بانوراما (في أحداث تشرين2 /نوفمبر 2021مِـ).
إثيوبيا: ٢ من تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢١
تتجهُ الساحةُ الإثيوبيّة نحو الأسوأ بعد تقدّمٍ أحرزته “قوّات دفاع تيغراي / TDF “، بقطعها محاورَ إمدادٍ رئيسةٍ لأديس أبابا وسيطرتِها على مدينتين استراتيجيّتين تبعدان شمال العاصمة حوالي ٤٠٠كم، ثمّ إعلان حكومة إثيوبيا المركزيّة حالةَ الطوارئ في الثاني من تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠٢١، ومطالبتها السكّان بالدفاع عن العاصمة، كذلك دعوة عدّة دولٍ لرعاياها إلى مغادرة العاصمة الإثيوبية.
وما يدورُ في شمال غرب إثيوبيا هو صراعٌ عرقيٌّ متعدّدُ الأطراف، بين أقليةِ التيغراي من جهة، وحكومتي إثيوبيا وإرتيريا من جهةٍ أخرى، حيث تشن “قوات دفاع تيغراي” عملياتٍ عسكريةً ضدّ حكومة آبي أحمد المدعومة من الجيش الأرتيري، التي تُحاولُ من جانبها السيطرة على الإقليم الاستراتيجيّ، الذي يعني انفصاله فقدانَ أديس أبابا سيطرتها تدريجيًّا على باقي الأقاليم، وتصدّع النظام الفيدرالي الإثيوبي الهشّ أساسًا. وبِذلك تَتّجه إثيوبيا كلّها نحو التفكّك، حيثُ يُصرّ قائد عمليات تيغراي على استمرار التقدّم، وفرضِ أقصى ضغطٍ على أديس أبابا، وفتحِ الطريق أمام مكوّناتٍ إثيوبيّةٍ أخرى لِتقريرِ مصيرِها.
وبالتالي، فإنّ طرحَ الحكومةِ المركزيةِ في أديس أبابا مسألة الحكم الذاتي، سيكون أحد الأسباب المنطقية لوقفِ الزحفِ نحوَ العاصِمة، وسيتضمّنُ عرضًا على تيغراي بإقامةِ حكمٍ ذاتيّ موسّع، ثمّ استفتاءً على استقلالٍ تامّ، مقابل تعهّدِ قادة الإقليم عدمَ دعمِ الحركاتِ الانفصاليّةِ في عفار الاستراتيجيّة، التي تشكّل شريانَ إمداد العاصمة تجاه موانئ جيبوتي على البحر الأحمر.
من جانبٍ آخر لا يقلّ أهمية عن هذا، لن توثرَ الحروب على عمليات بناء وتحصين سدّ النهضة، بل ستعزّز السيطرة الروسيّة على المنطقة، في المقابل يوجدُ تهديدٌ أمام المشروع يتمثل في صعوبة التوصّل إلى تفاهماتٍ مع الصين التي تُحاولُ اختراقَ العمقِ الأفريقيّ من إثيوبيا.
ليبيا: ١٤ من تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢١
قدم سيف الإسلام نجلُ الزعيم الليبي السابق معمّر القذافيّ أوراقَ ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية في ١٤ من تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠٢١، بعد أن حقق “جميع الشروط القانونيّة ضمنَ القانون رقم 1 الخاصّ بانتخاب رئيس الدولة”، حسب المفوّضيّة الوطنيّة العليا للانتخابات في سَبْها عاصمة فزان جنوب البلاد، وأحد المراكز الثلاثةِ المعتمدةِ مع طرابلس (غرب)، وبنغازي (شرق)، ذلك قبل إعلانِ نفسِ المفوّضيّة لاحقًا رفضَ ترشيح سيف الإسلام.
ستكون الانتخابات الرئاسيّة الليبيّة المقرّر إجراؤها في ٢٤ من كانون الأول /ديسمبر، الأولى مِن نوعها في تاريخ البلاد، وتتسم بما يلي:
- ترشّح شخصياتٍ لها وزنها، كلّ في منطقته، غرب وشرق وجنوب البلاد، الأمر الذي سيُشتِّت أصوات الناخبين.
- انعدامُ الأمن، وضعفُ ثقةِ الليبيين مسبقًا بنتائجِ الانتخابات، وبالتالي ستكونُ نسبةُ المشاركةِ منخفضةً جدًّا.
- التدخّل الأجنبيّ، وخاصّة الروسيّ، التي تُدير الانتخابات على طريقتها، للوصولِ إلى حالةِ فوضى وعدم استقرار.
- سيصلُ إلى الرئاسة مرشّحٌ غير متوافَقٍ عليه، ويرفضُ باقي المرشّحين نتائجَ الانتخابات، ما يعني اشتداد الاضطرابات في البلاد.
- استبعادُ المفوضيةِ العليا أسماءَ مرشحين -بينها سيف الإسلام القذافي-، ولأن التصويتَ يعتمدُ غالبًا توجهاتٍ مناطقيّة، فسيؤثّر كثيرًا -انخفاضًا- على نسبةِ المشاركة.
سورية: ١٥ من تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠٢١
يندرجُ مرسومُ النظام في سورية بإلغاء منصب المفتي، وتوسيع مهام “المجلس العلميّ الفقهيّ” في ١٥ من تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠٢١ في إطارٍ تبشيريّ ثقافيّ روسيّ إيرانيّ، يستهدف – استنادًا إلى تغييرٍ ديمغرافيّ واسعٍ -، تأمينَ طرقِ الحجّ المقدّسة وتقاسمها بينَ موسكو وطهران.
تُمارسُ إيران عقائديًّا عمليّات استيلاءٍ وتوزيع أراضٍ في سورية، ذلك عبرَ مستشاريتها الثقافيةِ في السيدة زينب، التي تدير منظومة عملٍ طائفيّ في مناطق سيطرة مليشياتٍ ولائية. ويأتي قرارُ النظام ضمنَ هذا المشروع، بالتزامنِ مع عقدِ مفاوضاتٍ مع الجانب الأردنيّ، حولَ إعادةِ قبول زيارة “حجيجٍ” إيرانيين أضرحةً ومقاماتٍ تَدّعي طهران صلتها بها، ويتّصلُ السعيُ الإيرانيّ هنا بالمذابحِ والتطهير العرقيّ في قرى ديالى ضدّ السنّة.
مِن جِهتها فإن روسيا، لكونها تُشكّلُ أصلَ هذا الاستثمار الطائفيّ، فلا يخرج مرسومُ أسد عن نطاقِ لقاءاتٍ ونشاطاتٍ عمرانيةٍ (ترميم كنائس)، واجتماعيةٍ ودينيةٍ مسيحيةٍ تقودها موسكو في أريافِ حماة وحمص ودمشق، كَذلك فإن شراءَ أراضٍ لصالح مشروعاتٍ دينيةٍ في الأردنّ، وتخطيطها – مع إسرائيل – عملياتِ التهجير الطائفيّ في ديالى، ثمّ زيارة الوزير الإماراتي عبد الله بن زايد دمشق، وإقامة مشاريع سككٍ وطرقٍ، ضمنَ مشروع الحجّ الطّائفيّ الكبير.
تونس: ١٦ من تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠٢١
صَدَرَ في تونس يوم ١٦ من تشرين الثاني /نوفمبر المرسوم الخاصّ بقانون الماليّة التعديليّ لسنة ٢٠٢١، الذي تميّز بغياب أرقامٍ دقيقةٍ توضّحُ وضع البلاد الاقتصاديّ.
جاء القانون مقتضبًا على شكل مرسومٍ لأوّل مرة، بناءً على إجراءاتٍ استثنائيةٍ فرضَها الرئيس التونسيّ قيس سعيّد، ذلك أنه صدر بدون مصادقةِ البرلمان المُغلق منذ ٢٥ من تموز /يوليو الفائت، كما لم تُعلِن فيه وزارة المالية لأوّل مرة كذلك حجمَ الميزانية، ثمّ أصدرتْ في اليوم التالي وثيقةً توضيحيّةً حدّدت موازنة الدولة بحوالي ٢٠ مليار دولار (٥٥ مليار دينار تونسي).
سبقَ ذلك صدور تقريرٍ عن مجلسِ البنكِ المركزيّ التونسيّ يدقّ ناقوسَ الخطر حول اقتصادِ البلاد، متناقضًا مع طمأنةٍ خرجَ بها نفس المجلس بِامتلاكِه تمويلًا للصادرات مدةَ ١٣٠ يومًا، في الوقت الذي تعاني فيه تونس عجزًا عن تأمين أساسيات الإنفاق الداخليّ، الأمرُ الذي يضع الدولة التونسيّة أمام خيارين: إما طباعة أوراقٍ ماليّة والمخاطرة بالتضخّم، أو التوجّه للاقتراض، برغم رفض مؤسساتٍ ماليةٍ دولية – حتى اللحظة – إقراض تونس.
كانت المملكة العربيةُ السعودية والإمارات العربيةُ المتحدة من أول الدول التي رحّبت بحكومةِ نجلاء مودن، وَأجرى مسؤولون تونسيّون – منهم المدير العام للتمويل والمدفوعات الخارجيّة في البنكِ المركزي التونسيّ، ونجلاءَ مودن خلال زيارتها السعوديّة -، مباحثاتٍ مع الرياض وأبو ظبي، بهدف تأمين دعمٍ ماليّ مباشر بسدّ العجز، أو غير مباشر بالتدخّل عند مؤسساتٍ ماليةٍ دوليةٍ مانحة لإنقاذ اقتصاد البلاد.
وبرغم وعودٍ سابقةٍ سعوديّةٍ وإماراتيّةٍ بتمويل الاقتصادِ التونسي وإخراجِه من مأزقه، إلا أنّ مؤشراتٍ كثيرةٍ تُظهر تراجع الدولتين – حاليًّا على الأقل – عن وعودِهما، وحتى لو حصلتْ تونس على مساعدةٍ خليجية، فإنّها ستغطّي احتياجاتِ البلاد فقط حتى نهاية ٢٠٢١، أي أن الأزمة معقّدة للغاية، الأمرُ الذي سيؤدّي إلى صراعاتٍ اجتماعية، ويهدّدُ وجودَ ما تبقى من مؤسساتٍ للدولة، ويقود تونس إلى وضعٍ اقتصاديّ وسياسيّ يشبه إلى حدٍّ كبير حالَ لبنان.