نظم مركز برق للأبحاث والدراسات الجلسة الثانية لمناقشة أفكار الأستاذ مالك بن نبي وذلك ضمن فعاليات منتدى برق الشبابي وبالتعاون مع جمعية الأندلس للعلم والتبادل الثقافي. أشرف على الصالون الأستاذ عيسى يحيى -باحث في علم الاجتماع-، إذ تناول الجزء الثاني حسب الخطة المقدرة للقراءة في كتاب “شروط النهضة” وذلك يوم الجمعة 4 آب/ أغسطس بمقر المركز بمنطقة الفاتح.
راجع الأستاذ عيسى بشكل سريع الجزء الأول من الكتاب والذي ناقش فيه مالك بن نبي دورين في مواجهة الاستعمار وهما الدور البطولي ودور الإصلاح الفكري. ثم تطرق إلى الدور الثالث من أدوار مواجهة الاستعمار وهو دور الوثنية أشار فيه إلى اللفظ القرآني على العرب قبل الإسلام بالجاهلية رغم أشعارهم البديعة إلا أنهم افتقروا إلى الفكر العميق والجهد الخلاّق، وإن كانت الوثنية في نظر الإسلام جاهلية فإن الجهل أيضاً في حقيقته وثنية، لأنه لا يغرس أفكاراً بل ينصّب أصناماً، وشرح كيف انتقلت الجزائر بعد أن كانت تدين بالوثنية رغم إسلامها، إلى أن أتيح للإصلاحيين الإمساك بمقاليد النهضة في الجزائر وكأنها قد بلغت أوجها وانتصرت يوم افتتاح المؤتمر الجزائري عام 1936، وكان يمكن المضي على هذا النحو لو لم يشعر العلماء المصلحون بمركب النقص إزاء القادة السياسيين، إذ تحول الوضع إلى وثنية سياسية والعودة مرة أخرى إلى الأسلوب الخرافي واتجهت الدولة إلى العاطفة في تدبير شؤونها والكلمات الجوفاء في تأسيس سلطانها، والعزوف عن قواعد الاجتماع واسسه.
ثم اتجه مالك بن نبي إلى المستقبل من خلال عدة نقاط أولها من التكديس إلى البناء والتي وصف فيها العالم الإسلامي في تلك الفترة بالمريض المستسلم لمرضه إلى أن سمع من يذكِره به، الأمر الذي دفعه للنهوض في تلك الحقبة، كانت البداية في علاج هذا المرض بالكثير من الدراسات ومقالات الصحف التي تتحدث عن المرض لكن للأسف كانت تفتقر للتحليل المنهجي للمرض نفسه، وعلاج الأعراض فقط، وما كان يجب حينها هو التأمل والتحليل للدلالة الاجتماعية لهذه الحالة التي استمرت نصف قرن.
تطرق مالك بن نبي بعد ذلك للمقياس العام لعملية الحضارة، حيث أن القاعدة في علم الاجتماع ليست حداً صارماُ مثلها مثل علم الرياضة ولكنها مجرد توجيه عام، كما لا يمكن وضع ستاراً حديدياُ بين الحضارة التي يريد تحقيقها العالم الإسلامي والحضارة الحديثة. كذلك أنه ليس من الواجب لكي تنشأ حضارة أن تشتري كل منتجات الحضارة الأخرى فهو يقود في النهاية إلى عملية محالة كماً وكيفاُ.
وفي نهاية الجلسة تم النقاش بشكل مفتوح حول الأفكار المطروحة وكذلك إثارة العديد من التساؤلات، ولا يمكن إغفال الدور المميز للحضور النوعي والذي عمل على إثراء الجلسة بشكل كبير.