الاصداراتالدراسات الاستراتيجيةترجمات

إسقاط الطائرة الأوكرانية: خطأٌ قد يكلّف إيران غاليًا

باعترافه بإسقاط الطائرة بوينج الأوكرانية  -عن طريق الخطأ- والذي خلّف ١٧٦ قتيلًا أثار النظام الإيراني موجةً من الغضب داخل البلاد.

هل سيُعيد هذا الخطأ الذي ارتكبه الجيش الإيراني إحياء التوتر الدولي من جديد؟ هذا في الوقت الذي بدأ ينخفض فيه التصعيد بين واشنطن وطهران بعد العملية الأمريكية التي قُتل فيها سليماني.

بشكلٍ بديهي لا، فحسب تحليلٍ لعالم الجغرافيا السياسية باسكال بونيفاس مدير معهد (IRIS ) للعلاقات الدولية الاستراتيجية “لا يتمّ تحديد أجندة الحرب لدى ترمب من خلال الخسائر التي تكبدّها الكنديون أو الأوكرانيون، ولكن فقط من خلال الخسائر الأمريكية”.

في مأساة طائرة بوينج ٧٣٧ الأوكرانية لم يتضرّر بالطبع أي أمريكي من بين الأشخاص ال١٧٦ الذين قضوا في هذه الحادثة، ولكن مع ذلك يمكن أن يستخدم ترمب حادثًا دوليًّا كهذا “لمعاقبة” إيران مرةً أخرى عندما يرى فائدةً من ذلك.

يُشير بونيفاس في هذا السياق إلى عدم وجود أي مصلحةٍ لترمب في ذلك “على العكس فلديه مصلحةٌ شخصيّةٌ وانتخابيّةٌ في الحفاظ على الهدوء”.

في الواقع لم تكن ردود فعل الولايات المتحدة الأمريكية أبدًا مفرِطة، إذ ربّما لدى الأمريكيين أسبابهم في عدم إضافة تصعيدٍ جديدٍ خاصّةً وأنّ لديهم هم أنفسهم سابقةً في إسقاط طائرةٍ مدنيّةٍ إيرانيّةٍ عام ١٩٨٨.

يبدو أنّ هذا الإجراء الذي يُدين إيران _ولكنّه يتجنّب شيطنتها_ تشترك فيه معظم الحكومات بما فيها الكندية والأوكرانية. كما أنّ استعداد الملالي غير المسبوق بتحمّل المسؤوليّة _مع إلقاء جزءٍ منها على ظهر ترمب_ واللعب على وتر الشفافيّة قد قلّل على الأقل حتى الآن احتمالية اندلاع حريقٍ جديد.

الغضب والاستياء:

لكن في داخل البلاد ترتفع أصوات الانتقاد وبشكلٍ قاسٍ جدًّا في وجه النظام، بل وتستهدف هذه الانتقادات بشكلٍ مباشرٍ الباسديران (الحرس الثوري) الذراع العسكري الذي يسمح للملالي بالسيطرة على البلاد.

خرج الإيرانيّون هذا السبت إلى الشوارع مرةً أخرى وألقوا باللوم على الحرس الثوري: إذا كان لا بدّ من “الثأر” فكان يجب أن يستهدف الأمريكيين لا أن يضرب مواطني دولٍ أخرى أو حتى إيرانيين (كانوا موجودين على متن طائرة بوينج المنكوبة).

يتابع باسكال بونيفاس حديثه: “بعد فترةٍ من المعارضة الشديدة للنظام، وجدت إيران نفسها في حالة إجماعٍ وطني تمّ التعبير عنها بشكلٍ خاصّ خلال جنازة سليماني، لكن هذا ما لم يدم لأنّ حالة السخط والغضب والاستياء الداخلي أصبحت الآن أقوى من قبل”.

كان لدى إيران وبشكلٍ واضح هبةٌ غايةٌ في الروعة في يدها، لكنّها الآن تجد نفسها مَهينةً مجبرةً على الاعتذار والتعويض مستقبلًا.

“أبطال” حرب الأمس الذين ما فتئوا يتحدثون عن “انتصاراتهم” على من قالوا أنهم جهادييو الدولة الإسلامية في سورية والعراق، في حين “لم يكن الأعداء الحقيقيون والأبديون للشيعة الفرس إلا السنّة وليس التنظيمات المتشدّدة”.

يبدو أنّ الحرس الثوري أصبح فجأةً غير قادرٍ على التعامل مع بطاريةٍ من الصواريخ المضادة للطائرات، وممّا يُثير الاستغراب أكثر أنه كما يقول مدير معهد IRIS  “يُفترض أن يكون باسدران جيشًا حقيقيًّا وليس ميلشيات بسيطة كما هو الحال بالنسبة للانفصاليين الأوكرانيين الموالين لروسيا الذين أسقطوا طائرة بوينج الماليزية عام ٢٠١٤”.

باختصار، وعلى الرغم من مهمتهم المفترضة في “حماية بلادهم وتصدير ثورتهم” فإنّهم على العكس من ذلك أضعفوا البلد، ممّا يُثير الشكوك حول فعاليتهم العسكرية.

على هذا الحال ربما لن يكون الأسف المعلن لأمير حاجي زاده قائد ما يسمّى بالقوة الجَوفضائية التابعة للحرس الثوري كافيًا لتفادي الأزمة، ولن يكون كافيًا كذلك في تسوية الحسابات داخل النظام.

هنري فيرنيت لصحيفة لوباريزيان ١١ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٠

http://www.leparisien.fr/international/boeing-ukrainien-abattu-une-erreur-qui-pourrait-couter-cher-a-l-iran-11-01-2020-8234034.php



“الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات“

جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات©2020 



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى