الاصداراتترجمات

ظلٌّ روسيّ على الحياة السياسية البريطانية

في ٨ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٨، عُرضت لوحة في شوارع لندن تُظهر وجه فلاديمير بوتين وهو يرحب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت).

في تقريرٍ صدر يوم الثلاثاء ٢١ تموز/يوليو في لندن، كشف تحقيقٌ برلماني حول التدخل الروسي في الحياة السياسية للبلاد عن ظلالِ هذا التدخل، دون أن يُلقي الضوء بشكلٍ واضحٍ عليه، حيث يشير التقرير إلى المعلومات التي لا يعرفها، أكثر من التفاصيل التي كشف عنها.

لكن عندما لم تتمكن اللجنة البرلمانية من جمع أدلةٍ قويةٍ على تدخّل موسكو، ألقت باللوم على الحكومة لأنها قلّلت من مخاطر هذا التدخل بشكل كبير، وطالبت اللجنة بفتح تحقيقٍ موسع.

لم يُقدّم التقرير الذي انتظره الجميع بفارغ الصبر والمؤلَّف من ٥٥ صفحة أي استنتاجاتٍ دقيقةٍ ونهائيةٍ بشأن النفوذ الروسي في المملكة المتحدة، خاصّة خلال حملة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لعام ٢٠١٦، ومع ذلك يقول المقرّرون إنه من الواضح أن روسيا حاولت التأثير على استفتاءٍ آخر، هو الاستقلال الإسكتلندي في عام ٢٠١٤.

بشكلٍ عام، تُصرّ لجنة المخابرات والأمن (ISC) على انعدام جدّية داونينغ ستريت (الشارع الذي يسكن فيه رئيس الحكومة وبعض الوزراء) في تقييم التهديد الروسي.

كما أبدت اللجنة أسفها لأن هذا التدخل الروسي أصبح مؤخّرًا “أمرًا طبيعيًّا ومقبولًا”، يُذكر أن هذا التقرير كُتب قبل عام، ووُضِع على الرّف، حتى أنّه تمّ انتقاد حكومة برويس جونسون في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لأنّها رفضت نشره قبل انتخابات ١٢ كانون الأول/ديسمبر.

التدخّل الروسيّ المُحتمل في ٢٠١٦:

يطلب التقرير أن تقوم أجهزة المخابرات في التحقيق في التدخل الروسي المحتمل في عام ٢٠١٦، وبالتحقيق في نشر فرضيةٍ غير مهنية في مثل هذه الأعمال.

في هذا المجال، يعتقد النّواب أنّهم لم يكن لديهم الوسائل اللازمة للحصول على فكرةٍ دقيقةٍ عن هذه الأنشطة الروسية، وبالتّالي فهم يُبدون أسفهم أنه عندما استُجوِب MI5/المكتب الخامس‏ أو المخابرات الحربية، حول هذا الموضوع، زوّدهم بنصٍ يتألّف من خمسة أسطرٍ فقط.

أثناء تقديم الوثيقة، أعرب النائب العمّالي كيفان جونز عن أسفه لعدم جدّية الحكومة، الأمر الذي يتناقض بشكلٍ صارخٍ مع استجابة الولايات المتحدة للاشتباه في التدخل الروسي في الحملة الرئاسية لعام ٢٠١٦.

كما استَبعدت الحكومة بالأمس القريب ضرورة إجراء تحقيقٍ جديد، وقدّر المتحدث باسم رئيس الوزراء ثقته في “صحة” الاستفتاء على مغادرة بلاده الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك أكّد أن روسيا “أولويةٌ مُطلقةٌ بالنسبة للأمن القومي”.

يصف التقرير روسيا أنها قوّةّ معادية، وتشكّل تهديدًا عالميًّا على شكل تجسسٍ وهجماتٍ إلكترونيةٍ وتدخّلاتٍ انتخابيةٍ وغسيل أموالٍ قذرة، ويقول التقرير إن “روسيا تَعتبر المملكة المتحدة أحد الأهداف الغربيّة الرئيسة للاستخبارات”.

وبالحديث عن “لندن غراد”، تعتقد الوثيقة أنّ الحكومة “غضّت الطرف” ورحبت بالأوليغارشية الروسية و “بأذرعٍ مفتوحة”، الأمر الذي سمح لهم بإعادة تدوير الأموال غير المشروعة من خلال “المغسلة الآلية” في لندن.

كانت هذه الأموال ستعمل أيضًا على تعزيز نفوذ روسيا داخل المؤسسة البريطانية، حيث يُفترض أن ترحب جميع شركات العلاقات العامة والجمعيات الخيرية والمصالح السياسية والجامعات والمؤسسات بهذا العطاء، كما سيتم عن طريق الأموال دمج رجال الأعمال المقرّبين من فلاديمير بوتين في النسيج الاقتصادي للبلاد.

من جانبها ندّدت وزارة الخارجية الروسية ب “روسو فوبيا”  في التقرير، وأكد الكرملين مرةً أخرى أن “روسيا لم تتدخل قط في العملية الانتخابية لأي دولة في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”.

قراصنة:

يأتي نشر هذا التقرير في خلفية موجة بردٍ خطيرةٍ بين لندن وموسكو، فقد اتَّهمت السلطات البريطانية الأسبوع الماضي روسيا أنها أرادت التدخل في الانتخابات التشريعية في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

كما أكد تحقيقٌ حكومي أن روسيا قد حصلت بشكل غير قانوني على وثائق حول اتفاقيات التجارة الحرّة المقترحة مع الولايات المتحدة، وذلك قبل تسريبها على الإنترنت.

في الوقت نفسه اتَّهم المركز القومي للأمن السيبرانيالتابع لحكومة المملكة المتحدة أجهزة المخابرات الروسية، باستخدام قراصنة الإنترنت في محاولةٍ لسرقة بيانات البحث عن اللقاحات والعلاجات لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم.

تجدر الإشارة أخيرًا أنّ العلاقات بين البلدين استمرّت في التدهور منذ تسمّم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال في عام ٢٠١٨.

آرنو دو لا غرانج/لو فيغارو ٢١ تموز/يوليو ٢٠٢٠

الرابط الأصلي من هنا

“الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات“

جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات©2020 



مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى