذا لم يتم وضع الحرس الثوري الإيراني الذي يحتل الجزر الإماراتية الثلاث في الخليج العربي التابعة لإمارة أبو ظبي ذاتها وهي( أبو موسى، وطنب الصغرى، وطنب الكبرى)؟.
 
 
وربما تكون الإجابة على كل هذه التساؤلات من مؤيدين لهذه القائمة ومعارضين لها في ثلاث سيناريوهات، وإن اختلفت أوزانها في الدفع لإصدار هذه القائمة:

  • السيناريو الأول:

التماشي مع التوجه العالمي لمحاربة ما يسمى الإرهاب، وفي الحقيقة عندما يذكر في الإعلام الإرهاب، يقصد في الغالب العنف الذي يمارسه بعض الإسلاميين دون التمحيص في جذوره. من المعروف أن الإمارات باتت وجهة سياحية ومادية واستثمارية لها اعتبارها في جميع أنحاء العالم، وهي بذلك تتماشى مع التوجهات والتيارات السائدة في العالم، وبالذات الغربي منه؛ لتستطيع المحافظة على الزخم في التنمية لديها، والمحافظة على علاقاتها وارتباطاتها وتحالفاتها الغربية، لذلك كان من الصعب التملص وعدم إصدار هذه القائمة؛ لأن ذلك سيضر بأركانها السياسية كدولة، وباقتصادها وبمقبوليتها السياسية لدى الغرب، ويهدد تحالفاتها معهم، ويضر بتدفق رؤوس الأموال والسياح.

  • السيناريو الثاني:

الانسجام مع المكونات الديموغرافية للإمارات، فمن المعروف أن المواطنين الذين يحملون جنسية دولة الإمارات، باتوا أقل من (10%) من سكان الإمارات، والبقية هم من شتى بقاع الأرض ومن أديان ومعتقدات وثقافات متباينة. كل ذلك يفرض عليها أن تكون دولة ليبرالية منفتحة على العالم، نعم هي دولة عربية إسلامية، لكنها في واقع الحال دولة متعددة الثقافات، وذات طابع كوزمووليتاني. وليس من تطلعاتها تكريس الوجه الإسلامي تماماً، ولا هي تبحث عن أي دور لنفسها في العالم الإسلامي، بل إنها باتت تشبه هونغ كونغ أو سنغافورة، حيث تتشابه مشاكلهم وتطلعاتهم ومخاوفهم بالذات مما بات يسمّى(الإرهاب)، ولا يضير الإمارات أن تشارك في الحرب عليه.
 
 

  • السيناريو الثالث:

إعادة التموضع في المنطقة، حيث أنه نتيجة أوضاع دولة الإمارات السابقة، هناك من يرى أنها بدأت تخطو باتجاه إعادة تموضع سياسي، وإن كان بطيء الحركة على المدى القريب، ولكنه في المدى المتوسط والبعيد سيتم ملاحظته بشكل واضح، حيث أنها كما غيرها بدأت تلاحظ أن موازين القوى في المنطقة بدأت تميل بقوة لصالح إيران، وكيف أن إيران بدأت تسقط العواصم العربية واحدة تلو الأخرى، (حسب تصريح أحد القادة الإيرانيين عن صنعاء بأن رابع عاصمة عربية تسقط بيد إيران بعد بيروت ودمشق وبغداد). لذلك نجد أن هذه القائمة في مجملها قد يكون لها صدى إيجابي في إيران، حيث إنها تضم كثير من التنظيمات التي تكن عداء سافراً لإيران. وبذا تكون دولة الإمارات غير معنية بفتح أي صراع، أو المشاركة بأي تحالف على المدى المتوسط والبعيد ضدها، أو يصطدم مع مصالحها وربما تكون هذه القائمة إحدى رسائل أبو ظبي لطهران.
ويبدو أن هذه القائمة التي وجدت صدى طيب في مصر تحديداً، وفي كثير من العواصم العربية بشكل علني أو ضمني، بدأت تتسع، حيث تم اعتقال نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن، (زكي بني ارشيد) بعد إصدار القائمة بفترة وجيزة، ومن الواضح أن هذه القائمة سيكون لها ما بعدها، سواء في الإمارات أو في العالم العربي أو في المنطقة.
 

وفي النهاية يبقى السؤال الذي لابد أن يُطرح:

,,ما هو الإسلام الذي يمكن أن يتم قبوله سواء على المستوى الدولي أو الإسلامي والعربي؟! ،،

للتحميل من هنا

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات © 2016

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى