الاصداراتترجماتمتفرقات 1

حوار مع الباحث مازن المصري حول كتابه: ديناميكيات الإقصاء الدستوري: إسرائيل دولة " يهودية وديمقراطية"

اسرائيل دولة يهودية

جدلية (ج): ما الذي دفعك على تأليف هذا الكتاب؟

مازن المصري (ص): إن سؤال الكتاب وهو تعريف إسرائيل باعتبارها دولة يهودية وديمقراطيةيشغلني منذ دراستي للقانون الدستوري في السنة الأولى بالجامعة العبرية. لقد أدهشني كيف يجري التقليل من شأن هذا التناقض عبر استخدام لغة ليبرالية، إذ أن الحُجج والتفسيرات تعرض صورة لا تتماهى مع التجربة المعاشة للكثيرين بما ذلك تجربتي.

تزايد اهتمامي كثيرًا بهذا السؤال عندما كنت أعمل بالقانون في القدس وازداد بشكلٍ أكبر عندما عملت مستشارًا قانونيًا في قضية اللاجئين الفلسطينيين. وعلى الرغم من الافتراضات الضمنية العنصرية للحُجة القائلة بأن اللاجئين الفلسطينيين ( أو على الأقل بعضهم) يجب ألا يُسمح لهم بالعودة لأن ذلك يعني خسارة إسرائيل لغالبيتها اليهودية ولن تُصبح دولة يهوديةبعد ذلك، إلا أنها قُبلت دون نقد من قِبل الكثيرين. بطرق مختلفة، نجد أن السؤال حول معنى الدولة اليهودية يتجاوز القانون الدستوري الداخلي. إذ يُشير هذا السؤال إلى العديد من الأبعاد القانونية والسياسية الخاصة بالصراع الإسرائيليالفلسطيني كما أن له آثارًا محلية وإقليمية ودولية.

وبعد دراسة القانون والعمل به داخل النظام القانوني الإسرائيلي، وبعد مواجهات مختلفة مع ذلك التركيباليهودية والديمقراطية، قررت أن أعكف لبعض الوقت على دراسة هذا التركيب منهجيًا؛ كيف يجري الدفاع عنه وتبريره وكيف يُستخدم في مجمل النظام القانوني. لقد كنت مُهتمًا بشيءٍ ما يتجاوز الحُجة التقليدية القائلة بوجود تناقض بين المفهومين. ما أردته هو فحص التعريف لا بصفته نصًا قانونيًا فحسب، ولكن أيضًا باعتباره منتجًا لعلاقةٍ وثيقة ما بين القانون والسياسة، ما أردته هو فحص التعريف ليس باعتباره تجلي نصي يظهر في القوانين الأساسية والتشريعات وقرارات المحاكم، بل باعتباره أيضًا تجسيدًا وتمثيلًا لأيديولوجية تتولى تشكيل العقل والسياسات والممارسات في قوانين الدولة ومؤسساتها.

ج: ما هي الموضوعات والقضايا والأدبيات المحددة التي يُعالجها الكتاب؟

ص: يفحص الكتاب معنى تعريف: ” اليهودية والديمقراطيةبالتركيز على موضوعين. الأول: هو النظرية الدستورية أو بشكل أكثر تحديدًا فكرة الشعب“. أفحص هنا كيف تساعدنا النظرية أو النظريات الدستورية على فهم التعريف وكشف ضعف التبريرات السائدة؛ استنادًا إلى النظريات الدستورية التي تؤسس الشرعية الديمقراطية للنظام الدستوري على فكرة أن الشعبيحكم نفسه من خلال ممارسة السيادة الشعبية، يقوم هذا الكتاب بفحص النظام الدستوري الإسرائيلي والديمقراطية من خلال معالجة سؤال من هو شعب إسرائيل؟، في هذا السياق نجد أن الشعب هو الذاتفي ممارسة الحكم الذاتي وهو ما يُمثل أحد أكثر الأفكار الأساسية للديمقراطية. أفحص في الكتاب حول من تشمله تلك المفردة الشعبمن خلال منظور النظام الدستوري القائم. إذ أن دراسة مختلف جوانب النظام الدستوري بالتركيز على كيفية توليد السلطة السياسية وممارستها من قبل الدولة وأجهزتها يُمكن أن تساعد في تحديد مصدر السلطة السياسية النهائية التي تُمارس السيادة وتتولى السلطة التأسيسية، وبالتالي من هو الشعب” .

أما الموضوع الثاني للكتاب: فهو عن الاستعمار الاستيطاني وعلاقته بالقانون. تُعتبر إسرائيل نتاجًا للحركة الصهيونية وتتبنى الدولة العديد مما يُمكن وصفه بسياسات استعمار استيطاني حيث تتصرف الدولة باعتبارها أداة لمجتمعٍ استيطاني في صراع ضد السكان الأصليين. وعلى الرغم من الحُجج المقابلة، إلا أنه من الواضح أن ما حدث في التاريخ الفلسطيني على مدار المائة عام الماضية يُلائم التعريف الخاص بالاستعمار الاستيطاني. وبالنظر إلى أن الاستعمار الاستيطاني يُفهم على نحو أفضل بوصفه بنية وليس محض حدث مضى، بل هو مبدأ مُؤسس أو طريقة لتنظيم الدولة والمجتمع لذا فإن منطق الاستعمار الاستيطاني هو المُحرك للدولة المستوطنة حتى وإن تصرفت بطرق مختلفة. في هذا الكتاب، أركز على العلاقة بين الاستعمار الاستيطاني والقانون: كيف يُشكل الاستعمار الاستيطاني تطور القانون الدستوري الإسرائيلي، وكيف يعمل القانون بدوره على إنفاذ منطق الاستعمار الاستيطاني في شكل تأسيس وتعزيز الأمة المستوطنة وإقصاء السكان الأصليين. أعتمد هنا على عمل باتريك وولف حول الاستعمار الاستيطاني، وأطبق بعض أفكار ما يُعرف بـاقترابات العالم الثالث للقانون الدولي” (TWAIL). كما اعتمد أساسًا على عمل أنتوني أنغي، الذي يضع الاستعمار و مهمة الرجل الأبيضفي مركز تطور القانون الدولي. وتسلط مهمة الرجل الأبيضالضوء على الاختلافات بين الشعوب الأوروبية وغير الأوروبية ويُنظر إلى الأخيرة باعتبارها غير متحضرة ومتخلفة وتُبرر استخدام القانون لسد هذه الفجوة. أوضح في الكتاب كيف أن بعض الديناميكيات المماثلة قد تكون مميّزة للقانون الدستوري الإسرائيلي.

استنادًا إلى هذين الموضوعين، أفحص بعض المساحات في القانون الدستوري الإسرائيلي. لقد بدأت بدراسة وثيقة إعلان قيام دولة إسرائيل وناقشت دلالاتها القانونية وسردية الاستعمار الاستيطاني الذي تدعمه. ثم انتقلت بعد ذلك إلى مناقشة قوانين وسياسات الهجرة والمواطنة ودورها في تشكيل الشعب، كما أُبرز أيضًا أهمية هذه القوانين باعتبارها أحد المساحات الرئيسية التي يُكَمِل فيها القانون العنف ضمن عملية القضاء على السكان الأصليين. نُناقش هنا قوانين مثل قانون العودة وقانون المواطنة وهوس الديموغرافيا. ثم يتحول التركيز إلى فكرة التمثيل السياسي الذي يُعتبر مهمًا في تشكيل العلاقة بين الحكام والمحكومين، إذ إن سلطة الحكومة تكتسب شرعيتها من خلال التمثيل. وتركز المناقشة هنا على القانون الأساسي: الكنيست والقوانين الأخرى المرتبطة به التي تُعين التعريف اليهودي والديمقراطي للدولة كشرط للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والمحلية وتسجيل الأحزاب السياسية. وأخيرًا، أفحص الدستور في الممارسة من خلال تسليط الضوء على طرق تشكيل الدستور وتعديله وكيفية سن التشريعات وتفسيرها ومراجعتها من قبل المحاكم والدور الذي يلعبه التعريف اليهودي والديمقراطيفي كل من هذه المساحات.

ج: من هؤلاء الذين تأمل أن يقرأوا كتابك وما نوع التأثير الذي ترغب بأن يتلقوه؟

ص: الكتاب يرتبط بالكثيرين سواء القطاع الأكاديمي أو الجمهور بشكل عام. بوصفه كتاب عن القانون الدستوري فهو مرتبط بخبراء القانون الدستوري المقارن وعلماء السياسة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكتاب هو موضع اهتمام طلاب القانون الدستوري والنظرية الدستورية الذين يهتمون بمسائل الهوية وعلاقتها بالترتيبات الدستورية. وهنا آمل أن يُسهم الكتاب في توسيع نطاق الاشتباك مع القانون الدستوري الإسرائيلي الذي يُهيمن عليه حتى الآن تلك النماذج التي تسلط الضوء على العلاقة بين الأغلبية والأقلية أو نموذج الدولة القومية“. وهذا النهج لا يفسر أو يأخذ في الاعتبار كلًا من الأحداث التاريخية والعديد من سياسات الدولة. فعلى سبيل المثال، لا تأخذ تلك النماذج في الاعتبار العملية التي من خلالها تشكلت كلًا من الأغلبية والأقلية، كما أنها لا تأخذ في الحسبان أن الأغلبية تتألف من مهاجرين جُدد مقارنة بأقلية السكان الأصليين. كما أنها تفشل في تفسير العديد من السياسات المتعلقة بالتحكم في الأراضي والاستيلاء عليها والتمثيل السياسي ومراقبة السكان. إن إضافة المنظور الاستعماري الاستيطاني والعلاقة ما بين القانون والاستعمار يوفر إطارًا أفضل لفهم تطور القانون وتشكيله.

سيجد باحثو الاستعمار الاستيطاني ذلك الكتاب مثيرًا للاهتمام ضمن عملهم، إذ أنه يكتشف العلاقة ما بين القانون والاستعمار الاستيطاني وكيف يعزز ويُحْيِي كلًا منهم الآخر. آمل أن يُحسن ذلك فهمنا للدور الأداتي الذي يلعبه القانون في سياقات الاستعمار الاستيطاني المتمثل في إعادة إنتاج الاستعمار الاستيطاني وإمداده بلغة ليبرالية وستار. وسيكون الكتاب أيضًا مصدرًا أساسيًا للباحثين الأكاديميين والسياسيين والدبلوماسيين والصحفيين الذين يتعاملون مع مختلف جوانب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويودون معرفة المزيد عن التعريف اليهودي والديمقراطيوآثاره.

أثناء كتابة الكتاب، حاولت تجنب اللغة القانونية الرسمية قدر الإمكان، واستخدمت اللغة التي يُمكن أن تكون متاحة لدى القارئ المستنير، في حين أن بعض النقاط التقنية تتطلب حتمًا بعض المعرفة المسبقة ببعض المصطلحات والمفاهيم، إلا أن الجزء الأكبر قد كتبته واضعًا في الاعتبار طيفًا واسعًا من الجمهور. سوف يجد القراء الذين لديهم معرفة أولية نسبيًا بالشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي أن الكتاب يسهل تناولها، وسوف يكون ذو أهمية خاصة لأولئك الذين يعملون في صراعات التضامن السياسي.

ج: ما المشاريع الأخرى التي تعمل عليها حاليًا؟

ص: أنا أعمل حاليًا على مشروع جديد يُكمل بعض موضوعات هذا الكتاب، ولكن يوسعها إلى مساحات أخرى. وبالنظر إلى مدى الترابط الوثيق بين الاستعمار الاستيطاني والقانون، قررت دراسة كيف تُشكل هذه العلاقة القانون الدستوري من منظور مقارن. إنني أتطلع حاليًا إلى النظر في الكيفية التي تتجلى بها هذه العلاقة في دول استعمارية مختلفة، وكيف أن هذه العلاقة لا تزال تُشكل عملية تطبيق القانون العام إلى اليوم.

مقتطفات من المقدمة:

تعتبر قرية عتير أم الحيران الواقعة في صحراء النقب جنوب إسرائيل موطنًا لأكثر من ألف شخص من قبيلة أبو القيعان البدوية. وقد كان الحال كذلك منذ أمرهم الحاكم العسكري الإسرائيلي بالانتقال إلى تلك المنطقة في عام 1957 بعد طردهم من قريتهم الأصلية في أعوام 1948/1949. أم الحيران هي إحدى القرى غير المعترف بها، هي قرية قائمة بالفعل حيث يعيش الناس بها إلا أنه وجود لا تعترف به الدولة. كما أن القرية لا تظهر على أي خريطة رسمية وليس ثمة إشارات تشير إلى الطريق الجانبي الترابي المؤدي إليها. لا تتصل القرية بشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى أن خدمات الرعاية الصحية والتعليم يوجد بالكاد الحد الأدنى منها. لم تحصل القرية على أي اعتراف رسمي إلا ضمن تنظيم الخرائط باعتبارها مساحة مخصصة للهدملإفساح المجال لما سيُصبح مدينة حيران التي اعُتبرت رسميًا مدينة يهودية سيجري بناؤها على الموقع الحالي لقرية عتير أم الحيران، أما بقية المنطقة فهي مخصصة للغابات. وعلى بعد بضعة كيلومترات نجد قرية أخرى غير معترف بها، وهي قرية العراقيب التي يبلغ عدد سكانها 300 شخص. في عام 2010، دمرت هذه القرية وهُدمت جميع مبانيها البالغ عددها 45 مبنى واقتلعت جذور 4500 شجرة زيتون. وقد خُصِصت هذه المنطقة رسميًا للقيام بعمليات التشجير من قِبل الصندوق القومي اليهودي. وقد أعاد سكان القرية بناء بعض الخيام والأكواخ والمساكن العشوائية التي دُمرت فيما بعد. ومنذ يونيو 2016، هدمت وزارة الداخلية قرية العراقيب 99 مرة، وذلك على الرغم من كون سكان هاتين القريتين مواطنون إسرائيليون.

وبمكان غير بعيد عن هذه القرى ثمة مستوطنات فرديةأو مستوطنات أسرية، وهذه المساحات الكبيرة من الأراضي، والتي عادة ما تكون بمئات أو آلاف الأفدنة، تخصصها الدولة لفرد أو أسرة واحدة بغرض محدد هو تنمية الزراعة والسياحة. والواقع أن الهدف الرئيسي هو حمايةأراضي الدولة من السكان العرب، وقد خصصت هذه المساحات للمواطنين اليهود فقط وهي متصلة بشبكات المياه والكهرباء على الرغم من أن معظمها بني بالمخالفة لقوانين التخطيط. وقد صُححت بعض العيوب القانونية بأثر رجعي بموجب التشريع الذي سُن في عام 2010، وعلى غرار القرى غير المعترف بها، فإن سكان هذه المستوطنات (أو المزارع) هم مواطنون إسرائيليون كذلك.

تستخدم الدولة الإسرائيلية القانون وقنواته التي تشمل سلطات التخطيط والمحاكم وأجهزة تنفيذ القانون، لهدم القرى واستبدالها ببلدات أخرى (يهودية). وفي الوقت نفسه، تسن الدولة القانون الذي تستخدمه نفس هيئات التخطيط والمحاكم وهيئات التنفيذ لتبرير وشرعنة منح مساحات شاسعة من الأراضي لمواطنين آخرين. تحدث هذه الأمور على الرغم من القرارات العديدة الصادرة عن المحكمة العليا التي تعلن أن جميع المواطنين في إسرائيل متساوون ظاهريًا. فقد أكد رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية السابق أهارون باراك في أحد القضايا على أن دولة إسرائيل هي دولة يهودية يعيش بها أقليات، بما في ذلك الأقلية العربية. ويتمتع كل من ينتمي إلى هذه الأقليات بحقوق متساوية وكاملة ، وأضاف قائلًا إن المساواة في الحقوق بين البشر في إسرائيل، بغض النظر عن دينهم أو انتمائهم الوطني، مستمدة من قيم الدولة باعتبارها دولة يهودية وديمقراطية“. كيف يمكن للقانون والمؤسسات التي تدعمه وتصدر أحكامًا قضائيًا باسمه، أن تُقصي مجموعة من الناس وتمنح حقوقًا بتملك أراضي مُميزة لآخرين، ثم يُنظر إليها بعد ذلك باعتبارها محايدة ونزيهة ومحققة لمتطلبات المساواة بين المواطنين التي هي جوهر الديمقراطية؟


هذا المأزق هو مثال واحد فحسب على الحالة الغريبة للنظام الدستوري الإسرائيلي الذي تُعرف فيه الدولة بأنها يهودية وديمقراطية“. تتمتع تلك الدولة الموالية للجزء الديمقراطيمن التعريفبعلامات ديمقراطية رئيسية، إذ نجد حكومة تنبثق عن برلمان منتخب ومعظم الحقوق المدنية والسياسية مُصانة بموجب القوانين الأساسية وغيرها من الوسائل مثل القانون العام الإسرائيلي، كما أن نتائج الانتخابات تُحترم دائمًا، بالإضافة إلى أن الجهاز التشريعي يُشرف على أعمال السلطة التنفيذية وللقضاء سلطة مراجعة أعمال الفرعين الآخرين من السلطة. ونجد أيضًا أن المساواة هي رسميًا حق دستوري كما عبر باراك عن ذلك في جملته. ويبدو كذلك أن الهيئات الخارجية تنظر إلى هذه العلامات بشكل إيجابي. ففي عام 2015، صنفت فريدم هاوس( Freedom House) إسرائيل بأنها حرة، وقيمتها بـ ( 1.5) نقطة للحرية، و(2) للحريات المدنية، و(1) للحقوق السياسية وهي الدرجة الأعلى لديها. وفي عام 2010، انضمت إسرائيل إلى منظمة التعاون والتنمية (OECD)، وهي ناد خاص للدول التي تلتزم بالديمقراطية وفقا لميثاقها.

وفي نفس الوقت، تتبنى الدولة العديد مما يُمكن وصفه بسياسات استعمار استيطاني حيث تتصرف الدولة باعتبارها أداة لمجتمعٍ استيطاني في صراع ضد السكان الأصليين. وعلاوة على ذلك، فإن تعريف الدولة اليهودية يعني من بين أمور أخرى، أن الدولة تُشجع الهجرة اليهودية والقومية اليهودية بالإضافة إلى الثقافة والتراث والاستيطان اليهودي، كما تلعب الدولة دورًا خاصًا لصالح المنظمات اليهودية مثل الصندوق اليهودي القومي والوكالة اليهودية. وتؤكد المحكمة العليا كذلك أن هذا التعريف يعني أنه ينبغي أن تكون هناك أغلبية يهودية في إسرائيل، وأن على إسرائيل أن تحافظ على أغلبيتها كي تبقى دولة يهودية. ويمكن التعرف على التمييز ورصدهفي كثير من الحالات باعتباره مسألة قانونية وسياسيةفي جميع جوانب الحياة الإسرائيلية تقريبًا. وترصد عدالة \Adalah، وهي منظمة حقوقية مُكرسة لضمان حقوق فردية وجماعية متساوية للفلسطينيين في إسرائيل، أكثر من 50 قانونًا إسرائيليًا يُميز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. ويبدو أن عدد القوانين في هذه القائمة آخذ في الازدياد.

وهذا التمييز القانوني يتخلل المساحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما نجد في جميع المساحات التي يمكن تصورها تقريبًا، بما في ذلك الصحة والتعليم والدخل والعمالة وتخصيص الميزانية والرعاية الاجتماعية والتنمية، إن وضع المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل سيِّئ ، وفي بعض الحالات أسوأ بكثير من المواطنين اليهود. كما أن الفلسطينيين، الذين يمثلون 20 % تقريبًا من السكان، ممثلون تمثيلًا ناقصًا إلى حد كبير في جميع فروع الحكومة والخدمة المدنية والقطاع العام، على الرغم من التشريعات التي تُنص على ضرورة التمثيل الملائمفي الخدمة المدنية وتلك التي تحمي المساواة في العمالة بوجه عام.

هل لحقيقة أن الدولة تُعرف باعتبارها يهودية وديمقراطيةأي علاقة بهذه المحصلة؟ ماذا يعني هذا التعريف؟ وكيف يستخدم لتبرير بعض الخصائص الدستورية في إسرائيل والنظام الدستوري بشكل عام؟ وما الذي يُخبرنا به ذلك عن طبيعة النظام في إسرائيل؟ يسعى هذا الكتاب إلى معالجة هذه الأسئلة ودراسة معنى (تعريف إسرائيل) والآثار المترتبة عليه بالتركيز على علاقته ببعض جوانب النظام الدستوري مثل السيادة والسلطة التأسيسية وفكرة الشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى