الاصدارات

بانوراما (في أحداث تشرين1 /أكتوبر 2021مِـ).

إيران: ١ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١

نَشرتْ إيران يوم الجمعة في الأول من تشرين الأول /أكتوبر، وحداتٍ مدرّعة ومدفعية وطائراتٍ مسيرة، ووحداتِ حربٍ إلكترونية على طول حدودها مع أذربيجان، وأظهرت طهران تحركاتها على أنها “تدريب عسكريّ”، وركّزت على ذريعتها التقليدية “وجود إسرائيل وداعش”، برغم أنّ التعاون بين أذربيجان وإسرائيل ليس جديدًا.

أذربيجان التي استغرب رئيسها المناورات، كانت قد فرضت فور استعادتها الجيب الإقليمي (ناغورني كارباخ) قيودًا جمركية على الشاحنات الإيرانية، ما اعتبره الإيرانيون عائقًا أمام مصالحهم في تأمين طرق التجارة إلى أرمينيا والقوقاز. وهو ما قد يفسر الخطوة الإيرانية التصعيدية.

ومع هذا فليس من مصلحة طهران تهديد علاقاتها الجيدة مع باكو، ولدى البلدين – فيما هو ظاهر على الأقل – حرص على التعاون المشترك، إلا أن التوتّرات الحدودية الحاصلة أخيرًا ما هي إلا بداية للتأثير على مناطق بجنوب أذربيجان، بحيث تكون موقعَ حكمٍ ذاتيّ ولائي تُعطل به إيران طرقَ إمدادٍ دوليّة.

وأيًّا ما كانت الرسائل الإيرانية، فإن حربًا مباشرة بين الطرفين لن تحصل؛ لأن هدوء المنطقة حاليًّا ضرورة لأسباب تتعلق بموقع الحدث، وإمكانية استخدامه في تهديد مصالح دول عدّة، حيث يمكن عن طريق أذربيجان تهديد الأمن الحيوي لقوى  منها:

  • إيران، لقرب أذربيجان من العاصمة طهران، ومن مناطق ذات حساسية قومية (الأقلية الأذرية).
  • روسيا، بالضغط على أهم منشآتِ ومنابع النفط ومشاريع الطاقة الروسية.
  • شرق البحر المتوسط، ما يثير مخاوف روسيا وإيران وتركيا؛ لأن أنابيب نفط قزوين تعبر من أذربيجان.
  • إسرائيل، حيث يوجد على الأراضي الأذرية كثير من المواطنين والشركات الإسرائيلية، بعد أن شجعت تل أبيب – بدعمٍ من موسكو – الهجرة العكسية لليهود الروس إلى أذربيجان.

في المحصلة، برغمَ تبنّي إيران مليشياتٍ ولائية، وَارتكابها أعمالًا عدوانية في الشرق الأوسط، فإنّها لن تورط نفسها في حرب مباشرة مع أيّ طرف؛ لأنها لا تزال تُعاني آثار حربها على العراق 1980-1988مِ.

اليابان: ٤ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١

يحكم الحزبُ الليبراليّ الديمقراطيّ اليابانيُّ البلادَ منذُ عام ١٩٥٥، عدا خسارته المحدودة لثلاثة أعوام بسببِ اتهامه في قَضايا فساد ابتدأت عام ٢٠٠٩، وَانتهتْ ٢٠١٢، بعد أن عاد لِيستحوذ على الأغلبيّة البرلمانيّة بِدعم من تحالفات سابقة أسّسها مَع أحزاب منها “كوميتو البوذيّ”. هذه التحالفات سهّلتْ في ٤ من تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١ على الحزب الحاكم انتخابَ /فوميو كيشيدا رئيسًا لِحكومةٍ ضمّت تشكيلة وزاريّة لِعشرة وجوهٍ جديدةٍ، في حين بقيت الحقائبُ السياديّة الأهمّ؛ مثل: الدّفاع، وَالخارجيّة، فِي أيدي وزراء سابقين.

أمامَ كيشيدا مهامّ داخليّة تصلُ إلى درجة كونها “تحديات”؛ مثل إدارة التّعافي الاقتصاديّ بعد كوفيد-19، وقيادة الحزبِ الحاكم فِي الانتخاباتِ النيابية المقرّرة نهايةَ تشرينِ الأوّل /أكتوبر ٢٠٢١، حيث سيحافظُ الحزبُ وائتلافُه على السّلطة، في حين سَيخسر بعضَ المقاعدِ نتيجةَ عدم قبولِ الشارع الياباني طريقةَ استجابةِ الحكومة السّابقةِ للوباء.

الشأنُ الخارجيّ يشكّل تحدّيًا أكبرَ ليكشيدا، فيما يخصّ علاقات وتحالفات وتهديدات دولٍ إقليمية وقوى عظمى.. وأهم ما يواجه رئيس الوزراء الجديد هو:

1-      قلقٌ قديمٌ جعلَ اليابان تُعزّز دفاعاتِها، حيث سيتمّ افتتاح قاعدةٍ عسكريةٍ جديدة بنظامِ دفاعٍ صاروخيّ أرض-بحر فِي مجموعة جزر سينكاكو، التي تبعد فقط ٣٠٠ كم عن ساحل تايوان، مَع زيادةِ طوكيو الإنفاقَ العسكريّ أكثر من ٦٪ ليصلَ إلى ٥٠ مليار دولار بحلولِ ربيع ٢٠٢٢.

المهمّ هنا: ضمنَ تفاهماتٍ مع أمريكا والغرب، تخرقُ اليابان اتّفاق وقف إطلاق النّار، والمادة ٩ من دستور البلاد المفروض أمريكيًّا بعدَ الحربِ العالميّة الثانيّة، التي تَحظرُ استخدامَ القوّة في النّزاعات الدوليّة، وتمنعُ الاحتفاظَ بقواتٍ مسلحةٍ نظامية، بلْ قوات دفاعٍ ذاتيّ. يُذكر أنّ رئيسَ الوزراءِ الأسبق شينزو آبي طلبَ من البرلمان تعديلَ هذه المادة ولم يتحقق مراده.

2-      مهامّ معقّدةٌ أوكِلت لوزيرِ المالِ الجديد شونيتشي سوزوكي، لا تتعلّق فقط بإدارةِ أزمةِ ما بعد كوفيد-١٩، بل هناك مساعٍ يابانيّة لحفز شركاتها بمبالغ مالية كبيرة (تصل إلى ملياري دولار) للخروجِ من السّوق الصينيّة، وإدارة مشروعاتٍ اقتصاديةٍ مشتركةٍ مع روسيا فِي جزر الكوريل التي تشكّل موضوع نزاعٍ قديمٍ بين البلدين.

3-      ولليابان كذلك نزاعٌ موروثٌ معَ كوريا الجنوبيّة حول جزر داكيشيما (تسمّيها كوريا جزر دوكدو)، بالإضافةِ إلى قضيةٍ عالقةٍ هي اتّهاماتٌ باستغلال اليابان نساءً كوريات جنسيًّا خلال الحرب العالميّة الثانيّة.

4-      هناك كذلك توترٌ شديدٌ بين طوكيو وبكين حولَ جزرِ سينكاكو (تسمّيها الصّين جزر ديايو)، القريبة من ممراتٍ استراتيجية، والمهمّة باعتبارها موقعَ صيدٍ غنيًا ومكانًا خصبًا برواسبِ النفط، بالإضافةِ إلى نزاعٍ حولَ حقولِ غازٍ شرق بحر الصّين، يدّعي كِلا البلدين ملكيّتها، كذلكَ ما تتّخذه الصّين من مواقفَ عسكريّةٍ خطيرةٍ فِي المنطقة مؤخّرًا يثير قلاقل اليابان.

من كلّ ما سَبق، نجد أن اليابان تحتاج دعمَ روسيا لها فِي قضاياها العالِقة التي تخصّ توتراتٍ قائمة مع دولٍ مجاورة، ومخاوفَ اندلاعِ حربٍ في بحرِ اليابان ومضيقِ تايوان، وكذلك مساندتها فِي تطويرِ برنامجٍ نوويّ قادم.

بالمقابل، لا تريدُ روسيا أيّ حالة عداءٍ مع اليابان، كلّ ما تطالبُ به هو اعتراف طوكيو بروسيّةِ جزرِ الكوريل، وهذا سيحصلُ فِي حال اتّجهت الأحداث إلى تحالفٍ يابانيّ روسيّ.

سورية: ٧ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١

شاعتْ أحاديثُ وتنبؤاتٌ حولَ إعادةِ رفعت أسد إلى سورية  في ٧ تشرين الأول /أكتوبر 2021، بعدَ ٣٦ سنةً قضاها فِي حياةٍ فارهةٍ بين فرنسا وَإسبانيا وَغيرهما.

غادرَ رفعت أسد سورية عام ١٩٨٤ إثرَ محاولته الانقلاب عَلى شقيقه حافظ، بعدَ جرائمَ وَمجازرَ قتل النظام خِلالها آلاف السوريين، لتبرزَ حقائقَ مهمّة تتعلق بِسيرتِه وَمغادرته البلاد، ثمّ إعادته:

1-   غادرَ رفعت سورية بصفقةٍ سوفييتيةٍ فرنسية، وأُعيدَ إليها باتفاقٍ بينهما أيضًا، حيثُ تَرعى كلتا الدولتين “روسيا وَفرنسا” النّظام، وَعموم المصالح الوجوديّة لِلطائفة العلويّة، وَمنها بل في مقدمتها استمرارها في السيطرة على الحكم في سوريّة.

2-   زياراتُ رفعت لسورية لم تقتصر على محطاتٍ متقطعة، مثلَ موت والدتِه أو ابن شقيقه باسل، بل تردّدَ عليها بشكل دوريّ، على الأقل حتى عام ١٩٩٦، ليرعى وَيدير شبكات خارجة على القانون، تنشط بين الشرق الأوسط، وَبلدانٍ أوروبيّة، خاصّة فرنسا.

3-   عندَ مغادرته سورية عام ١٩٨٤، نهبَ رفعت البنكَ المركزيّ، فانحدرتْ قيمة العملةِ المحليّةِ فورًا (مِن ٣.٩٥ إلى ١٨ ليرة مقابل الدولار الأمريكي عام ١٩٨٥، ووصلت ٤٢.٥ بداية في عام ١٩٩٠)، ذلكَ مع استمرارِه وَشقيقه في نهب العملاتِ الأجنبيّة بالبلاد، وإدارةِ شبكاتِ مضاربةٍ مالية، أدّت إلى ندرة القطع النقدية الأجنبية في سوريا، برغم ادعاء النظام أنّ انحدارَ سعرِ الصرف سببه فقط عقوبات أمريكية فُرضت حينها.

4-   جُنِّد رفعت لصالح مخابراتٍ أجنبيّة – منها الفرنسية والرومانية – خلالَ الحربِ الباردة مقابل المال، وقدّم لها خدماتٍ مؤثّرة.

5-   يُشتبه بارتكابِ رفعت أعمالاً عدائيةً ضَربتْ لبنان، أحدُها دعم عمليةِ اغتيالِ رفيق الحريري[1].

6-   الصفقةُ الروسيةُ الفرنسيةُ بِإعادة رفعت فُرضتْ على بشار، لغرض ترتيب البيت العلوي داخليًا.

أمّا الجهات الطائفيّة الداخليّة التي وافقت على استقطاب رفعت، فإنها تُدرك أنّه مريض مهزوز مُسنّ، نهايته حتميّة سواء بِالتخلُّص منهُ مقتولا أو موته طبيعيًا.

إنّ ثقلَ آلـ أسد الذي تعترف بهِ باقي عوائل الطائفة، يزداد ضعفًا وتفكّكًا، ما يمهّد لِتغير واسع داخل النطاق الأوّل في حماية النظام.

وعليهِ، فإن كلّ ما يُروَّج حولَ “هروبِ” رفعت مِن فرنسا، ورغبةِ بشار وإيران بعودتِه “لإنقاذِ قدرات البنك المركزيّ المتهالكة بإعادتِه مالًا منهوبًا”، ليسَ إلا محضَ تزييف، يُراد بهِ تبييضَ صفحةِ باريس والنّظام.

بولندا: ٨ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١

قضت المحكمة الدّستورية في بولندا، الجمعة الثامن من تشرين الأول /أكتوبر، بـ “تَعارُض” بعض مواد معاهدات الاتّحاد الأوروبيّ مع دستور البلاد، في قرارٍ تاريخيّ يهدّد وجودها ضمنَ دولِه.

أصبحت بولندا اليوم أقرب للخروج من الاتحاد الأوروبيّ (بوليكست /على نمط بريكست بريطانيا)، ما يحقّق رغبةً عاجلةً أو مؤجلة لدولٍ وقوى عالميّة عدّة، مِنها:

1-   بولندا والمجر والتشيك: أبدتْ الدول الثلاث مرارًا إرادتها البقاء ضمنَ الجسم الأوروبي، عكسَ رغبتها الحقيقية؛ خاصّة مع وصول الشعبويين للحكم؛ إذ إنها لن تواجه قواعدَ الاتّحاد صراحةً؛ لأنّها أكبر مستفيدٍ من الأموالِ الأوروبية حاليًّا.

2-   إسرائيل: ترى وجودَ بولندا ضمن الاتّحاد عائقًا أمامَ ممارستها ضغوطًا لِاستعادة أملاكٍ يهوديّة صودرت أثناء الحرب العالمية الثانية؛ خاصةً بعد قرارٍ قضائي بولندي يمنع المطالبة بِالملكيات المنزوعة إداريًا منذ 30 سنة وَأكثر.

3-   روسيا: دعمُها حكوماتِ أوروبا الشرقيّة الشعبويّة يضعف الاتحاد، وَيُعيق قراراتٍ أوروبيّةً ترتبط بِنشر الناتو منظوماته الدفاعيّة في البلطيق.

4-   الاتحادُ الأوروبيّ: عزل بولندا يمكّن الاتّحاد من نشر منظومات دفاعيةٍ لِلناتو في نطاقها الشماليّ، وَكذلك جنوبي البلطيق.

لكن الاتحاد الأوروبي المتردّد والمأزوم، يؤجّل حاليًّا خروجَ بولندا؛ لأنه ينتظر نتائج انتخابات دولٍ أوروبية – بينها فرنسا وألمانيا – يحتمل أن تأتي بيمنيين للحكم، كذلك يراقبُ الاتحاد الانسحاباتِ الأمريكيةَ، ليطوّر استراتيجياتٍ موحّدة كقوةٍ تنافس الولايات المتحدة والصين.

لبنان: ١٤ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١

حوّلت أحداثُ الطيّونة ١٤ من تشرين الأوّل /أكتوبر مسارَ تحقيقِ انفجارِ مرفأ بيروت – ولو مؤقتًا – إلى اتجاه آخر، تتبادلُ فيهِ قوى لبنانيةٌ اتهاماتٍ حولَ مسؤوليةِ الاشتباكاتِ التي وقعتْ على ذاتِ خطّ تماسِ طليعةِ الحربِ الأهليةِ ١٩٧٥، الأمرُ الذي جعلَ الحادثةَ غيرَ اعتياديةٍ فِي موقِعها، وَطرفيها (شيعة “حزب الله وَ”حركة أمل”، ومسيحيين “حزب القوّات”)، بالإضافةِ إلى وجودِ “طرفٍ ثالث” لم يُصرَّح بهويّته بعد.

استمرّ الاشتباك بضعَ ساعاتٍ في سياقِ محاولة “حزب الله” تعطيل التحقيقِ في قضيّة انفجار مرفأ بيروت، بهدفِ كسبِ الوقت وَبسطِ مزيدٍ مِن نفوذه على القضاء كما هو حال باقي مفاصل دولة لبنان؛ ولأنّ أزمةَ البلاد خارج أيّ حلّ داخليّ ستزداد معها وتيرةُ الاستقطاب الخارجيّ، وستعملُ قوى دوليّة على الاستفادةِ مما يحصل لتعزيزِ وجودِها ومصالحها؛ خاصّةً روسيا.

يعيشُ لبنان أشدّ حالات الكساد فِي تاريخه، حيث يتعرّض لأزمةٍ تتلوها أخرى:

•        اقتصاديّة: ولّدت كارثة ماليّة أفقدت الليرة ٩٠٪ من قيمتها.

•        صحيّة: وصول الانهيار درجةَ عجز المستشفيات عن توفير مستلزمات العلاج.

•        اجتماعيّة: الفقر وانتشار الجريمة والاتجار بالمخدّرات والأعضاء البشرية وهجرة شرائحَ مِن أصحاب العقول ورأس المال.

•        قضائية: محاكمُ وتحقيقات دولية ومحلية معطّلة وبلا جدوى، بلْ وتنتجُ عنها أزمات أخرى.

•        انفجارُ مرفأ بيروت خلقَ أزمةً سياسيّة جاءت بحكومة ميقاتي بعد ثماني محاولات لتشكيل حكومة.

هذه مجموعةُ كوارث لبنانية تَستعصي على الحلّ، وإن استمرّت فلن تضع البلادَ على حافّةِ حربٍ أهليّةٍ فحسب، بل تكادُ تُخفي لبنانَ – الدولة –  مِن الخريطة الدولية.

السودان: ٢٥ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١

أحكم الجيش في السودان قبضته على الدولة بعد إجراءاتٍ قام بها يوم الاثنين ٢٥ من تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٢١، حيث قُطّعت أوصال العاصمة، وأوقفتْ الرّحلات الجوية، كما اقتيدَ عددٌ مِن أعضاء مجلس الوزراء ومسؤولونَ مدنيون آخرون إلى جهةٍ مجهولة، بهذا يقودُ الفريق أوّل عبد الفتّاح برهان ما اعتبرته أطرافٌ دوليّة انقلابًا سادسًا في تاريخِ السّودان المستقل منذُ انقلاب اللواء إبراهيم عبود سنة ١٩٥٨.

لم يكن تحرّك برهان مفاجأة؛ خاصّة بعد تفاقم الأزمات منذ ٢٠١٩ بين شقّي المجلس السيادي؛ إذ تركّزت نقاط الخلاف فِي رفض العسكريين تسليمَ البشير لمحكمة العدل الدوليّة، ووضع شروط لنقل السّلطة المقرّر تشرين الثاني /نوفمبر المقبل، كذلك تعثُّر المدنيّين بملفاتٍ لها وزنها في الشارع، مِن بينها إدارة إجراءاتِ تقشّفٍ فرضها صندوق النقد الدولي، وضعف الاستجابة لاضطراباتٍ أظهرت عدم قدرتهم على القيادة، مثل أزمة إغلاقِ أفراد قبيلة “البجا” ميناء بورتسودان بداية شهر تشرين الأول /أكتوبر.

يُسيطرُ الجيش السودانيّ على قطاعاتٍ اقتصاديةٍ واسعة في البلاد، حيثُ يُقدّر عدد الشركات المملوكة لجهاتٍ عسكريّة أو أمنيّة بـ ٢٥٠ شركة معفاة من الضّرائب، تعمل في مجالاتٍ صناعيّةٍ مختلفة، من تعدين الذّهب، والاتصالات، والبنوك، والإنشاءات، وتربية الحيوانات، وعليه تشكّل المؤسسة العسكرية منذ استقلال السودان عام ١٩٥٦ دولةً داخل الدولة، فهي إذًا غير قابلةٍ لإدراك وجود حُكمٍ مدنيٍّ في البلاد.

وبرغم الرّفض الدولي لما يحدث في الخرطوم، والمطالبات المستمرّة باحترام العمليّة الانتقالية، إلّا أنّ مصالح معظم الدّول تلتقي عندَ إجراءات الجيش السودانيّ الأخيرة، في بلدٍ تتنافس عليه قوى إقليميّة ودوليّة اقتصاديًّا واستراتيجيًّا؛ خاصّة على موانئ البحر الأحمر. لكن سيطرة الجيش لا تعني استقرارَ البلاد، بل ستتفاقم الأزماتُ، ما يزيدُ معاناة أبناء الشعب السوداني، ويهدّد أَمنَ ووحدة السودان ودول الإقليم الأخرى.


[1] https://bit.ly/3BaA36t

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى