أخبارفعاليات

الملتقى الحواري الشبابي الثامن

الجمهورية الثانية" الأمن القومي التركي بين الواقع الدولي والطموح الداخلي"

تمهيدًا لإعلان انطلاق منتدى برق الاستراتيجي بنسخته الأولى، وتحت عنوان “الجمهورية الثانية ..  الأمن القومي التركي بين الواقع الدولي والطموح الداخلي”، نفَّذ برق الاستشاري يوم السبت 21- يوليو/تموز-2018م، الملتقى الحوار الشبابي الثامن والأخير في مدينة اسطنبول التركية، بمشاركة الدكتور سعيد الحاج، والدكتور الأكاديمي سمير صالحة، بالإضافة إلى مشاركة رئيس وحدة الأبحاث في مركز برق الأستاذ محمود إبراهيم المؤيد.

تناول الملتقى ملفات السياسية التركية الجديدة “داخلياً وخارجياً” التي طرأت عقب انتخابات 24-يونيو/حزيران 2018م، التي تُعتبر الأولى من نوعها منذ تأسيس الجمهورية التركية في 1923، كونها حوّلت نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي.

وشارك الباحثون بثلاث أوراق بحثية، خُصصت الأولى لِـ “د. سعيد الحاج” وتناول فيها شكل النظام الرئاسي المعتمد وفروقه عن نظام الرئاسة السابقة بالإضافة إلى أبرز التحولات الداخلية التركية في مجالات (الاقتصاد- الجيش-المجتمع) معتبرًا أن الانتخابات الأخيرة التي شهدتها تركيا لها أهمية وخصوصية بآن واحد معاً، أولها ملاحظة نشوء تحالفات بين الأحزاب التركية بشكل متناسق، والثانية أن نتائج الانتخابات التي جاءت على عقب -ما اعتبره الحاج- نجاحات تركيا في ملفات الأمن والاقتصاد والسياسية، أثمرت دلالات مهمة لخّصها الحاج في أربع دلالات كما التالي:

الدلالة الأولى تكمن في عدم خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات طيلة ستة عشر عاماً، وهي دلالة ذات أثر رمزي على حزب العدالة والتنمية، والثانية تضمنت في نتائج الانتخابات التي أفرزت خريطة جديدة لعمل البرلمان بشكل يختلف عن عمله في النظام السابق، والدلالة الثالثة، صعود الحزب القومي بقوة، وحفاظه على حضوره الذي سيمكنه من وضع بصمة سياسية في مستقبل تركيا الجديدة، أما الرابعة فقد أشار لها بقوله على رغم تراجع شعبية “حزب الشعوب الديمقراطي” لكنه دخل البرلمان وهو أمر مهم  سيظهر تداعياته في مستقبل تركيا.

وفي نهاية الورقة تطّرق “د. الحاج” إلى الفوائد التي يرجوها حزب العدالة والتنمية من النظام الرئاسي الجديد، بالإضافة إلى استشرافه دوري المؤسسة العسكرية، والملف الاقتصادي الذي اعتبره ملف تركيا الأول في سلسلة نجاحات سابقة عبر استقطاب الرئيس “رجب طيب أردوغان” لشخصيات ذات تاريخ حافل في المجال الاقتصادي.

 فيما تضمنت الورقة الثانية المقدّمة مِن “د. سمير صالحة” شكل النظام الرئاسي التركي الجديد وانعكاساته على السياسية الخارجية، و ملفات تركيا في منظومة الأمن القومي، والسياسات الإقليميّة، مشدِّدًا على ملف الأمن القومي التركي ، على اعتبار أنَّ من يملك القوة في هذا الصدد هو في النهاية من يفرض قوانينه وشروطه ولا يقدمها للمناقشة، وذكر صالحة أن تركيا اقتبست  منذ عامين مصطلح “الرد أو الأمن الاستباقي” وأعادت طرحه من جديد في حربها على الإرهاب وهو ما أدى إلى غضب غربي على تركيا.

كما توقف د. صالحة على موضوع النظام الرئاسي الجديد معتبرًا أنّ تركيا تعيش اليوم مرحلة انتقالية تحت سقف البرلمان والذي بدأ مؤخراً بطرح آلية تنفيذ النظام الرئاسي الجديد، مضيفاً أنه من المبكر الحديث عن رسم استراتيجية سياسية تركية خارجية ثابتة قبل نهاية المرحلة الانتقالية، لكنه ربط أي طرح تركي جديد في السياسية الخارجية بقوة ونجاح داخلي، بمعنى آخر الداخل التركي هو الذي سيقدم عملية دفع لأي سياسية خارجية تركية مستقبلاً على حسب قوله.

واعتبر د. صالحة أن طرح أي سياسية خارجية لأي دولة تتضمن نقاش سير العلاقات الدولة مع دول الحلفاء والجوار وإجراء عملية دراسة وتقيم حتى يتم من خلالها النفاذ إلى رسم معالم سياسية خارجية جديدة، لذا على تركيا أن تُعيد النظر في تحديد الاستراتيجيات في علاقاتها مع الاتحاد الأوربي ودول البريكس وروسيا وأمريكا واسرائيل.

 في حين قدّم الخبير في استراتيجيات الأمن والدفاع محمود ابراهيم المؤيّد في الورقة الثالثة مفهوم التحول التركي إلى نظام رئاسي في سياق تاريخ نشوء الدولة التركيّة، واستشراف دورها المستقبلي داخليًّا وخارجيّا، وسلط المؤيد في حديثه الضوء على التحولات التي تمر فيها تركيا واعتبرها أنها ليست خاصة بتركيا وحدها بل تمس منظومة الشرق الأوسط كاملة مستدلًّا بربط التغيرات الحالية في سياقها التاريخي وفاعليتها في الأزمات الدولية كالحرب الكورية، وحرب البوسنة والدور الذي قامت به القوات التركية فيها وأدّى نجاح العملية السياسية فيها.

وأعاد المؤيد النظر في مشهد انقلاب تموز 2016م، الذي أحيا حقبة زمنية لمئة عام سابقة، رابطًا بين الأسباب التي أطاحت سابقاً بالسلطان “عبد الحميد الثاني” والتي تمحورت على خلاف في الصلاحيات، وبين مسودّة الإصلاحات الدستوريّة التي طرحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.

كما أكد المؤيد على أهمية و موقع تركيا الاستراتيجي وعمقها المرتبط مع الداخل العربي، ليترك الباب مفتوح أما تساؤل هل تركيا مستقرة اليوم لتضع قرار عودة صلاحيات بيد رجل واحد؟.

واختتم المؤيّد ورقته البحثية بنظرة استشرافيه عما ما يُعانيه محور “الشرق” بالأخص دولتا العراق وسوريا، سيما بعد معارك بعشيقا وسهل نينوى، وكذلك حلب مضيفًا أن ما جرى في العراق _مِن سيطرة مليشيات مدفوعة إيرانيًّا على سهل نينوى_ ُيعيدنا مرةً أخرى إلى ما قبل الخطوط التي رسمتها معركة “جالديران” قبل أكثر مِن خمسة قرون. كما أغنت نقاشات ومشاركات السادة الحضور، موضوع الملتقى وأضافوا قيمة معرفية جديدة بأسئلة مركزة ومدروسة فتحت الباب أكثر أمام مواضيع ستكون محل اهتمام لاحق ” لِـمركز برق الاستشاري” وفي نهاية الفعالية تم تكريم الباحثين بدروع قدمها لهم رئيس مجلس حكماء برق، الدكتور “مازن شيخاني”، بالإضافة إلى شهادة شكر قُدمت لِـ طلبة الجزائر الذين ساهموا في التنظيم اللوجستي للفعالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى