بقلم نورالدين أسويق
باحث في القانون العام -جامعة محمد الخامس – الرباط
المحتويات:
- مقدمة.
- الظروف التاريخية لنشأة الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية.
- علاقة الدين بالسياسة عند الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية.
- الموقف من بعض السياسات الاجتماعية والقضايا الأخلاقية.
- خلاصة عامة.
مقدمة:
نظرًا لعمق وشمولية الظاهرة الدينية، فإن تأثيرها ودَورَهَا غالبًا ما يتَجَاوَزَ حُدودَ دُور العبادة وأماكن ممارسة الطقوس الدينية، ليشمل مجالات متعدّدة في المجتمع؛ مثل الاقتصاد، الإعلام، التعليم والسياسة … وقد أدّى هذا التأثير الديني في مختلف هذه المجالات إلى بروز مفاهيم جديدة تَنسِبُ نفسها للدين؛ مثل الاقتصاد الإسلامي، التعليم الديني، الإعلام الدعوي …
في المجال السياسي، أفرز تأثيرُ الدّينِ ما يُعرفُ بظاهرة الأحزاب الدينية، التي تنتشر في مناطق مختلفة من العالم، ولكن بمرجعيات دينية مختلفة (الإسلام، المسيحية، اليهودية، الهندوسية…). حيث برزت في العالم الإسلامي الأحزاب الإسلامية، وفي أوروبا وأمريكا ظهرت الأحزاب المسيحية الديمقراطية، وفي “إسرائيل” والهند هناك الأحزاب الدينية والأحزاب الدينية-القومية …[1]
يُعرِّفُ كل من Manfred Brocker وMirjam Künkler الأحزاب الدينية بأنّها “الأحزاب التي تتبنّى إيديولوجية أو رؤية للعالم مبنيةً على الدّين، وتعتمد في حشد الدعم على الهوية الدينية للمواطنين”.[2] والملاحظة التي يمكن إثارتها بخصوص الأبحاث التي تناولت ظاهرة الأحزاب الدينية، هي أنّ أغلبها لا يعتمد المنهج المقارن في دراسة هذه الظاهرة؛ إذ غالبا ما تقتصر هذه الأبحاث على بلد واحد أو منطقة واحدة أو دين واحد، وبالتالي لا تحاول تصنيف هذه الظاهرة على نحو شامل أو القيام بمقارنات بين مناطق مختلفة من العالم.[3] ومن أجل محاولة المساهمة في سدّ هذا النقص، تأتي هذه الدراسة بهدف القيام بمقارنة ظاهرة الأحزاب الدينية في منطقتين مختلفتين وبمرجعيتين دينتين متباينتين؛ يتعلق الأمر بكل من الأحزاب الإسلامية، التي تعرفها الدول الإسلامية، والأحزاب المسيحية الديمقراطية، التي برزت في أوربا وأمريكا اللاتينية.
في العالم الإسلامي، وبعد “الربيع العربي” سنة 2011، أصبحت الأحزاب الإسلامية محطّ الأنظار، إعلاميا وأكاديميا، لأنّها كانت عنوان التغيير لهذه المرحلة، بعد أن تمكنت من الفوز بالعديد من الانتخابات التي نُظمت في منطقة المشرق العربي وشمال إفريقيا، وأصبح لها بالتالي حضور مهمّ في المؤسسات التشريعية والسلطة التنفيذية (مصر، تونس، المغرب …).
ونتيجةً لتصدّر الأحزاب الإسلامية للمشهد السياسي بعد 2011، ظهر نقاشٌ حول المقارنة بين هذه الأحزاب وتجربة الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا. وقد كان جزءٌ من هذا النقاش تثيره من الأحزاب الإسلامية نفسها، من أجل مواجهة الشكوك المثارة حولها بعد فوزها بالانتخابات ولتعزيز مشروعية وجودها السياسي.[4]
بالمقارنة مع أوروبا، التي تمارس فيها الأحزاب المسيحية الديمقراطية نشاطها السياسي بشكل طبيعي، ولا يُعتَبَرُ وجودها متعارضا مع الديمقراطية، نجدُ أنّ الأحزاب الإسلامية لا زالت تعاني من رفض وجودها من طرف الكثير من القوى السياسية، خصوصا اليسارية منها، بالإضافة إلى السلطة، بِحجّة أنّ هذه الأحزاب لا تؤمن بالديمقراطية وتشكّلُ خطرا عليها، لأنّها تستغلُّ المشترك والمقدّس في السياسة.
هذا الرفض لوجود الأحزاب الإسلامية من طرف بعض القوى السياسية، مقابل وجود طبيعي وغير مرفوض للأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، يدفعنا إلى التساؤل حول أوجه التشابه والاختلاف بين النموذجين الحزبيين؟ هل هناك أوجه تشابه كافية حتّى يكون رفض الأحزاب الإسلامية غير منطقيا؟ أم أنّ هناك أوجه اختلاف كبيرة بين النموذجين الحزبيين بالشكل الذي يبرّرُ الموقف الرافض لوجود الأحزاب الإسلامية ويُؤكّد مقولة تهديدها للديمقراطية؟
قبل محاولة الإجابة على هذه الأسئلة، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه لا يمكن وضع كل الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية في خانة واحدة؛ فليست كلّ الأحزاب الإسلامية نموذجًا واحدًا، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الأحزاب المسيحية، حيث توجد تباينات واختلافات بين أحزاب كلّ صنف، وهو ما أفرز عدّة تصنيفات بين هذه الأحزاب (معتدلة ومتشددة، يمين الوسط وأقصى اليمين ….). وعليه، سوف نقوم في هذه الدراسة بمقارنة الأحزاب الإسلامية المعتدلة بالأحزاب المسيحية الديمقراطية التي تنتمي إلى يمين الوسط، وهو ما يعني أن المقارنة لا تشمل الأحزاب الإسلامية الرافضة للديمقراطية ولا تؤمن بالتعددية، كما لا تشمل من جهة أخرى الأحزاب المسيحية المتعصبة (العنصرية ضدّ الأجانب والمسلمين…).
من أجل البحث عن أوجه التشابه والاختلاف بين هذين النموذجين الحزبيين، سوف نتناول في هذه الدراسة ثلاث نقاط رئيسية:
- الظروف التاريخية لنشأة هذه الأحزاب؛
- علاقة الدين بالسياسة عند النموذجين الحزبيين؛
- ومواقفهما من بعض السياسات الاجتماعية والقضايا الأخلاقية.
- الظروف التاريخية لنشأة الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية:
نقصد بالظروف التاريخية للنشأة الوقائع التاريخية والأهداف التي برّرت تأسيس هذه الأحزاب في بداياتها، وأهمّ الفاعلين في المجتمع الذين كانوا وراء هذا التأسيس.
الظروف التاريخية لنشأة الأحزاب المسيحية:
في أصل الأحزاب، يميّزُ الأستاذ موريس ديفريجيه بين الأصل الانتخابي والبرلماني والمنشأ الخارجي.[5] ويَقصِدُ بالمنشأ الخارجي للأحزاب نشأة الأحزاب السياسية على يد كتل ومنظمات؛ مثل النقابات، التعاونيات الفلاحية، الجمعيات، المنظمات الطلابية، الكنائس …[6] وما يثير الانتباه في هذه الكتل والمنظمات هو وجود الكنائس كإحدى الهيئات التي يمكن أن تكون وراء تأسيس الأحزاب في التجربة الغربية.
وبالفعل، فأمام موجة العلمنة التي اجتاحت أوروبا في القرن التاسع عشر، قاومت الكنيسة الكاثوليكية طويلا، ونجحت في زرع بذور هذه المقاومة في أحزاب طائفية على مستوى المجتمع.[7] في بلجيكا، على سبيل المثال، كان تدخّلُ السلطات الدينية قاطعا في نمو الحزب المحافظ الكاثوليكي، كما عمل الإكليروس على خلق “اللجان المدرسية الكاثوليكية” لمقاومة “قوانين البؤس malheur” الصادرة سنة 1879، حول التعليم العلماني، ولحماية التعليم الديني في كل البلاد البلجيكية.[8]
تؤكّد هذه الوقائع التاريخية أنّ تأسيسَ الأحزاب الكاثوليكية كان جزءًا من الوسائل التي لجأت إليها الكنيسة من أجل مواجهة العلمنة، إلى جانب تأسيس المدارس الحرة ومؤسسات أخرى لها طابع اجتماعي. وبالتالي، فالأحزاب الطائفية في أوروبا كانت في بدايتها ردّة فعل دفاعية من طرف الكنيسة على السياسات التي تبنتها الدولة القومية.[9] لكن، بعد الحرب العالمية الثانية، تراجع تأثير الكنيسة في تأسيس الأحزاب المسيحية الديمقراطية؛ ففي فرنسا مثلا لم تتخذ السلطات الاكليرية أي مبادرة بهذا الصدد، إنما تجب الإشارة إلى الدور المساعد للجمعية الكاثوليكية للشبيبة الفرنسية (ACJF) وفروعها المختلفة المتخصصة.[10] ورغم هذا التراجع لدور الكنيسة في تأسيس الأحزاب المسيحية الديمقراطية المعاصرة، إلا أنّ هذه الأحزاب تبقى امتدادًا وتطورًا للأحزاب الطائفية الكاثوليكية، التي تأسست في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين[11].
الظروف التاريخية لنشأة الأحزاب الإسلامية:
يرتبط ظهور الحركات الإسلامية في العصر الحديث بهزيمة الإمبراطورية العثمانية وإلغاء الخلافة على يد كمال أتاتورك؛ فبعد هذا الحدث التاريخي المهمّ، ظهرت عدة ردود فعل، يمكن تقسيمها إلى نوعين:
- ردود الفعل النظرية: تمثّلت في عدّة كتابات تفاعلت مع إسقاط الخلافة بالتأييد (علي عبد الرازق[12]) أو المعارضة (محمد رشيد رضا[13]) أو بموقف محايد (عبد الحميد بن باديس[14])؛
- ردود الفعل العملية: أمّا في مجال ردود الفعل العملية على إسقاط الخلافة، فقد نشأت جمعية الشبان المسلمين عام 1927، وأنشأ حسن البنا حركة الإخوان المسلمين عام 1928، وكانت أبرز أهدافها إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق شرع الله، وإرجاع الخلافة الإسلامية.[15]
واستمرت التنظيمات الإسلامية، التي ظهرت بعد حركة الإخوان المسلمين، في رفع شعار استعادة الخلافة كهدف أساسي ضمن أهدافها. لكن، وبالرغم من أهمية هذا الهدف عند هذه التنظيمات، إلا أنّها تجنّبت تحديد تفاصيل الخلافة الإسلامية المنشودة (كيفية اختيار الخليفة، المؤسسات الدستورية، دور الإرادة الشعبية في هذا النظام …)، ولم تبرز أوجه الاختلاف أو التشابه بين هذا النظام ونماذج الأنظمة السياسية الحديثة (النظام الرئاسي، النظام البرلماني، النظام شبه الرئاسي….)، الأمر الذي جعل من الخلافة الإسلامية مجرّد شعار كبير لكن بدون أي محتوى أو مضمون واضح. ويبدو أنّ هدف الخلافة عند هذه التنظيمات هو ترجمة لرغبتها في استعادة قوة ومجد المسلمين فقط، لأنّ الخلافة ارتبطت من الناحية التاريخية بقوة الدولة الإسلامية وبالفتوحات الإسلامية، وغيابها ارتبط بتراجع المسلمين والاستعمار الغربي.
الخلاصة بخصوص مقارنة الظروف التاريخية للنشأة:
من خلال المقارنة بين الجذور التاريخية لنشأة كل من الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية، يمكن القول أنّ هناك تشابها واختلافا في نفس الوقت بين النموذجين:
- عنصر التشابه: في الحالتين معا، كانت هذه التنظيمات الحزبية ردّة فعل على أحداث أو تحولات تَمّ اعتبارها مخالفة للدين (الإسلامي والمسيحي)، وتتمثّل هذه الأحداث في إلغاء الخلافة بالنسبة للأحزاب الإسلامية، وموجة العلمنة المتسارعة في أوروبا بالنسبة للأحزاب المسيحية؛
- عنصر الاختلاف: في بداية نشأتها، كانت الحركة الإسلامية تسعى إلى استعادة نموذج دولة الخلافة، الذي مثّلته الإمبراطورية العثمانية؛ وفي المقابل، كانت الأحزاب ذات المرجعية المسيحية في أوروبا تسعى فقط إلى تخفيف إجراءات علمنة الدولة وقطاعات واسعة من الحياة الاجتماعية (التعليم على سبيل المثال).
بعد التطرّق إلى الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأة الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية، سنحاول في النقطة الموالية إبراز مواقف النموذجين الحزبيين من علاقة الدين بالسياسة.
- علاقة الدين بالسياسة عند الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية:
تشكّلُ طبيعة علاقة الدّين بالسياسة عنصرًا مهمًّا في المقارنة بين الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية، لأنّ القوى السياسية الرافضة لوجود الأحزاب الإسلامية غالبا ما تستند في رفضها على تهديد هذه الأحزاب للدولة المدنية والحريات الفردية، فهل يشكّلُ تصوّر الأحزاب الإسلامية لعلاقة الدين بالسياسة تهديدا للدولة المدنية؟ وما هي أوجه التشابه والاختلاف بين الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية بخصوص مسألة علاقة الدين بالسياسة؟
علاقة الدين بالسياسة عند الأحزاب المسيحية الديمقراطية:
رغم أنّ الأحزاب المسيحية الديمقراطية كانت نتاجًا للصراع الذي حصل في الماضي بين الدولة والكنيسة، وأنّ هذه الأحزاب كانت في بدايتها ضدّ الديمقراطية والليبرالية وقيم التسامح، إلا أنها تبنّت بعد ذلك خطابا وممارسة سياسية علمانية بطبيعتها.[16] لقد سمح التطور الذي حصل لهذه الأحزاب بعد الحرب العالمية الثانية، واستقلاليتها عن الكنيسة، بالإدراك أن مصالحها تَكمُنُ في توطيد وتوسيع الديمقراطية البرلمانية والانتخابية، وهي المؤسسات التي وَفَّرَت لها السلطة الاجتماعية والسياسية في العديد من بلدان أوروبا الغربية.[17]
إنّ تطورَ الأحزاب المسيحية الديمقراطية تَمَثَّلَ بالدرجة الأولى في إعادة تعريفها لعلاقة الدين بالسياسة، حيث تبنّت فكرة التأثير غير المباشر للدين على السياسة، أو ما يُعرف بـ”الإلهام الديني” (religious inspiration) للسياسة. وتعني هذه الفكرة النظر للدين المسيحي باعتباره مجموعة من “المبادئ الملهمة” للنشاط المُوجَّه نحو السعي لتحقيق “المصلحة المشتركة” الدنيوية، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضا الظروف التاريخية الخاصة. وبالتالي، يمكن فهم فكرة “الإلهام الديني” للسياسة كوسيلة للعمل “كمسيحي”، أي الاعتراف بالتأثير غير المباشر للدين على السياسة، مع احترام التمييز -وبالتالي درجة من الاستقلال الذاتي النسبي -بين هذين المجالين. وتعتبر فكرة التأثير غير المباشر للدين على السياسة مختلفة تماما عن فكرة التأثير المباشر، التي تتمثّل في تطبيق حرفي لمبادئ الأخلاق الكاثوليكية في مجال السياسة.[18]
لقد سمحت فكرة “الإلهام الديني” للأحزاب المسيحية الديمقراطية بإعادة تعريف الدين بمفهوم إنساني وأخلاقي ملتبس، بالشكل الذي يجعلها تجمع بين الصفة الدينية المسيحية والصفة العلمانية في نفس الوقت. فالصيغ الغامضة مثل “الإلهام الديني” أو “قيم الحضارة المسيحية” هي اليوم الإشارات الوحيدة إلى الدين الواردة في الخطاب الرسمي لهذه الأحزاب. وبناء على هذه الفكرة (أي فكرة الإلهام الديني)، يمكن للفرد أن يكون ديمقراطيا مسيحيا وفي نفس الوقت ملحدا أو مسلما أو هندوسيا، وهذا لا يُنظَر إليه حتى على أنه تناقض.[19]
وتتبنّى فكرة “الإلهام الديني” مجموعة من الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، مثل الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني،[20] الذي يعتبر من أهمّ الأحزاب المسيحية في أوروبا.
علاقة الدين بالسياسة عند الأحزاب الإسلامية:
من أجل دراسة وظيفة الدين عند الأحزاب الإسلامية، قمنا باختيار نموذجين من هذه الأحزاب؛ هما حزب حركة النهضة التونسي وحزب العدالة والتنمية المغربي. وقد وقع الاختيار على هذين الحزبين لكونهما يمثلان تجربةً سياسيةً تتمتّع بقدر من الاستقرار، ويعملان في بيئة تتوفر فيها الشروط الدنيا لعملية سياسية سليمة، بالشكل الذي يسمح لنا برصد مواقفهما وتطور تجربتهما.[21]
- علاقة الدين بالسياسة عند حزب حركة النهضة التونسي:
في البيان الختامي لمؤتمرها العاشر الاستثنائي، المنعقد بتاريخ العشرين والثاني والعشرين من شهر ماي 2016، أكّد حزب حركة النهضة التونسي أنه تجاوز عمليا كل المبررات التي تجعل البعض يعتبره جزءًا مما يسمى “الإسلام السياسي”، وأن هذه التسمية الشائعة لا تُعَبِّرُ عن حقيقة هويته الراهنة ولا تعكس مضمون المشروع المستقبلي الذي يحمله. وأضاف الحزبُ أنّ عَمَلَهُ مُندَرِجٌ ضمن اجتهاد أصيل لتكوين تيار واسع من “المسلمين الديمقراطيين“، الذين يرفضون التعارض بين قيم الإسلام وقيم المعاصرة. ومن نتائج هذا التصوّر الجديد، أنّ الحزبَ اختَارَ التخصص في العمل السياسي وعودة بقية مجالات الإصلاح للمجتمع المدني، واعتَبَرَ المرجعية الإسلامية قوة توجيهية نحو أحسن العمل.[22]
إنّ هذه الاختيارات تمثّل تغيّرًا مهمًّا، مقارنة مع توجهات أغلبية مكونات الإسلام السياسي، ومع أدبيات وكتابات منظّري هذا التيّار السياسي؛ فاختيار التخصّص في العمل السياسي، وبالتالي فصل النشاط السياسي عن العمل الدعوي، يعني انتقال الحزب من “حركة دينية” إلى “حزب سياسي”، ومن “معارك الدفاع عن الإسلام” إلى معارك الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أنّ اختيار حزب حركة النهضة المرجعية الإسلامية كقوة توجيهية، يحملُ إشارةً لتبنّي التأثير غير المباشر للدين في المجال السياسي، خصوصا وأنّ الحزب أكّد أنّ تفعيل القيم والتوجيهات (الدينية) في واقع الحياة لا يكون تنزيلا آليا فوقيا في كل الأحوال، وإنما يكون تنزيلا اجتهاديا يعتمد على اعتبار المآلات والمقاصد ويندرج ضمن المدرسة الإصلاحية التونسية.[23]
صحيح أنّ بعض هذه التوجهات والاختيارات لا تخلو من “ضبابية” و”تعويم”،[24] إلا أنّ هذا الأمر يمكن اعتباره طبيعيا في بدايات التغيير المهمّة، ويبقى تراكم الاجتهادات وصقل تجربة العمل السياسي هما الكفيلان بتجاوز هذه النقائص وتوضيح الرؤية.
- علاقة الدين بالسياسة عند حزب العدالة والتنمية المغربي:
في أطروحة مؤتمره الوطني السابع، المنعقد أواخر سنة 2012، أكّد حزبُ العدالةِ والتنميةِ المغربي أنّه حزبٌ سياسيٌ مدنيٌ ذو مرجعية إسلامية، له برنامج سياسي مدني يعمل على تطبيقه وفق القواعد الديمقراطية، ويجيب على الأسئلة المطروحة سياسيا باعتبارها من قضايا تدبير الشأن العام. ورغم أنّ الحزبَ ميَّزَ بين مجال الاشتغال السياسي وأدواته وخطابه ومجال اشتغال الحقل الديني والدعوي، إلا أنّه أضاف أنّه يجب ألا يفهم من ذلك الفصل التام بين الدين والسياسية. وفي تبريره لرفض هذا الفصل التام بين المجالين أو ما يسميه بالتصور “العلماني المتطرّف” لعلاقة الدين الإسلامي بالسياسة، استند حزب العدالة والتنمية على طبيعة الدين الإسلامي ومقاصده وأحكامه التي لها صلة في العديد من الجوانب بالحياة العامة والعلاقات الاجتماعية من جهة، وعلى طبيعة الدولة المغربية وتركيبة المجتمع المغربي من جهة أخرى.[25]
وبالمقابل، يرى حزبُ العدالة والتنمية أنّ العلاقة بين الدين والسياسية لا يجب أن تكون فصلا مطلقا ولا تماهيا مطلقا، فالدين ينبغي أن يكون حاضرا في السياسة كمبادئ موجهة وروح دافعة وقوة جامحة للأمة، لتبقى الممارسة السياسية ممارسة بشرية نسبية قابلة للخطأ، وبالتالي لا ينبغي إضفاء طابع القداسة عليها.[26]
الخلاصة بخصوص علاقة الدين بالسياسة:
كخلاصة بخصوص مقارنة علاقة الدين بالسياسة بين الأحزاب المسيحية الديمقراطية والأحزاب الإسلامية، يمكن القول أن عنصر التشابه بين هذه الأحزاب يتمثّل في صياغة طبيعة هذه العلاقة بمفردات غامضة: “الإلهام الديني” للسياسة عند الأحزاب المسيحية الديمقراطية، “المرجعية الإسلامية كقوة موجهة” عند حزب حركة النهضة التونسي، و”الدين كمبادئ موجهة” عند حزب العدالة والتنمية المغربي.
لكن، ما يرفع الغموض بالنسبة للأحزاب المسيحية الديمقراطية هو أنّ هذه الأحزاب استطاعت كسب ثقة الطبقة السياسية والمؤسسات الاجتماعية من خلال تجربتها في الحكم، وهي تجربة مازالت مستمرة في بعض البلدان مثل ألمانيا؛ حيث برهنت هذه الأحزاب أنّها لا تشكّل تهديدًا لقيم الديمقراطية الليبرالية، بل وساهمت في تحقيق العديد من المكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وما يلفت الانتباه بالنسبة لحزب حركة النهضة التونسي، أنّ هذا الحزب يحاول من خلال اجتهاداته اقتفاء أثر النموذج المسيحي الديمقراطي، حيث رفض الحزبُ أن يُحسَبَ على تيّار الإسلام السياسي وأعلن الانخراط في تكوين تيّار بديل يحمل إسماً دالاًّ هو “المسلمين الديمقراطيين“.
ورغم هذه الاجتهادات، تعاني الأحزاب الإسلامية من الصورة النمطية المرتبطة بالإسلاميين (ممارسة العنف، رفض الديمقراطية، رفض الحريات الفردية …)، ومن هيمنةِ الأدبيات التقليدية حول علاقة الدين بالسياسية، ووجود تيّار واسع وسط هذا التوجه الإسلامي يرفض أي شكل من أشكال التمييز بين الدين والسياسة. ولهذا السبب، نلاحظ أنّ بعض الأحزاب الإسلامية تلجأ، من أجل تبرير اجتهاداتها من الناحية الدينية، إلى ما يشبه “الحيل الفقهية” خوفا من حصول التباس لدى قواعدها حول التخلّي عن المرجعية الإسلامية.[27]
ويعود هذا الأمر إلى افتقار الاجتهادات الصادرة عن الأحزاب الإسلامية إلى مرجعية فقهية وفكرية، لها وزنها وحضورها حتى تبرّر هذه الاجتهادات وتسندها. وغياب مثل هذه المرجعية، يجعل هذه الاجتهادات أقرب إلى مواقف سياسية مرحلية، قابلة للمراجعة في أي وقت، أكثر منها تعبيرا عن مبادئ ثابتة ومواقف راسخة. وبالتالي، تبقى هذه الاجتهادات في حاجة لمزيد من التراكم والتأصيل، حتى تكتسب مصداقية في الشارع وثقة النخب السياسية والثقافية ومختلف المؤسسات في المجتمع، خصوصا وأنّ هناك فاعلين سياسيين ومجتمعيين يتوجّسُون ولا يثقون في صدق هذه الاجتهادات، لأنّ بعض التجارب أظهرت أنّ التغيّرات في مواقف بعض التيّارات الإسلامية يكون بدافع انتهازي ومن أجل المصالح الذاتية والآنية.[28]
بعد توضيح أوجه التشابه والاختلاف بشأن علاقة الدين بالسياسة عند الأحزاب المسيحية الديمقراطية والأحزاب الإسلامية، سنقارن في النقطة الثالثة مواقف النموذجين الحزبيين من بعض السياسات الاجتماعية والقضايا الأخلاقية.
- الموقف من بعض السياسات الاجتماعية والقضايا الأخلاقية:
في السياسات الاجتماعية، سنقارن توجه الأحزاب المسيحية الديمقراطية والأحزاب الإسلامية بخصوص السياسة التعليمية؛ كما سنقارن أيضا مواقف النموذحين الحزبيين بخصوص بعض القضايا الأخلاقية المرتبطة بالدين.
السياسة التعليمية:
تدعم الأحزاب المسيحية الديمقراطية مبدأ تخصيص مادة للتربية الدينية في المدارس العمومية، وأن تخصّص الدولة دعمًا للمدارس الدينية التي تؤسسها منظمات دينية (خصوصا الكنيسة الكاثوليكية).[29] وَيَجِدُ هذا التوجّه مبرّره، عند هذه الأحزاب، في كون المسيحية الديمقراطية تشترك مع الكنائس المسيحية في قيم كثيرة (حماية كرامة الفرد، حماية الحرية، حماية الطفل الذي لم يولد بعد …)، وبالتالي يمكن للتعليم الديني أن يساهم في تكريس هذه القيم في المجتمع وتوفير التوجيه الأخلاقي وتعزيز الواجب المدني والصالح العام. ورغم الإقرار بوجود هذه القيم المشتركة، إلا أنّ الديمقراطية المسيحية تؤكّدُ بقوة على ضرورة الفصل بين الكنيسة والدولة.[30]
بالنسبة لتوجّه الأحزاب الإسلامية في مجال السياسة التعليمية، سنأخذ نموذج حزب العدالة والتنمية التركي، الذي منح لِلآباء الحقّ في أن يطلبوا إضافة مادة خاصة بالتربية الدينية. كما منح الحزبُ لخريجي المدارس المهنية (ومن بينها المدارس الدينية الخاصة بالدعاة والأئمة) إمكانية ولوج الجامعات، من أجل توجيه هذه الفئة نحو مهن أخرى بعد أن أصبحت بعض المهن (ومن بينها الدعاة والأئمة) تعاني من فائض هؤلاء الخريجين.[31]
نلاحظ أنّ هناك تشابها بين الأحزاب المسيحية الديمقراطية والأحزاب الإسلامية بخصوص مقاربتها للمسألة التعليمية في علاقتها بالدين، حيث تعطي الأحزاب الدينية أهمية كبيرة للتربية الدينية، وتحاول جعلها مادة رئيسية في المناهج التعليمية.
بالإضافة إلى التبريرات التي تقدّمها هذه الأحزاب لدمج الدّين في التعليم، فإنّ أحد الأسباب الممكنة وغير المعلنة لهذا التوجّه هو سبب انتخابي، لأنّ هذه السياسة التعليمية ستسمح بتوسيع قاعدة “الملتزمين دينيا” في المجتمع، ومن المعروف أنّ من دوافع التصويت لهذا الصنف من الأحزاب هو الدافع الديني.
الموقف من بعض القضايا الأخلاقية:
يظهر تأثير الدين على مواقف الأحزاب الدينية في موقفها من بعض القضايا التي لها طبيعة أخلاقية، أو مرتبطة بمواقف الدين؛ مثل الإجهاض، القتل الرحيم، زواج المثليين جنسيا.
بالنسبة للأحزاب المسيحية الديمقراطية، من الصعب القول بأنّ مواقفها متطابقة بشأن هذه القضايا، نظرًا لاختلاف وزن هذه الأحزاب في الساحة السياسية لكل بلد وتعرّضها لإكراهات اللعبة الديمقراطية التي تفرض عليها التوافق مع فاعلين سياسيين آخرين. لكن، ثمّة خيط ناظم في مواقف هذه الأحزاب هو تَوَجُّهُهَا نحو معارضة التشريعات التي تخالف تعليمات الدين المسيحي، مع تباين هذه المعارضة بين معارضة مطلقة وأخرى تسعى فقط إلى وضع بعض الشروط المقيّدة للممارسات المخالفة للدين المسيحي.
على سبيل المثال، فإنّ الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني يعارض زواج المثليين جنسيا، ويؤيد منع حق المرأة في الإجهاض. لكن، ونتيجة للانتقادات التي تعرّض لها الحزب في مواقفه هذه، ورغبةً منه في استمالة الناخبين المؤيدين للأحزاب اليمينية واليسارية، فإنّ زعيمة الحزب “أنجيلا ميركل” قد سمحت بالتصويت في البرلمان الألماني (البوندستاج) على قانون يسمح بزواج المثليين جنسيا برغم أنّها نفسها قامت بالتصويت ضدّه.[32] وفي البرنامج الانتخابي للحزب المسيحي الديمقراطي في النرويج، عبّر الحزبُ عن رغبته في استبدال قانون الإجهاض الحالي مع قانون يضمن الحق في الحياة للجنين.[33]
أمّا مواقف الأحزاب الإسلامية من الإجهاض، والمثلية الجنسية والقتل الرحيم … فهي شبة متفقة على تبنّي نفس موقف الدّين الإسلامي. ولا تكتسي المواقف من هذه القضايا الأخلاقية أهمية كبيرة في قياس تطوّر الأحزاب الإسلامية، لأنّ مواقف هذه الأحزاب من هذه القضايا تبقى متطابقة مع المنظومة التشريعية السائدة في أغلب الدول الإسلامية، ومع توجهات الكثير من الفاعلين السياسيين الآخرين. وبالتالي، فالموقف من هذه القضايا يعكس إلى حدّ كبير توجّها عاما سائدا في الدولة والمجتمع. وتبقى الآراء التي عبّر عنها السيد راشد الغنوشي، زعيم حزب حركة النهضة التونسي، بأنّه يرفض المثلية الجنسية لكنّه ضد تجريمها، وأنّه يؤيد الإجهاض خلال الفترة الأولى من الحمل،[34] استثناءً للقاعدة السائدة وسط التيّار الإسلامي، بل وحتى وسط المجتمعات الإسلامية.
كخلاصة بخصوص السياسات الاجتماعية والقضايا الأخلاقية، نلاحظ أنّ الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية تتقاطع في الكثير من المواقف المتعلّقة بهذه السياسات، وذلك بسبب موقف المرجعية الدينية لهذين النموذجين الحزبيين. لكن، وبسبب إكراهات اللعبة الديمقراطية وضرورة التوافق مع فاعلين آخرين، نلمس أنّ الأحزاب المسيحية الديمقراطية تخفّفُ من وطأة مواقفها بخصوص بعض القضايا الأخلاقية، بالشكل الذي يجعلها تخالف تعاليم الدين المسيحي.
- خلاصة عامة:
في اعتقادنا، يَكمُنُ الاختلافُ الرئيسي، الذي يصنع الفرق بين الأحزاب الإسلامية والأحزاب المسيحية الديمقراطية، في طبيعة البيئة السياسية؛ فوجود الأحزاب المسيحية الديمقراطية في بيئة ديمقراطية كان عاملًا مهمًّا في تطور هذه الأحزاب، بالشكل الذي جعلها تتبنّى الديمقراطية، وهو الأمر الذي جعل وجودها في الساحة السياسية أمرًا مسلّما به، وسمح لها بالوصول إلى السلطة في العديد من بلدان أوروبا. وقد استطاعت هذه الأحزاب أن تبرهن، من خلال ممارستها للسلطة، على قناعتها بالنموذج الديمقراطي، حيث لم يُسَجَّل عليها أنّها حاولت المساس بهذا النموذج أو الحدّ من الحقوق والحريات.
وفي المقابل، تعاني الدول الإسلامية من غياب بيئة ديمقراطية، وهو ما يشكّلُ عائقا أمام تطور الأحزاب الإسلامية، رغم اجتهادات بعضها؛ فالممارسة الديمقراطية جزء من العوامل التي تساهم في اعتدال توجهات الأحزاب الدينية وتكريس هذا الاعتدال، والتخلّي عن الكثير من المواقف المبدئية، الأمر الذي يعني أنّ الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية تعتبر من بين الضمانات المهمّة التي تحدّ من تطرّف الأحزاب الدينية.
وبالتالي، يبقى الخيار المناسب للتعامل مع الإسلاميين هو إشراكهم في العملية الانتخابية، مادام أنهم ضدّ العنف، حتى يتمّ إدماجهم في اللعبة السياسية. لأنّ خيار الإقصاء في حق مكوّن سياسي بهذا الحجم، يعتبرا خياراً خطيراً ولا يمكن إلاّ أن يُسَاهِمَ في تعزيز التطرّف.[35]
ورغم هذه الخلاصة، بأهمية البيئة السياسية في تطوّر الأحزاب الدينية، فإنّ هذا لا يعني أنّ كلّ المسؤولية تقع على هذه البيئة فقط، بل إنّ مسؤولية الأحزاب الإسلامية تبقى قائمة، من خلال تقديم اجتهادات متقدمة في مجال فهم وقبول الديمقراطية والعمل مع الشركاء من أجل خلق مثل هذه البيئات المناسبة.
“الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات “
جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات © 2019
[1] ليس الإسلاميون وحدهم من يحاول ربط الحياة العامة بالدين. في الهند، يتبنى الحزب الحاكم “بهاراتيا جاناتا” القومية الهندوسية. وفي إسرائيل، هناك مجموعة من الأحزاب التي تدعو بشكل واضح إلى إقامة دولة يهودية. وفي أوروبا، هناك العديد من الديمقراطيين المسيحيين الذين يأخذون كلا الجزئين من الاسم (الديمقراطية والمسيحية) على محمل الجد. في أمريكا، يقول برنامج الحزب الجمهوري إنه إذا تعارضت الحقوق الطبيعية مع حقوق الحكومة، يجب إعطاء الأولوية للحقوق الطبيعية.
Muslim democrats, inshallah, The Economist, August 26th 2017, p. 18
[2] Manfred Brocker and Mirjam Künkler, Religious parties: Revisiting the inclusion-moderation hypothesis – Introduction, Party Politics, 19(2), p. 175
[3] Luca Ozzano, « The many faces of the political god: a typology of religiously oriented parties », Democratization, Vol. 20, No. 5 (2013), p. 809.
[4] Michael Driessen, “Religious Democracy and Civilizational Politics: Comparing Political Islam and Political Catholicism”, Center for International and Regional Studies Georgetown University School of Foreign Service in Qatar, Occasional Paper No. 12 (2013), p. 2, (Visited on 08 November 2017):
[5] موريس ديفريجيه، 2011، الأحزاب السياسية، ترجمة علي مقلد وعبد المحسن سعد، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، ص. 7-19.
[6] موريس ديفريجيه، مرجع سابق، ص. 7-19.
[7] Michael Driessen, Op. Cit., p. 21.
[8] موريس ديفريجيه، مرجع سابق، ص. 14
[9] Michael Minkenberg, « Religion and public policy », COMPARATIVE POLITICAL STUDIES, Vol. 35 No. 2 (March 2002), p. 239.
[10] موريس ديفريجيه، ص. 14
[11] Stathis N. Kalyvas and Kees van Kersbergen, “Christian Democracy”, Annual Review of Political Science, Volume 13 (2010), p. 185.
[12] يقول علي عبد الرازق << الواقع المحسوس الذي يؤيده العقل، ويشهد به التاريخ قديما وحديثا، أن شعائر الله تعالى ومظاهر دينه الكريم لا تتوقف على ذلك النوع من الحكومة الذي يسميه الفقهاء خلافة. ولا على أولئك الذين يلقبهم الناس خلفاء. والواقع أيضا أن صلاح المسلمين في دنياهم لا يتوقف على شيء من ذلك. فليس بناء من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا. ولو شئنا لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الإسلام وعلى المسلمين، وينبوع شر وفساد، وربما بسطنا لك بعد ذلك، أما الآن فحسبنا أن نكشف لك عن الواقع المحسوس لتؤمن بأن ديننا غني عن تلك الخلافة الفقهية، ودنيانا كذلك>>. علي عبد الرازق، بدون سنة، الإسلام وأصول الحكم، وزارة الثقافة والفنون والتراث، كتابة الدوحة، بدون تاريخ النشر، الدوحة، ص. 35-36.
[13] بعد إلغاء الخلافة، وجّه محمد رشيد رضا نداء إلى الشعب التركي من أجل استعادة الخلافة: << أيها الشعب التركي المتروي! انهض بتجديد حكومة الخلافة الاسلامية، بقصد الجمع بين هداية الدين والحضارة لخدمة الانسانية، لا لتأسيس عصبية إسلامية تهدد الدول الغربية>>. محمد رشيد رضا، 2012، الخلافة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، ص. 11.
[14] يقول عبد الحميد بن باديس: <<يوم ألغى الأتراك الخلافة – ولسنا نبرر كل أعمالهم – لم يلغوا الخلافة الإسلامية بمعناها الاسلامي، وإنما ألغوا نظاما حكوميا خاصا بهم وأزالوا رمزا خياليا فُتِنَ به المسلمون لغير جدوى، وحاربتهم من أجله الدول الغربية المتعصبة للنصرانية والمتخوفة من شبح الاسلام …. يتحدثون في مصر وفي الأزهر عن الخلافة كأنهم لا يرون المعاقل الانجليزية الضاربة في ديارهم ولا يشاهدون دور الخمور والفجور المعترف بها في قانونهم>>. عبد الحميد بن باديس، الخلافة أم جماعة المسلمين، مجلة الشهاب، الجزء الثاني العدد الرابع عشر (الأربعاء 24 ربيع الأول 1357 الموافق 28 ماي 1938)، ص. 61-62.
[15] غازي التوبة، لماذا لم تنجح الحركة الاسلامية في قيادة الأمة؟، موقع الجزيرة.نت (تاريخ الدخول 11 نونبر/تشرين الثاني 2017)
[16] Stathis N. Kalyvas, 1996, The Rise of Christian Democracy in Europe, Cornell University Press, Ithaca and London, pp. 1-2.
[17] Stathis N. Kalyvas and Kees van Kersbergen, Op. Cit., p. 185.
[18] Carlo Invernizzi Accetti, « Vers un modèle de Démocratie Chrétienne ? », Revue Française de Science Politique, VOL. 65, No 4 (2015), p. 567.
[19] Stathis N. Kalyvas and Kees van Kersbergen, Op. Cit., pp. 187-188.
[20] برنامج الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني، الذي تمّ تبنيه في المؤتمر 21 للحزب المنعقد بمدينة هانوفر الأمانية يومي 3-4 ديسمبر 2007، متاح على الموقع الرسمي للحزب المسيحي الديمقراطي الألماني (تاريخ الدخول 19 نونبر 2017)
[21] لقد تمّ استبعاد نموذج حركة الإخوان المسلمين في مصر، التي يمكن اعتبارها الحركة الإسلامية الأمّ، لكون هذه الحركة ليست حزبا سياسيا فقط، وإنما حركة تمارس عدة أنشطة سياسية، دعوية، خيرية، وغيرها، وبالتالي، يصعب مقارنة حركة بهذا الحجم مع الأحزاب المسيحية الديمقراطية نظرا للفوارق بين الجانبين؛ كما أنّ الظرفية السياسية التي تمرّ بها الحركة، بعد عملية الانقلاب على الرئيس محمد مرسي سنة 2013، وحملة القمع الواسعة التي تتعرّض لها، لا تسمح بتقييم المواقف السياسية التي يمكن أن تُنتجها في بيئة سياسية ينعدم فيها الاستقرار وتتعرض فيها الحركة لضغط وحصار على جميع المستويات.
[22] البيان الختامي للمؤتمر العام العاشر لحركة النهضة، الموقع الرسمي لحزب حركة النهضة (تاريخ الدخول 19 نونبر 2017)
http://congres10.ennahdha.tn/ar/البيان-الختامي-للمؤتمر-العام-العاشر-لحركة-النهضة
[23] البيان الختامي للمؤتمر العام العاشر لحركة النهضة، مرجع سابق.
[24] عبد الحق الزموري، المؤتمر العاشر لحركة النهضة والخيارات “المربكة”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، (تاريخ الدخول 21/11/2017)
https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_B666C864.pdf
[25] أطروحة المؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية المغربي بعنوان “شراكة فعالة في البناء الديمقراطي”، متاحة على الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية (تاريخ الدخول 20 نونبر 2017):
[26] أطروحة المؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية المغربي، مرجع سابق.
[27] عبد الحق الزموري، مرجع سابق.
[28] يمكن الاستشهاد على سبيل المثال بحزب النور المصري والدعوة السلفية، فقد تبنى ياسر برهامي ودعوته السلفية في مصر موقفًا متشددًا من مشاركة الفصائل الإسلامية في الانتخابات البرلمانية في أواخر 2010، وقد تغير هذا الموقف تمامًا دون تقديم أي مبرر ديني في 2012، ما يوضح أن الدين لدى هذه الدعوة السلفية صار طيعًا مرنًا يلبسونه ما شاءوا من عباءات حسب مصالحهم الخاصة. ففي 2010، البرلمان كافر، وفي 2012، البرلمان من الإسلام، وهذا ما ينطبق على كثير من الأمور مثل ولاية المرأة وترشحها للانتخابات، وكذلك ولاية الأقباط وترشحهم. حسام الحداد، موقف “السلفية المصرية” من الديمقراطية، موقع المركز الديمقراطي العربي، (تاريخ الدخول 21 نونبر 2017)
http://democraticac.de/?p=41638
[29] William Hale, « Christian Democracy and the AKP: Parallels and Contrasts », Turkish Studies, Vol. 6, No. 2 (June 2005), p. 298.
[30] Christian Democracy, 2011, Principles and Policy-Making, Handbook for the European and International cooperation of the KONRAD-ADENAUER-STIFTUNG, Editor karsten grabow, p. 11.
[31] William Hale, Op. Cit., p. 303.
[32] محمد عزت رحيم، “ميركل أم شولتز: من يحسم السباق الانتخابي في ألمانيا 2017؟”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، (تاريخ الدخول 24/11/2017).
https://futureuae.com/ar/Mainpage/Item/3234/ميركل-أم-شولتز-من-يحسم-السباق-الانتخابي-في-ألمانيا-2017
[33] Political program The Christian Democratic Party of Norway (KrF) 2013-2017, (Visited on 24 November 2017)
[34] راشد الغنوشي يرفض تجريم المثلية الجنسية، موقع الشروق، (تاريخ الدخول 24/11/2017)
http://www.alchourouk.com/102051/691/0/.html
[35] Islam and democracy, The Economist, August 26th 2017, p. 9