الاصداراتتقارير جديد

لماذا فشلت معركة درعا

5454

لطالما كثر الحديث عن معركة درعا وعن التجهيزات العسكرية الضخمة التي وفرتها لها غرفة الموك في الأردن، بهدف تحرير محافظة درعا من بقايا نظام بشار الأسد، وبسط الكتائب والألوية المسلحة الموالية لها سيطرتها على البوابة الجنوبية لسورية، خاصة بعد أن فقدت السيطرةَ بشكل شبه تام في مناطق الشمال، مع تفكك جبهة ثوار سورية التي كان يقودها جمال معروف، ومن قبلها حركة حزم التي انهارت سريعًا في مواجهة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.

عند الحديث عن فصائل المعارضة في جنوب سورية، لا بد من الإشارة إلى غرفة “الموك” (وهي غرفة عمليات دولية تترأسها الولايات المتحدة، ودول ما يسمى بـ أصدقاء الشعب السوري، ودول عربية أخرى)، والإشارة إلى تأثيرها على سير المعارك، وليس خافيًا وجود تضارب مصالح في بعض الأحيان بين فصائل المعارضة و”الموك”.

تتكون غرفة الموك من عضوية العديد من الدول، من بينها الإمارات وقطر والأردن وفرنسا والسعودية وغيرهم بقيادة أمريكا، ومن بين الأعضاء كانت دولتا الإمارات والأردن هما الأكثر تعويلًا على المعركة، والأكثر حماسًا لساعة الصفر فيها بحسب ما أفاد مصدر خاص لمركز برق ، المصدر ذاته أكد لنا بأن سِرَّ حماس الإمارات والأردن لهذه المعركة؛ يأتي نظرًا للتنسيق العالي ما بين الألوية المشاركة في العملية، وكلٍ من هذه الدول، مما سيحقق لهما مكاسب سياسية، وبسط نفوذ إقليمي في الجنوب السوري، وتحييد دور الكتائب الإسلامية الفاعلة في المنطقة مثل (جيش الإسلام، فيلق الشام، الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وغيرهم)، والذين صنفتهم دولة الإمارات سابقًا ضمن قائمة الإرهاب الخاصة بها من بين أكثر من 83 جهة إسلامية أخرى، وتعتبرهم جهةً معاديةً لها برغم كل ما قدموه في مسار الثورة السورية منذ بدايتها وإلى اليوم.

تجهيزات المعركة

تشكلت معركة درعا الأخيرة من 5 فرق عمليات لـ 39 تشكيل عسكري، بتعداد عسكري قدره 10000 مقاتل، وتم الاتفاق بأن يكون الهجوم من 5 محاور مختلفة بحيث تحكم الفصائل سيطرتها بشكل تام وتحاصر قوات الأسد والمليشيات التابعة له، كان من أبرز التشكيلات المشاركة كل من:

  • جبهة ثوار سورية (الجنوب) بقيادة أبو سامي الجولاني.
  • قائد الجيش الأول بقيادة صابر سفر.
  • الفيلق الأول

في بداية الأمر تأجلت المعركة لمدة أسبوعين عن الموعد الذي كان مقررًا لها؛ بحجة عدم اكتمال الترتيبات والتجهيزات بحسب الأردن والإمارات اللتان تَزَعَّمَتَا التحضيرَ لهذه المعركة أمام أعضاء غرفة الموك.

بدأت العملية -التي تم توفير دعمها-بعتاد كبير وضخم جدًا، والذي كان على النحو الآتي بحسب تصريح مصدر مسؤول في الغرفة لمركز برق:

أولا: الذخيرة: دعم لا محدود بحيث يصعب إحصاؤه بالأرقام.

ثانيا: ثلاثة ملايين دولار للأسلحة والمعدات الثقيلة ومضادات الدروع (كدفعة أولية).

حققت المعركة نجاحًا نسبيًا في ثلثها الأول بنسبة 20%، قبل أن يبدأ الانهيار الفعلي لها بظهور الخلافات والشقاقات بين الألوية والكتائب المشاركة، وتبادل الاتهامات على العلن، الصراع الذي انعكس جليًا على أعضاء غرفة عمليات الموك، وبحسب المصدر الخاص في غرفة الموك، فإن مسائلةً شديدةَ اللهجة صدرت من كلٍ من السعودية وبريطانيا لكلٍ من الأردن والإمارات عن سبب فشل العملية، واللتان كانتا تبرران الأمر بنقص الذخيرة والمعلومات عن جبهة جيش نظام بشار الأسد، إضافة لخلافات صغيرة على قيادة العملية وأنها سَتُحلُّ سريعًا.

لم يطل الأمر كثيرًا حتى بدأت الأسباب الحقيقة بالظهور للعلن، والتي وصلت بطبيعة الحال لأعضاء الغرفة، وخاصة الممتعضين منهم من فشل تلك العملية، وإخفاق وعود الإمارات والأردن في كلِّ ما قالوه عن حتمية نجاح العلمية، وعن كفاءة التشكيلات المشاركة في فيها.

بحسب المصدر ذاته في الغرفة، فإن السبب الرئيسي في فشل العملية يكمن وراء أربعة أسباب:

الأول: صرف دفعاتٍ كبيرةٍ من الذخيرة والأموال للعتاد الثقيل في الدفعة الأولى زيادة عن الحاجة المخطط لها.

الثاني: عزلُ قادةٍ من جبهة ثوار سورية رفضوا الانصياع المباشر لسلطة الإمارات والأردن.

الثالث: فسادُ بعض القيادات من الفرق المشاركة وبيع بعضها للسلاح كـ:

  • محمد المحاميد الملقب بـ (أبو شريف)، وقد أكد لنا المصدر المسؤول أنه ثبت أنه باع السلاح والذخيرة لتنظيم الدولة في الجنوب (داعش) مقابل مبالغ من المال وكميات من المازوت.
  • البعض الآخر خزَّنَ السلاح الذي كان مقررًا أن يستخدم في المعركة، من بينهم بشار الزعبي قائد جيش اليرموك، وصابر سفر، وأبو أسامة الجولاني، والخلاف بين الآخرين على قيادة المعركة كان له أثرٌ في فشل هذه العملية أيضًا.

الرابع: المشاكل والانشقاقات الداخلية الكبيرة التي حدثت في الفيلق الأول بقيادة شخص يلقب بـ (أبو محمد).

ما حصل أدى لتحفظٍ كبير من قبل أعضاء غرفة الموك على العملية، وإقرار أمريكا رسميًا عبر متحدثها في غرفة الموك بفشل عملية تحرير الجنوب وتأجيلها إلى أجل غير مسمى.

هذا الأمر نتج عنه تخفيفُ تمثيل كلٍ من الإمارات والأردن في غرفة الموك من قائد عمليات إلى مرتبة محاسب مالي، وتغييبهم عن الاجتماعات الخمسة الأخيرة؛ لتجنب الإجابة عمَّا جرى والأسباب التي أدت إلى ذلك، الأمر الذي دفع السعودية وبريطانيا مجددًا لتقديم طلب رسمي بالكشف عن ملابسات تلك العملية ومحاسبة المذنبين.

بالنسبة للعمليات التي في إزرع ومثلت الموت والتي تلت فشل معركة درعا، أكد لنا مصدر خاص بأنها كانت عبارة عن تحركات لستر ماء الوجه، ومحاولة لتغطية فشل عملية تحرير الجنوب.

يتواجد في درعا إلى جانب فصائل “الجبهة الجنوبية”، غرفة عمليات “جيش الفتح” الذي شُكِّلَ مؤخرًا وضَمَّ: (أحرار الشام، وجبهة النصرة، وتحالف فتح الشام، ولواء إحياء الجهاد، وتجمع مجاهدي نوى، ولواء أسود التوحيد، ولواء أنصار الحق، ولواء العمرين الإسلامي).

ويؤكد المصدر في تصريحاته لـ”برق للأبحاث” أن غياب التوحد والتنسيق بين (جيش الفتح والجبهة الجنوبية)، سببه قراراتٌ من غرفة الموك، كما يرجع موقف الغرفة من الفصائل الفاعلة على الأرض ورفض التعاون معها كـ (أحرار الشام، وحركة المثنى، وجيش الإسلام)؛ لظرف العداء الشديد من قبل دولة الإمارات لهذه الفصائل؛ بسبب إسلاميتها، حيث صنفتها مؤخرًا ضمن قائمتها الخاصة للإرهاب، محاولةً إلباسهم ثوب الإرهاب، مقابل ثوب الاعتدال الذي تحاول إلباسه للكتائب الموالية لها، والتي أثبتت في غير مرة عدم كفاءتها في أي معركة حقيقة وفاصلة مع النظام السوري والمليشيات التابعة له.

كلُ ما ورد في هذا التقرير يطرح تساؤلًا مهمًا في الأذهان عن سبب استمرار حصار مضايا والزبداني، وعملية الموت البطيء والممنهج لهما، واللتان أصبحتا قضية إنسانية دولية، في وقت تتوفر فيه كميات كبيرة من الدعم والسلاح في غرفة الموك والتي من المفترض أنها لدعم فصائل الثورة السورية؟؟!!

كما يعيد طرح القضية القديمة الحديثة إلى متى ستبقى أحلام الشعب السوري المحقة الحالم بالحرية والحياة الكريمة رهنية لنزوات الدول التي تدعي نصرة الشعب السوري في العلن وتحاول بكل الوسائل دعم كل ثورة مضادة لفلول وبقايا الأنظمة القاتلة في المنطقة وعلى رأسهم نظام الأسد.

للتحميل من هنا

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات ©2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى