الاصداراتمشاهد

ما بين الخلافات الصومالية الكينية وتطبيع العلاقات

أعلنت الصومال وكينيا الجارتان تطبيع العلاقات بينهما مؤخرًا، وحملت هذه الخطوة دلالات حول توجه البلدين لإنهاء ملفات خلافية استراتيجية بينهما بشكل غير متوقع، واحتواء تصعيد بدأت بوادره منذ تقسيم الدول الاستعمارية دولَ القرن الإفريقي إلى صومال غربي لصالح إثيوبيا، وإقليم إنفدي (NFD) لصالح كينيا، وصومال فرنسي وهو دولة جيبوتي، وصومال إيطالي، وصومال بريطاني، ما فصل شعوب هذه المناطق عن بعضها في ظل سياسات استعمارية تهدف لزراعة القلاقل والخلافات لتكريس الحدود السياسية.

 وبعد استقلال الصومال أيضًا عام 1960 توسعت نواة الانقسام بين دول القرن الإفريقي، عبر تمرير قرارات فرضها الاستعمار قبل انسحابه تهدف لتثبيت حالة الانقسام مثل وضع شروط تحول دون انضمام جيبوتي إلى الصومال مستقبلًا، لتزيد بذلك التباينات في توجهات دول القرن الإفريقي ودول شرق وسط إفريقيا والتي تضم دول إثيوبيا وكينيا والصومال وجيبوتي وتكون حائلًا أمام إنشاء علاقات دبلوماسية بناءة تعود بالنفع على تلك البلدان.

وبالعودة للصومال فإن دبلوماسيتها الخارجية لا تتسم بالتوازن بحكم تعدد دوائر صنع القرار فيها والنزاع السياسي على إدارة السلطة التنفيذية بين الولايات والمناطق وأهمها حكومة ولاية “جوبا لاند” المتاخمة للحدود الكينية والتي تعتبرها حكومة العاصمة الصومالية مقديشو غير شرعية سياسيًا وتتصاعد بينهما الخلافات بين حين وآخر، خصوصًا وأن الأخيرة تحظى بدعم من كينيا وتحاول تسلم زمام القرار السيادي في الصومال، ما عمق من أثر المواقف السلبية بين مقديشو وكينيا. لذلك يثار التساؤل بعد إعادة تطبيع العلاقات بينهما عن إمكانية انعكاس هذه الأجواء الإيجابية على الداخل الصومالي بإيجاد صيغ تفاهم بين حكومة مقديشو وحكومة جوبا لاند ما يؤدي إلى تحقيق استقرار داخلي ولو كان جزئيًا في البلاد خصوصًا وأن التنظيمات المتَّهمة بالتطرف كحركة شباب المجاهدين لا تزال تنشط بقوة في تلك المنطقة وتعمل على استغلال حالة الفوضى السياسية التي يعيشها الصومال لتكثيف أنشطتها.

القضايا الخلافية بين البلدين

تعتبر قضية الحدود البحرية المشكلة الرئيسية بين البلدين، حيث تطل كل من الصومال وكينيا على المحيط الهندي وتتنازعان على منطقة بحرية غنية بحقول النفط والغاز وتبلغ مساحتها حوالي 142 ألف كم مربع. وبدأت ملامح الأزمة عام 1979 عندما أعلن الرئيس الكيني الأسبق دانييل موي من جانبه المنطقة البحرية باعتبارها تابعة لكينيا.

وفي عام 2009 قام البلدان بتوقيع مذكرة تفاهم _ وحينها كانت الصومال تشهد مرحلة انتقالية على خلفية الحرب الأهلية التي حدثت آنذاك_ تقضي بإعادة ترسيم الحدود البحرية مع كينيا وكانت هذه القضية جزءًا من وثيقة “خارطة الطريق لإنهاء المرحلة الانتقالية الصومالية”([1]).

بالمقابل رفض البرلمان الصومالي عام 2011 تنفيذ المذكرة معتبرًا أنها: “أداة كينية لنهب مناطق بحرية صومالية وتشكل تهديدًا لسيادة الصومال، وأنها تستغل الضعف الذي تعاني منه الصومال، لما ورد فيها من تحديد سير الحدود البحرية إلى الشرق، وذلك بمحاذاة خط العرض من النقطة التي يلتقي فيها البلدان على الأرض، بينما ترى الحكومة الصومالية أن خط الحدود يجب أن يستمر إلى جنوب الشرق إلى البحر بمحاذاة الصومال”([2]). وكانت خطوة البرلمان هذه ردًا على تدخل كينيا عسكريًا في جنوب الصومال في ذات العام ضمن قوات بعثة الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب وعلى وجه الخصوص تنظيم حركة الشباب المجاهدين التي قامت حينذاك باختطاف وقتل موظفي إغاثة أجانب داخل أراضي كينية ما دفع نيروبي إلى زج قواتها داخل الأراضي الصومالية. ولم يكن هذا السبب المباشر الوحيد إذ أرادت نيروبي حينها كبح التدفق الهائل للاجئين الصوماليين، وفرض سياسة أمر واقع على حكومة مقديشو لتنفيذ مذكرة التفاهم وترسيم الحدود البحرية والسيطرة على المنطقة المائية بالقوة إن اقتضى الأمر، بالإضافة إلى دعم نفوذ ولاية جوبا لاند أمام نفوذ مقديشو وهو ما أدى إلى تعميق الانقسام السياسي في الداخل الصومالي أيضًا([3]).

لم تكتفِ كينيا بالتحرك العسكري، بل قامت أيضًا عام 2012 بطرح ثماني مناقصات بحرية للاكتتاب الدولي من أجل “التنقيب عن البترول، يقع سبعة منها في المنطقة المتنازع عليها مع الصومال. وبدأت شركات دولية القيام بعمليات التنقيب بعد تعاقدها مع الحكومة الكينية، وهو ما أثار غضب الحكومة الصومالية والتي طلبت من الشركات الدولية العاملة في التنقيب في المنطقة المتنازع عليها الانسحاب منها”([4]) والتي كان من أهمها شركة توتال الفرنسية وشركة إيني الإيطالية([5])، ولجأت حينها مقديشو للخيارات الدبلوماسية عبر فتح قنوات تواصل مع نيروبي ومفاوضات من أجل الوصول إلى حل لكن هذه المفاوضات فشلت ما دفع الصومال عام 2014 إلى اللجوء إلى  محكمة العدل الدولية، وتقدمت بشكوى ضد نيروبي، وحتى الآن لم يتم البت بهذه القضية.  

وردت كينيا بإجراءات تصعيدية ضد الصومال، ففي 2015، أعلنت الحكومة الكينية عن خطة لبناء جدار أمني عازل على طول الحدود مع الصومال، لمنع دخول العناصر المسلحة إلى داخل البلاد. وفي وقت لاحق تم منع الرحلات الجوية المباشرة بين مقديشو ونيروبي، وإيقاف منح تأشيرة دخول في المطار لجواز السفر الدبلوماسي الصومالي، وبناء جدار عازل على الحدود بين البلدين. وفي عام 2017 أرسلت نيروبي تعزيزات عسكرية وقوات إضافية إلى الشريط الحدودي ما اعتبرته الصومال انتهاكًا لسيادة أراضيها([6]).

من جهتها حاولت حكومة مقديشو عام 2019 قطع الطريق أمام ولاية جوبا لاند في جنوب الصومال للقيام بأي صفقات تنقيب عن النفط أو الغاز بشكل منفرد مع نيروبي وتعزيز سيادية قرار مقديشو مقابل حكومة لا تعترف بها في جوبا لاند والتي أعيد فيها انتخاب أحمد مدوبي المدعوم من كينيا برئاسة الإقليم لولاية ثانية([7])، وأقر البرلمان الصومالي قانون البترول الجديد والذي يقضي منح حكومات الولايات صلاحيات استثنائية في القطاع النفطي من خلال تمثيلها بـ6 أعضاء من أصل 8 في الهيئة الوطنية للبترول، فضلًا عن إنشاء شركة النفط الوطنية كمخرج من مخرجات مؤتمر تشارك فيه الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وعلى أن البترول ملك جميع الصوماليين الذين تمثلهم الحكومة الاتحادية والولايات الأعضاء فيها. وهدفت هذه الخطوة إلى فتح الباب أمام شركات النفط الأجنبية لبدء مشاريع التنقيب عن النفط خصوصًا في المنطقة المتنازع عليها مع كينيا([8]).

وبناء على ذلك أفادت تقارير إعلامية أن الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ينوي بيع 50 حقلًا نفطيًا يقع بعضها في المنطقة المتنازع عليها لشركات عالمية في مزاد علني في بريطانيا. ما أدى إلى إشعال الأزمة أكثر بين نيروبي ومقديشو وفي رد فعلها أصدرت الأولى بيانًا اعتبرت فيه ذلك عملًا “غير قانوني ويرتقي لعمل عدواني ضد كينيا”. ونفت الصومال من جهتها صحة هذه المزاعم لكن لم يؤدِّ ذلك إلى تخفيف تصعيد الأزمة([9]).

خريطة توضح المنطقة المائية المتنازع عليها

المصدر: AFP مترجمة في صحيفة العرب اللندنية([10])

مسار تطبيع العلاقات

في سياق حالة التصعيد التي ارتفعت في الفترة الأخيرة بين الدولتين، دخلت جهود الوساطة الدولية لفرض تهدئة واحتواء الأزمة، وأسفرت عن توقيع اتفاق بين الصومال وكينيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ينص على تطبيع العلاقات والبحث عن سبل تعزيز العلاقات الثنائية والديبلوماسية بينهما دون التطرق للتفاصيل الخلافية أو ذكر ملامح لحلها([11]).

وكان للجهود الأمريكية والأوروبية الدور الأهم في الوصول إلى هذه المرحلة حيث يرتبط وضع المنطقة بملفات استراتيجية دولية وسباق نفوذ جيوسياسي لبناء قاعدة متينة وصلبة لحماية وتعزيز مصالح ومشاريع مرتبطة بالجغرافيا الإفريقية خصوصًا في القرن الإفريقي وما حوله المطل على البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي، وفيما يلي استعراض لتلك الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة بين الدولتين:

الولايات المتحدة الأمريكية

عمدت الولايات المتحدة إلى الضغط على الصومال من أجل تخفيف أزمة التوتر بينها وبين كينيا، وطلبت من الصومال سحب قضية النزاع الحدودي البحري بينها وبين كينيا من محكمة العدل الدولية، وأوضحت أن موقف واشنطن بشأن القضية يتمثل في حل الخلاف بين البلدين على طاولة المفاوضات، وأنه يجب التركيز حاليًا على أن هزيمة حركة الشباب المتهمة بالتطرف. جاء ذلك عقب إعلان الولايات المتحدة عن تعزيزها لبناء الثقة بين الجانبين والتوسط لتقريب وجهات النظر([12]).

في حين تولي واشنطن أهمية لعلاقتها مع كينيا على اعتبار أن أراضيها تعتبر حاجزًا أمنيًا لمنع مرور النشاط الإرهابي من الصومال إلى وسط إفريقيا، والذي قد يرفع حجم النشاط المتطرف في القارة الإفريقية إذا ما تحقق ارتباط لوجستي وعملياتي بين حركة الشباب المجاهدين وتنظيم بوكو حرام، ويضاف إلى ذلك أن كينيا تمتلك علاقات جيدة مع إسرائيل وقد جرى تعزيزها منذ عام 2016 عندما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة رسمية إلى كينيا تم خلالها توقيع اتفاقيات وأهمها في الجانب الأمني، وعليه فإن الولايات المتحدة ترى أن الحاجز الأمني لحماية أمن إسرائيل يجب أن يمتد إلى وسط القارة الإفريقية والقرن الإفريقي لتعزيز النفوذ الاستراتيجي الإسرائيلي في المياه المشتركة مع القارة الآسيوية من جهة الخليج العربي([13]).

الاتحاد الأوروبي (بريطانيا)

يمتلك الاتحاد الأوروبي خصوصًا بريطانيا مصالح استراتيجية في عمق إفريقيا ولا زالت تمتلك نفوذًا قويًا في عدة دول كانت مستعمرة بشكل خاص من قبل البريطانيين والفرنسيين، وعليه فقد أعلنت الحكومة البريطانية، دخولها في جهود الوساطة بين الحكومتين الصومالية والكينية عن طريق الحوار. وقد أقامت لندن مؤتمرًا دوليًا لدعم الصومال عام 2017، وتعهد الاتحاد الأوروبي خلال المؤتمر بتقديم 200 مليون يورو للصومال ما يرفع قيمة التزاماته هناك إلى 3.7 مليار دولار ما بين عامي 2015-2020. كما تم في مطلع عام 2019 عقد مؤتمر آخر في لندن بشأن بحث مستقبل الاستكشافات النفطية في مياه الصومال الإقليمية الواسعة في المحيط الهندي، وهو ما أدى إلى إشعال الأزمة بين كينيا والصومال لخوف الأولى على مصير ملف المنطقة البحرية المتنازع عليها بأن تقوم الصومال بمنح امتيازات لشركات أوروبية وخصوصًا بريطانيا للتنقيب عن النفط والغاز في الجرف المائي ما يعني عمليًا سيطرة الصومال على هذه المنطقة([14]).

بالتالي فإن التنافس الدولي حول بناء النفوذ في تلك المنطقة لا يزال متصاعدًا ويبدو أن الاتحاد الأوروبي قد فضّل لعب دور الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وفق تفاهمات متأرجحة تمت بين الجانبين تشير إلى وجود اتفاق حول السعي باحتواء الخلافات بين كينيا والصومال وأيضًا دول غيرهما سبقتهما بتطبيع العلاقات كبداية لرفع سوية استراتيجية مكافحة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ومن ثم الانطلاق نحو بناء قواعد صلبة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لحماية مصالحهما مقابل امتداد النفوذ الصيني في القارة الإفريقية وسعيها لاستكمال مشروعها الجيو-اقتصادي الحزام والطريق الذي يربط الصين بإفريقيا مرورًا بآسيا([15]).

“الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات“

جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات©2020 


([1]) “بعد تجدد النزاع على الحدود البحرية .. ماذا تريد كينيا من الصومال؟”. شبكة رؤية الإخبارية، 18-2-2019. https://bit.ly/2D6qtpv

([2]) انظر المرجع السابق؛ ” قراءة في قضية النزاع الحدودي البحري بين الصومال وكيني”. مركز مقديشو للبحوث والدراسات، 20-7-2015. https://bit.ly/2YPUpQO

([3]) “النزاع الصومالي الكيني.. بين السياسة والقضاء الدولي “1-2”. شبكة العين الإخبارية، 8-7-2019. https://bit.ly/2Oyv0Xi ؛ “كينيا ومخاطر تدخلها في الصومال”. مجموعة الأزمات الدولية، 25-2-2012. https://bit.ly/2XBcscM

([4]) “النزاع الصومالي الكيني.. بين السياسة والقضاء الدولي “2-2”. شبكة العين الإخبارية، 8-7-2019. https://bit.ly/35owbPW

([5]) انظر المرجع السابق.

([6]) “بدعمها لرئيس جوبالاند.. كينيا تحاول إلهاء الصومال عن نزاع الحدود (خبراء)”. الأناضول، 19-10-2019. https://bit.ly/2qCtmMj

     “كينيا تدفع “الدماء” ثمنًا لإحلال السلام في الصومال (تقرير)”. الأناضول، 28-1-2019. https://bit.ly/337jbMP

     “كينيا تعزز وجودها العسكري على حدود الصومال”. الجزيرة نت، 23-5-2017. https://bit.ly/2s0u0U4

     “جدار كيني بحدود الصومال يفاقم خلافات الجارين”. الجزيرة نت، 13-7-2015. https://bit.ly/35xyznB

([7]) “إعادة انتخاب رئيس ولاية جوبا لاند الصومالية وسط توتر بين كينيا وإثيوبيا”. رويترز، 22-8-2019. https://bit.ly/2QE0oWR

([8]) “قانون البترول الصومالي الجديد: أبرز مواده والبنود المثيرة للجدل”. مركز مقديشو للبحوث والدراسات، 8-6-2019. https://bit.ly/2rgW3hW

([9]) “أزمة دبلوماسية بين كينيا والصومال.. سحابة عابرة أم بداية قطيعة ؟ (تحليل)”. الأناضول، 19-2-2019. https://bit.ly/2KJepPr

([10]) “محور السلام في القرن الإفريقي ينتصر بتطبيع العلاقات بين كينيا والصومال”. صحيفة العرب اللندنية، 20-11-2019. https://bit.ly/337W7xB

([11]) “كينيا والصومال “تطبّعان” العلاقات بينهما بعد توترات بسبب خلاف قديم”. النهار، 15-11-2019. https://bit.ly/2qn1N9L

([12]) “أمريكا تتوسط في النزاع الحدودي بين الصومال وكينيا”. شبكة العين الإخبارية، 27-6-2019. https://bit.ly/2KIelPU

     “أمريكا تطلب من الرئيس الصومالي سحب قضية النزاع الحدودي مع كينيا من محكمة العدل الدولية”. الصومال الجديد، 22-10-2019. https://bit.ly/334ZAwY

([13]) “نتنياهو من كينيا: إسرائيل قوية جدًا في إنتاج الألبان وإدارة المياه والأقمار الصناعية”. المصري اليوم، 6-7-2016. https://bit.ly/33aPlXM ؛ “صحيفة: كينيا تطوّر علاقتها الأمنية مع إسرائيل”. الجزيرة نت، 5-3-2016. https://bit.ly/2QBTFN4

([14]) “«مؤتمر لندن» يتعهد دعم الصومال أمنيًا واقتصاديًا”. الشرق الأوسط، 12-5-2017. https://bit.ly/2pIgRhO

       “مؤتمر لندن للنفط”.. وسيلة فرماجو لنهب ثروات الصومال”. شبكة العين الإخبارية، 7-2-2019. https://bit.ly/2pEsKW1

([15]) “استراتيجية النفاذ (التوجه الصيني إلى المتوسط عبر سوريّة)”. برق للسياسات، 2-9-2019. https://bit.ly/2O7H7vb

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى