الاصداراتمتفرقات 1مقال رأي

الأزمة الخليجية ماذا بعد؟

الأزمة الخليجية ماذا بعد؟
مقدمة
متجاوزين تفاصيل وأدوات الهجوم المستعر الذي تصاعد أواخر الشهر الماضي تجاه قطر من السعودية والإمارات ومن ورائهما مصر والبحرين، فالحقيقة الواقعة أمامنا اليوم أن مرحلة جديدة في الأزمة الخليجية قد فُتحت أو لنقل إن الأزمة شهدت انفجارها الأكبر بعد قرار قطع العلاقات وطرد السفراء وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، وسوف لن تنتهي إلا بحدث فارق ربما يعيد رسم سياسات المنطقة.
في دوافع الحملة
إن المتابع للأحداث منذ بدايتها أواخر الشهر الماضي، واجه صعوبة أولية في فهم ما حصل وما سيحصل، ولربما كان لما يجري خلف الأبواب المغلقة أثره المباشر في محركات الحدث، وإذا ما انطلقنا من الواقع كما هو ظاهر، فإن جملة من العوامل والأسباب فجرت الهجوم على قطر، وهي معطيات متفاعلة ومرتبطة بالوضع الإقليمي بشكل خاص، حيث كانت زيارة ترمب وما رافقها؛ الفاصل الزمني لميعاد الهجوم المبيّت (إن صحت التسمية) بكافة أدواته وتفاصيله، مستفيداً من زخم الزيارة وحالة الوئام الخليجية مع الولايات المتحدة وأهم تلك العوامل:
أولا: سياسات قطر ومواقفها تجاه أحداث الربيع العربي، ودعمها سياسات التغيير، وهو ما أخل بمنظومة عمل النظم السياسية العربية التقليدية، وهي التي باتت ملجأً لقوى ومفكرين فارين من استبداد بلدانهم بمختلف انتماءاتهم الفكرية والأيديولوجية، بما فيهم معارضون سعوديون وإماراتيون.
ثانياً الدور الذي استطاعت أن تصنعه قطر لنفسها في العقدين الأخيرين، مدعوماً بماكينة إعلامية ضخمة كقناة الجزيرة، وقوة ناعمة متعددة الأدوات، نسجت قطر من خلالها علاقات معقدة مع أطراف متناقضة ابتداء من إيران إلى تركيا، وحزب الله وحركة حماس، واستطاعت قطر أن تبني دوراً دبلوماسياً وتأثيراً فاعلاً في قضايا كبيرة في المنطقة، كالملف السوري والعراقي والفلسطيني وغيره، وهو مولّد لشعور مزمن لدى صانع القرار السعودي والإماراتي بالحقد على قطر نظراً  لحجمها الجغرافي وتاريخها السياسي، ونهجها طريقاً لا يتماشى في كل وقت مع الأطر الناظمة لسياسات دول الخليج تقليدياً.
أما العامل الثالث فمرتبط على ما يبدو بتطلعات الجيل الأميري الجديد في الخليج العربي، فمن المعلوم أن محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ومحمد بن سلمان وليُ ولي العهد السعودي، يعتبران المحركين الرئيسيين لسياسة بلدانهم الخارجية، ومدفوعين بهالة قديمة متجددة تعطي المملكة السعودية الطابع الأبوي في الخليج العربي، بحيث تكون المرجع والوصي لشؤون الخليج العربي. وهو ما حاولت السعودية والإمارات كسبه من الولايات المتحدة خلال زيارة ترمب الأخيرة  للسعودية، إضافة لتنسيقهم المفضوح في التعاون مع مؤسسات ولوبيات في الولايات المتحدة في إطار نفس الجهود، واللمز السعودي بضرورة مكافحة دول تدعم “الارهاب” دون أن تسميها خلال قمة ترمب – في إشارة الى قطر- علماً أنه ورغم الانتقادات والاتهامات التي وجهت لقطر، إلا أن الأخيرة لم تخرج عن الإجماع الخليجي في كل الملفات، إلا إذا استثنينا حالة مصر والتي سبق أن كانت سبباً لتأزم العلاقات الخليجية، نظراً للضغط السعودي الإماراتي السابق على قطر للاعتراف بوضع مصر السيسي، فما عدا ذلك فإن قطر على توافق مع باقي دول الخليج في ملفات اليمن وسورية ومحاربة الإرهاب وغيرها من الملفات.
رابعاً: القوة الناعمة بأدواتها المتعددة التي استطاعت قطر خلقها وتوظيفها خير توظيف، في دعم توجهات سياستها الخارجية ورسم صورة مشرقة للدور القطري شرقاً وغرباً. فبالإضافة لقناة الجزيرة التي شكلت منبراً هاماً لثورات ومفكري الربيع العربي وحقوق الشعوب، وعدد من الصحف ومراكز الأبحاث والدراسات والجمعيات والمؤسسات الخيرية والتنموية، يضاف لذلك استقطاب قطر لأعلام الفكر والعلوم في الوطن العربي، ما ساهم بإنتاج فكري عربي حداثي افتقده الوطن العربي منذ عقود، ما بات يساهم بالمجمل بإعادة تشكيل الوعي الشعبي العربي إيجابياً لجهة قضايا الشعوب، ما يعني انقلاباً على المفاهيم والقيم التي لطالما اعتمدت عليها أنظمة القمع العربية في بقائها، إضافة لتمكن قطر من انتزاع حق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 وهو ما يعني مزيداً من الحضور القطري.
ما المطلوب من قطر؟
تبعاً لدوافع الأزمة السابق ذكرها فإن تنازلات كبيرة مطلوب من قطر تقديمها في نفس الإطار لوقف الهجوم الإعلامي والدبلوماسي والاقتصادي الحاصل، وهي تنازلات تتعلق بقرارها السيادي المستقل بكل بساطة، فالمطلوب من قطر اليوم أن تصبح بطريقة ما مشابهة لحالة البحرين، وربما جزر القمر! من طريقة تبعيتها للسعودية ومن خلفها الإمارات، وهذا يعني أنها مطالبة بهدم ما قد بنته لنفسها، سواء في مجال سياستها وعلاقاتها الخارجية ومسكها لملفات متعددة، أو من جهة دعمها لتيارات سياسية وشخصيات معارضة لأنظمة حكمها…  لكن، ما مدى إمكانية استجابة قطر لمثل تلك المطالب؟ ثم ما الذي تملكه قطر لمواجهة هذه الحملة الدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية؟ وماذا عن إمكانية رفض قطر الانصياع للمطالب السعودية الإماراتية؟
إن الإجابة على التساؤلات السابقة نجده في مسار الأزمة منذ بدايتها حتى اليوم، والكيفية التي تفاعلت به داخلياً وإقليمياً ودولياً. فرغم التحشيد الهائل الذي تم ولا يزال تجاه قطر، وعامل الصدمة الأولية وهو ما هدفت إليه الحملة في بدايتها، إلا أنه وبعد مرور حوالي 10 أيام على قرار المقاطعة والحصار وما تبعه، فقد نجحت قطر في استيعاب الصدمة الأولى رغم قوتها، لا سيما مع توالي المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة.
فداخلياً لقيت القيادة في قطر دعماً شعبياً من المقيمين والمواطنين ورجال الأعمال على السواء، كما أن المؤسسات القطرية أثبتت كفاءة بردة فعلها تجاه الأزمة كالخطوط الجوية المدنية القطرية التي سارعت لفتح خطوط الإمداد للسوق القطري خلال ساعات فقط من بدء الحصار، إضافة للثقل الإعلامي القطري المتمثل بقناة الجزيرة وغيرها من الوسائل الإعلامية والصحف وما لها من تأثير واسع في المنطقة والعالم، نقلت وجهة النظر القطرية للخارج، كما استطاعت قطر نقل صورة للعالم الخارجي مفادها أنها تتعرض لحصار اقتصادي وليس مقاطعة كما أرادت الدول المهاجمة تصوير الأمر، وهو ما ساهم بكسب تأييد الرأي العام العالمي خصوصاً لصالح الموقف القطري.
لكن رغم ذلك، لا شك أن أضراراً كبيرة اقتصادياً ستلحق بقطر جراء الحصار الذي تم فرضه، حيث تراجع الريال القطري سريعاً أمام العملات الأخرى، وتراجعت البورصة القطرية، إضافة لأن الطائرات القطرية المدنية بات عليها قطع آلاف الكيلو مترات الإضافية للوصول إلى وجهاتها، ثم إن تكاليفاً متزايدة ستترتب على السبل الجديدة في تأمين الموارد الغذائية للسوق القطري، لكن كل التبعات الاقتصادية يمكن تداركها خلال الوقت، فقطر ليست معزولة عن العالم، فالحملة هدفها سياسي وليس اقتصادي، وما الإجراءات الاقتصادية سوى للضغط السياسي، فالجميع سيتضرر من تبعات القرارات المتخذة، اقتصادياً وحتى اجتماعياً ولو بنسب متفاوتة.
أما إقليمياً ودولياً فيبدو أن التحولات الحاصلة في النظام الدولي جعلت التجاوب مع أي أزمة إقليمية قد تنشأ شديد المرونة من دول الإقليم، وهذا ما ساعد قطر على المراوغة حتى الآن، فهي في الوقت الذي لا تدخر جهداً من أجل دفع أطراف للقيام بوساطات في سبيل حل الأزمة، وتصريحات المسؤولين القطريين بسعيهم لحل الأزمة دبلوماسياً، لكنها في الوقت نفسه تؤكد أن لا تنازلات تخص القرار الوطني القطري، وهذا ما يبدو سبب فشل الجهود الكويتية كأول وساطة في سبيل حل الأزمة، لتأتي بعدها المبادرة المغربية للتوسط في حل الأزمة، فقد بدأ وزير الخارجية المغربي زيارة لدول الخليج في مسعى جديد لاحتواء الخلاف، وكان لافتاً المبادرة المغربية بإرسال طائرة محملة بالمواد الغذائية لقطر، والتي اعتبرها الملك المغربي “واجب ديني ولا علاقة له بالتجاذبات السياسية”، وهو ما أكد الرواية القطرية التي أظهرت الموقف على أنه حصار، خصوصاً أن أغلب المراقبين كان ينتظر اصطفافاً مغربياً إلى جانب السعودية والإمارات في الأزمة الحالية، نظراً للعلاقات القوية التي تربط المغرب بالسعودية والإمارات، وربما تُعزى الخطوة المغربية لحسابات تتعلق من جهة بالموقف الأوروبي، ومن جهة أخرى بالوضع الداخلي المغربي حيث يشهد المغرب تحركات احتجاجية واسعة، دولياً تفاعلت الولايات المتحدة مع الأزمة بموقفين متمايزين، موقف الرئيس ترمب المنتقد لقطر ولو بشكل غير مباشر، ودوافع هذا الموقف واضحة وهي دوافع شخصية في الغالب، وموقف مؤسسات الدولة الأمريكية الرسمية سواء في وزارة الخارجية أو الدفاع الذي يطالب بضرورة حل الخلاف الخليجي، وأن استمراره يعني تقويض الجهود في محاربة الإرهاب، حتى أن وزير الدفاع الأمريكي ونظيره القطري وقعا أمس اتفاقاً لتزويد قطر بطائرات إف15 في صفقة تعادل قيمتها 12 مليار دولار، أما روسيا فلعبت دور الحياد الإيجابي، ويبدو أن زيارة محمد بن سلمان الى موسكو بعيد مغادرة ترمب للسعودية، لم تغرِ الروس في الانضمام لما كان يتم تحضيره تجاه قطر، وأبدت روسيا استعدادها للتوسط لحل الأزمة الخليجية خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية القطري لموسكو الأسبوع الماضي ونتائجها المثمرة.
إقليمياً كانت إيران أولى الدول التي تفاعلت مع الحدث، وكان الاتجاه العام في إيران يميل لصالح الوقوف مع قطر، نظراً للتنافس التاريخي السعودي الإيراني، ولما يميز السياسة الإيرانية باستغلال مثل هذه الأحداث لفرض وجودها السياسي، فقد عبّرت وزارة الخارجية الإيرانية بداية ًعن قلقها من التطورات في علاقات بعض دول الخليج، ودعت إلى حل الخلافات عن طريق الحوار الشفاف وليس بأي أسلوب آخر، وكان حميد أبو طالبي، نائب مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني قد حذر من أن قرار بعض الدول الخليجية ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، لن يساهم في حل الأزمة بالشرق الأوسط. وكتب أبو طالبي، في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع “تويتر”: “عهد التحالفات والشقيق الأكبر قد انتهى وأن الهيمنة السياسية واللعب على الورقة القبلية والأمنية والاحتلال والعدوان لن يفضي سوى إلى زعزعة الاستقرار”[1] كما أبدت إيران استعدادها بمد قطر بكافة احتياجاتها الغذائية والمعيشية، وقد أرسلت بالفعل خمس طائرات و3 سفن محملة بالمواد الغذائية.[2]
أما في قراءة الموقف التركي، فقد دعت تركيا في البداية لضرورة حل الخلافات سلمياً بين دول الخليج، رافضة في الوقت نفسه إجراءات الحصار والمقاطعة التي نهجتها دول الخليج تجاه قطر، وأكد الرئيس التركي أردوغان خلال لقائه وزير الخارجية البحريني الذي زار أنقرة الأسبوع الماضي في سبيل تحييد الدور التركي أن “الأزمة ينبغي أن تُحل قبل عيد الفطر”، كما أكد أردوغان أن “على عاهل السعودية أن يحل الأزمة باعتباره كبير الخليج”[3]، إن تركيا كانت أسرع من بادر بخطوات عملية في خضم الأزمة الراهنة، فخلال 48 ساعة فقط من الإجراءات الخليجية، انتشرت البضائع التركية الغذائية في الأسواق القطرية، وهو ما ساهم بشكل فاعل في التصدي إعلامياً للهجمة، إضافة لقرار نشر 5000 جندي تركي قطري في قاعدة الريان العسكرية في قطر والذي تم تمريره على عجل في البرلمان التركي الأربعاء الماضي، الذي أظهر رسالة تركية واضحة بالاصطفاف إلى جانب قطر بكافة الوسائل، رغم تأكيد الأتراك أن القاعدة تصب في حماية أمن الخليج ككل.
إضافة لذلك توجه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس في زيارة لقطر ضمن الجهود الرامية لحل الأزمة، وسيتوجه الخميس للكويت، والجمعة إلى السعودية للقاء الملك، ضمن الجهود الرامية لإنهاء هذه الأزمة، تسعى حقيقة تركيا في جهودها إلى محاولة الفصل بين الموقفين السعودي والإماراتي، حيث أن الأتراك ينظرون بعين الريبة تجاه الدور الإماراتي، لا سيما أن مسؤولين ووسائل إعلام تركية اتهمت الإمارات أكثر من مرة بالدعم والوقوف خلف الانقلاب الفاشل في تركيا العام الماضي، إضافة لإدراك صانع القرار التركي للفخ الذي تحاول الإمارات إيقاع السعودية فيه في الأزمة الحالية، وإن نجاح تركيا في تخفيف حدة الأزمة الحالية يعني توجيه ضربة لمحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي وسياساته التدخلية في أكثر من مكان خارج حدود دولته. وضمن إطار الجهود التركية، لا تغيب الأنباء عن نية لعقد محادثات فرنسية تركية قطرية مشتركة لبحث الأزمة الخليجية.
أوروبياً كان من الواضح فشل التهم الموجهة لقطر في استمالة الموقف الأوروبي المدرك كما ظهر لحقائق الأمور، ورفض الأوروبيون الإجراءات الخليجية تجاه قطر، واتصالات الرئيس الفرنسي المكثفة مع قادة دول الخليج والمنطقة في إطار المساعي لاحتواء الأزمة.
بالمجمل يمكن القول إن المواقف الدولية والإقليمية ساهمت في دعم قطر لاستيعاب الحملة الهجومية حتى الآن، كما أنه يمكن القول إن السعودية والإمارات قد خسرتا معركة الرأي العام في الأزمة الحاصلة، حتى أن لائحة “الإرهاب” التي صدرت عن الدول المقاطعة لقطر وضمت شخصيات دينية وسياسية ومنظمات سياسية وخيرية كان لها أثر عكسي لما أراد لها واضعوها، إن كل ما سبق دفع بهم للتعامل بمرونة أكثر مع جهود الوساطة الجديدة المغربية والتركية، لمحاولة لملمة ما يمكن من مكاسب قد هدفوا لها منذ بداية الحملة.
ماذا بعد؟
بعد مرور أكثر من عشرة أيام على قرار المقاطعة الخليجية لقطر، وبعد استجلاء المواقف الإقليمية والدولية، فإن زيادة عدد أطراف الأزمة يؤدي بنا إلى صعوبة توقع مسارها، إضافة لما تحمله منطقة الخليج العربي من أهمية جيوسياسية عالية، وما لها من ثقل في الاقتصاد الدولي كونها تزود العالم بأغلب احتياجاته من الطاقة، وإن استمرار الأزمة يعني توتراً سيحل  بالاقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية، وهو ما أشار إليه الروس والأوروبيون بشكل خاص، وبالتالي سنرى جهوداً دولية كبيرة في سبيل إنهاء الأزمة، ليصبح هدفاً عالمياً، خصوصاً مع وجود احتمالات ولو أنها ما زالت بعيدة، لجهة تطور الخلاف نحو الحرب أو نحو استخدام القوة العسكرية من أطراف الأزمة[4]، وإن حساسية منطقة الخليج العربي، ستؤدي نتيجة الأزمة الحالية، وهو ما ظهرت مؤشراته مبكراً، إلى خلط التحالفات الإقليمية والدولية وإعادة صياغتها، فهناك مؤشرات على تقارب تركي إيراني، في إطار علاقات التنافس الإقليمي بين الدول الثلاث (السعودية – إيران- تركيا)، وهو ما قد يدفع لتقارب سعودي-إسرائيلي[5] يعد سابقة في الإقليم  بترتيب أمريكي إماراتي، وهو ما لم يعد خافياً في المشهد الإقليمي.
عربياً، فإن استمرار الأزمة سيجعل العرب الخاسر الأكبر، وسيكون مجلس التعاون الخليجي أولُ ضحايا استمرار الأزمة، فضلاً عن تعقد الوضع في ملفات سورية واليمن وليبيا، تبعاً لحالة الاستقطاب الداخلي والإقليمي للقوى الفاعلة، وهو ما ينذر بمزيد من هدر الدم العربي، وسباقاً في التسلح ستجني الولايات المتحدة ثماره، إضافة لإعادة تشكل محاور إقليمية لن تخدم بأي حال مصالح الشعوب العربية، وستؤدي لاحقاً إلى توترات داخلية في دول الخليج ذاتها، تهدد من استقرارها وأمنها الداخلي بل حتى وجودها مستقبلاً.
إن جميع أطراف الأزمة قادرة على فعل الكثير سلباً أو إيجاباً، وقد تميز الموقف القطري بالهدوء حتى الآن، ولم يقم بأي مبادرات هجومية اقتصادية أو إعلامية ملموسة هو قادر عليها تجاه دول المقاطعة، ولها تأثيرها، خصوصاً في مجال إمدادات الطاقة، لكن ترك المجال للجهود الدبلوماسية في الوقت الحالي سيقوي الموقف القطري دولياً وإقليمياً، إضافة أن سرعة فتح قنوات الاتصال الإقليمية والدولية للمحافظة على استقرار الاقتصاد القطري، سيجعل مجال المناورة أكبر. ويبدو أن العرب رافضين لفكرة الاستفادة من دروس التاريخ، وباتت عصبيات عصور الجاهلية محركاً لسياساتهم، ممهدةً بذلك لزرع بذور الفناء الذاتي، في زمن يعد الأسوأ في التاريخ العربي المعاصر.
لتحميل المقال من هنا
 
 
 

 “الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز برق للأبحاث والدراسات 

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات © 2017

[1]  مواقف طهران المبدئية من الأزمة الخليجية القطرية، روسيا اليوم ، الموقع الاكتروني ، 05.06.2017 روسيا اليوم،
[2] ايران ترسل 5طائرات و3 سفن غذائية  لقطر، فرانس 24، الموقع الاكتروني 12.06.2017 ، فرانس 24
[3] اردوغان يصف الملك سلمان بكبير الخليج، ديلي صباح، الموقع الاكتروني،14.06.2017 ديلي صباح
[4] أحمد الحسين، منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، الأزمة الخليجية 13.06.2017  أحمد الحسين
[5] ملاحظات بشأن الأزمة الخليجية، مروان قبلان، العربي الجديد، الموقع الالكتروني، 14.06.2017 مروان قبلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى