في ٢٤شباط/فبراير أبلغ العضو في مكتب البرلمان الإيراني والنائب عن قُمْ أحمد أمير آبادي فراهاني أن أكثر من خمسين شخصًا لقوا حتفهم في هذه المدينة بسبب فيروس كورونا، وقال إنّ هذه حصيلة الأسبوعين التي سبقت بلاغه، وقدّم النائب قائمةً بأسماء المتوفين إلى وزارة الصحة وإلى المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي ربيعي.
فقد سببت الجهود التي بذلها النظام الإيراني للتستر على المعلومات المتعلقة بالفيروس – لتجنّب امتناع الناس عن المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة- انتشارًا واسعًا للفيروس داخل إيران وفي الدول المجاورة.
لم تكن هذه الجهود هي الأسباب الأولى التي أدت إلى انتشارٍ سريعٍ للوباء، بل يسبقها استمرار رحلات الحرس الثوري الجوية عن طريق شركة ماهان التابعة له إلى الصين.
كانت وزارة الصحة وعلي خامنئي وحسن روحاني وقادة غيرهم على علمٍ جيد بوصول الفيروس إلى إيران قبل شهرٍ على الأقل من الإعلان عنه، ومع ذلك تم إصدار أول توجيه للتعامل معه وعلى مضض في 20 شباط/فبراير.
بناءً على أوامر المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، فقد تمّ تنفيذ عملية إخفاء كبيرة لأي معلومةٍ تخصّ فيروس كورونا، وذلك لضمان المشاركة القوية في ذكرى ثورة 1979 في 11 شباط/فبراير وفي المهزلة الانتخابية في 23 من نفس الشهر، هذا في الوقت الذي انتشر فيه الفيروس بسرعة إلى مناطق مختلفة من إيران وخاصة أنّ الناس ظلّوا في حالة غفلةٍ تامةٍ عن الحقيقة.
لا يوجد أيّ تعاطفٍ مع ضحايا الفيروس:
في خطابه العلني الذي ألقاه يوم ٢٣شباط/فبراير، امتنع خامنئي عن التعبير حتى شكليًّا عن تعاطفه مع ضحايا الفيروس، ودون أن يذكر اسم المرض قال إن كلّ المعلومات المتعلقة به ما هي إلا ذرائع هدفها تحريض الناس على مقاطعة الانتخابات “في اليومين الماضيين تمّ استخدام ذريعة الفيروس والمرض، ولم تترك وسائل الإعلام الخاصة بأعدائنا أدنى فرصةٍ لثني الناس عن الذهاب إلى التصويت حتى لبضع ساعات”.
لكن ما قاله عضو البرلمان والنائب عن قم أحمد أمير آبادي فراهان ينافي تصريحات المرشد، حيث أبلغ في ٢٤ شباط/فبراير عن وفاة ما لا يقل عن خمسين شخصٍ بعد إصابتهم بفيروس كورونا، كان هذا التبليغ ردًّا على نفي الناطق الرسمي باسم روحاني علي ربيعي ونائب وزير الصحة إيرج حريرجي.
أكثر من 3000 شخص أصيبوا بالمرض:
يقول الأشخاص في المناطق المتضررة والأطباء والممرضون أنه بالإضافة إلى طهران وقم، فقَدَ مصابون بالفيروس حياتهم في تبريز وأصفهان ونجف آباد وكاشان وكرمانشاه وراشت وخرم آباد، إذ تتحدث تقارير عن انتشار فيروس كورونا في 19 مدينة على الأقل حتى الآن وعن إصابة أكثر من 3000 شخص بالمرض.
وفي الوقت الذي ألغت فيه معظم دول العالم رحلاتها إلى الصين، استمرت رحلات ماهان للطيران التابعة للحرس الثوري من وإلى الصين بعد 25 شباط/فبراير 2020، ذلك على الرغم من كل النداءات الداخلية والدولية المتكررة لإيقافها، وهذا ما ساهم في الانتشار السريع للفيروس في إيران وفي العديد من الدول المجاورة.
يُذكر أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية قام في تشرين الأول/أكتوبر عام ٢٠١٧ بإعداد تقريرٍ يوضح أنّ كبار المدراء التنفيذيين في شركة ماهان للطيران تم تعيينهم مباشرةً من قبل قاسم سليماني، قائد قوة القدس الإرهابية الذي تمّ القضاء عليه من الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير.
إذًا أصبح من الواضح تمامًا أنّ النظام الإيراني يُخفي المدى الحقيقي لهذا المرض عن الإيرانيين وعن العالم، وأنه ضلّل الرأي العام عن عمدٍ، ولم يتخذ أية تدابير مناسبة للتعامل مع هذا التهديد المتزايد الذي تحوّل إلى وباءٍ خطير.
الحمض النووي للنظام الإيراني:
الكذب والخداع وإخفاء المعلومات موجودةٌ في الحمض النووي لنظام الملالي، فقد أصبح هذا واضحًا عندما ألقى باللوم بداية الأمر عندما تحطمت طائرةٌ أوكرانية في 8 كانون الثاني/يناير على عطلٍ ميكانيكي، إلى أن اضطر مرغمًا أن يعترف بأنها أُسقطت بواسطة صواريخ باسدران، مما أسفر عن مقتل 176 راكب كانوا على متنها، وهذا ما يفعله النظام اليوم يبدأ مرةً أخرى مع فيروس كورونا، ولكن على نطاق أوسع وأخطر بكثير.
لذلك دعت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي الأطباء والممرضات والعاملين بالمشافي إلى نشر معلوماتهم بسرعةٍ من أجل إنقاذ أرواح الناس وإحباط معلومات النظام المخفية والمضللة.
كما أكدت رجوي أنه على الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان إجبار الديكتاتورية في إيران على الإفصاح عن جميع الحقائق والأرقام المتعلقة بفيروس كورونا ونشرها على الملأ وتقديمها إلى المنظمات الدولية ذات الصلة.
حميد عنايات كاتب إيراني مقيم في باريس لصحيفة لا تروبين في ٢٧ شباط/فبراير ٢٠٢٠
الرابط الأصلي من هنا
“الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات“
جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات©2020