الاصداراتالدراسات الاستراتيجيةتقدير موقف

الضربات العسكرية الإسرائيلية في سوريا

من الألف إلى الياء

“تقوم إسرائيل في سوريا بإجراء حالة من التوازن الاستراتيجي مع روسيا من طرف ومع الولايات المتحدة الأمريكية من طرف آخر، عبر فتح قنوات اتصال وتنسيق عالٍ بما يساعد في ضمان عدم تجاوز خطوطها الحمراء وتساهم أيضًا في تطويرها أو وضع تعريف أكثر صرامة لما يُشكّل فعلًا خطرًا حقيقيًا من عدمه. – عن الضربات التي مهّدت لِـلتصعيد الأخير والتي نفّذتها إسرائيل على مواقع النظام السوري، وميليشياته المساندة، يعرض برق الاستشاري جزء مِن الصورة في ورقة تقدير موقف تحت عنوان الضربات الإسرائيليّة في سوريّة”

أولًا: مقدمة

يُعتبر العاشر من شباط/ فبراير 2018، تاريخًا حاسمًا لإسرائيل فيما يخص تعاطيها مع الملف السوري وتعقيداته السياسية والعسكرية، وقد وصف الجيش الإسرائيلي ما جرى في هذا اليوم بأنه “أقل من حرب وأكثر من مواجهة”([1]) حينما قامت دفاعات النظام السوري باستهداف مقاتلة حربية من طراز F16، وهي المرة الأولى التي يمتلك فيها هذا الأخير الجرأة على إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، بعد أن نفذت تل أبيب عشرات الهجمات داخل سوريا منذ عام 2013 دون أن تقابل بأيّ رد.

كان إسقاط المقاتلة الإسرائيلية نتيجة لقيامها بقصف مطار T4 العسكري قرب مدينة تدمر شرق سوريا، والذي انطلقت منه طائرة إيرانية بدون طيار اخترقت الأجواء الإسرائيلية. وقد ساهم هجوم العاشر من شباط/ فبراير 2018 على المطار الذي يبعد مسافة 220 كيلومترًا عن مرتفعات الجولان، برصد تل أبيب احتمال وجود قاعدة جوية للطائرات غير المأهولة تقوم إيران بعملية تطويرها وجعلها منطلقًا للعمليات نحو إسرائيل، وزاد قلق هذه الأخيرة من ذلك مطلع نيسان/ أبريل من العام نفسه، حيث نشطت طائرات إيرانية غير مأهولة في محافظة حمص، وعلى الأرجح قد يكون هذا الأمر هو السبب المباشر وراء القصف الجوي الإسرائيلي الذي تعرض له مطار T4 في 9 نيسان/ أبريل، ما أدى لمقتل أربعة مستشارين عسكريين إيرانيين، وكان من بين القتلى عقيد عمل ضابطًا كبيرًا في برنامج إيران للطائرات من دون طيار يدعى مهدي دهقان يزدلي، وسارعت وزارة الخارجية الإيرانية لإدانة الضربة وحذر مسؤولون لديها من رد قادم لا محالة.

وصحيح أن وتيرة الاستهداف الإسرائيلي داخل سوريا ازدادت منذ أن تمكّن النظام السوري بمساعدة إيران وروسيا من قلب ميزان القوى لصالحه، لا سيما بعد السيطرة على مدينة حلب شمال البلاد، لكن منذ مطلع العام 2018، حصل تصعيد أكبر من حيث بنوك الاستهداف، فبعد هجوم التاسع من نيسان/ أبريل من نفس العام، قامت إسرائيل في 29 من الشهر نفسه بضرب مواقع داخل سوريا تتبع لإيران معظمها تقع في محافظة حماة، وهي مقر القوات الإيرانية في مركز نهر البارد، وموقع آخر في منطقة تقسيس قرب مدينة حلب، ومقر اللواء 47، كما تم استهداف موقع آخر جنوب محافظة حلب.

وفي 30 نيسان/ أبريل 2018، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعرض ما أسماه “دليلًا دامغًا” على مواصلة طهران لتطوير برنامجها النووي، وزعم عبر تسجيلات مصورة وجود منشأة إيرانية([2])، ويبدو هذا التصرف الإسرائيلي بمثابة محاولة للضغط أكثر على دول 5+1 التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية كي تعيد النظر بالاتفاق عمومًا ونفوذ إيران المتصاعد على الجبهة الشمالية في سوريا ولبنان، الذي بات يُشعر إسرائيل بوجود تهديد على أمنها القومي.

وكانت أولى الضربات الإسرائيلية على سوريا في 30 كانون الثاني/ يناير 2013، وآخرها في 29 نيسان/ أبريل 2018، وتجاوز عدد الضربات 30 هجومًا، لكن الحكومة الإسرائيلية لا تعترف أبدًا بالضربات الفردية التي تنفذها في سورية، ويندرج هذا التكتم ضمن سياسات إسرائيل الأمنية في التعامل مع الهجمات التي تنفذها في سوريا، ويُلاحظ هذا الأمر مع استهداف المفاعل النووي قرب دير الزور بالعام 2007 حيث لم تعترف إسرائيل بذلك حتى 21 آذار/ مارس 2018.

ثانيًا: نحو فهم استراتيجي للضربات الإسرائيلية في سوريا (ثمانية خطوط حمراء إسرائيلية ضد إيران في سوريا)

يُفضّل جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق اسم “الجبهة الشمالية” على كل من سوريا ولبنان ومصطلح “الحرب الشمالية” عوضًا عن حرب لبنان الثالثة الذي كان يستخدمه المسؤولون الإسرائيليون حين الحديث عن اندلاع مواجهة جديدة مع حزب الله. ويرجع سبب هذا التفضيل إلى النظرة العامة لاستراتيجية إيران في سوريا ولبنان التي تحاول جعل البلدين “قاعدة عمليات متقدمة ضد إسرائيل”.

وتحويل سوريا ولبنان إلى قاعدة عمليات متقدمة ضد إسرائيل من قبل إيران يعني أن تصبح الجبهة الشمالية لإسرائيل منطقة نفوذ مباشر لإيران، وهو توسّع على نحو غير مسبوق لدورها الجيوسياسي في المنطقة، حيث تعتمد لتحقيق ذلك زيادة تعزيز التأثير الكبير على حكومات العراق وسوريا ولبنان بإقامة وجود عسكري واقتصادي وأمني وسياسي طويل الأمد فيها. ما يعني تنامي الخطر على الأمن القومي الإسرائيلي من الجهة الشمالية.

ولطالما سعت إسرائيل منذ بداية الصراع المسلح في سوريا إلى عدم الانخراط الكامل بمجرياته، لكنها بنفس الوقت قامت بوضع خطوط حمراء عمدت إلى تطويرها مع مرور الوقت، بشكل يتناسب من طرف مع استنزاف القوى المتقاتلة وعلى رأسها إيران ووكلائها، وبما يؤدي إلى إضعاف سوريا من حيث البنية التحتية العسكرية والاقتصادية والسياسية من طرف آخر. وفي الواقع هناك معضلة حقيقية تواجهها إسرائيل وهو عدم قدرتها على تحويل الخطوط الحمراء لتكون استراتيجية شاملة في الجبهة الشمالية، وهو ما يصفه الضابط السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي مايكل هيرتسوغ بـ “صعوبة وضع حد فاصل بين الوقاية المطلوبة والتصعيد غير المرغوب”، بالتوازي مع وجود قرار حاسم بعدم السماح لإيران بتحويل سوريا ولبنان إلى قاعدة عمليات متقدمة ضد إسرائيل. وفيما يلي عرض لثمانية خطوط حمراء تنطلق منهم إسرائيل في شن هجماتها الجوية في سوريا وربما لبنان لاحقًا في حال تم اتخاذ قرار “الحرب الشمالية”:

  1. تقييد جهد إيران في إنشاء بنية تحتية عسكرية متطورة وطويلة الأجل في سوريا ولبنان تخرق التوازن وتؤثر على أيّة مواجهة مستقبلية محتملة مع إسرائيل، أو بصيغة أخرى إحباط عمليّة اكتساب إيران ووكلائها قدرات استراتيجية وإلى تعزيز عمليّة الردع الإسرائيلية دون إحداث تصعيد نحو نزاع مسلح كبير. وبناء عليه تقوم إسرائيل بالتركيز في قصفها على استهداف جميع المنشآت العسكرية في سوريا المرتبطة بـ “مشروع الدقّة” الخاص بإيران والذي يهدف إلى إنتاج آلاف الصواريخ والقذائف عالية الدقة، يتراوح مداها بين 100 و500 كيلومتر، وتعمل إيران على إقامة خطوط إنتاج صناعية محلية في سوريا ولبنان يشرف عليها مستشارون وخبراء إيرانيون ويقومون بتدريب وكلاء لهم على الأرض، ومن شأن ذلك أن يقلل من خطورة ومصاعب نقل القدرات العسكرية من داخل إيران إلى الجبهة الشمالية.
  2. منع إنشاء خط اتصال أو إمداد عسكري مباشر بين إيران وسوريا ولبنان، حيث يسعى حزب الله إلى نقل القدرات العسكرية المتطورة غير التقليدية والتي تخرق التوازن إلى معاقله جنوب لبنان عبر الأراضي السورية، ومثال ذلك قيام الطيران الإسرائيلي في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بقصف قافلة أسلحة لحزب الله قرب دمشق وقد تكرر هذا الأمر أكثر من مرة.
  3. منع النظام السوري من امتلاك قدرات دفاع جوي متطورة واستخدامها، ولهذا السبب قام الطيران الإسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 بضرب أحد رادارات بطارية الدفاع الجوي السوري التي أطلقت النار على طائرات إسرائيلية غير مأهولة كانت تحوم فوق أجواء لبنان، ومن الملاحظ أيضًا أن إسرائيل أبدت قلقًا واضحًا إزاء أية نوايا روسية بمنح النظام السوري صواريخ S-300 وقد علّق جنرال في قوات الاحتياط الإسرائيلية عاموس يادلين على الموضوع في 20 نيسان/ أبريل 2018 بالقول إن لدى إسرائيل نوايا جدية وخطط مناسبة للقضاء على تهديد اسمه S-300 في سوريا.
  4. الحفاظ على منطقة الفصل بين قوات النظام السوري وجيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي تنص عليها اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، وبناءً عليه يمكن تفسير اعتراض إسرائيل المستمر لطائرات غير مأهولة تحوم في المنطقة الحدودية الفاصلة، كما أن من بين الأهداف الرئيسية لاستهداف مطار T4 العسكري في شباط/ فبراير ونيسان/ أبريل 2018، هو منع إيران من امتلاك قدرات دفاعية لطائرات غير مأهولة تقوم بالاختراق المستمر لمنطقة الفصل الحدودية.
  5. منع إقامة مراكز عمليات تابعة لإيران ووكلائها على الشريط الحدودي مع إسرائيل أو على مقربة من منطقة الفصل، ولذلك استهدفت إسرائيل في كانون الثاني/ يناير 2015 قافلة كان على متنها جنرال إيراني ومقاتلين من حزب الله، وفي هذا الصدد تبدي إسرائيل تخوفًا من قاعدة الكسوة الواقعة جنوب سوريا التي أنشأتها إيران وتم الكشف عنه في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وسارع الطيران الإسرائيلي لقصفها في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2017.
  6. تعطيل مساعي إيران في تشكيل قوة عسكرية لها متجذرة في سوريا على غرار حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق، ويبدو أن إسرائيل تركز على منع تحويل فرع حزب الله السوري الناشئ لوحدة مسلحة ذات دعامة قوية تؤهلها للبقاء على المدى الطويل، وهنا يأتي تفسير استهداف قيادات لحزب الله في سوريا مسؤولين غالبًا عن تشكيل فرع سوري وعلى رأسهم سمير القنطار الذي قتل بغارة إسرائيلية أدت لمقتله في 21 آب/ أغسطس 2015، وأيضًا مصطفى بدر الدين في 13 أيار/ مايو 2016 وغيرهم. في حين لا تبدي إيران تركيزًا على قوات الدفاع الوطني التي تدعمها إيران، وربما يعود السبب في ذلك إلى عدم وجود طابع مؤسسي لهذه الوحدات تساعدها على البقاء طويلًا، باستثناء المساعي الروسية لاحتواء هذه القوات ضمن نطاق منظم وهو الفيلق الخامس – اقتحام، وفي هذا الحال لا يبدو لدى إسرائيل مانع طالما أن روسيا هي المشرف الأول على هذه القوة.
  7. إنشاء منطقة عازلة تصل إلى ما بين 50 و60 كيلومترًا، وهو مطلب قدمته إسرائيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبيل توقيع مذكرة خفض التصعيد في الجنوب السوري في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، الذي لا يبعد إيران ووكلائها غير السوريين سوى مسافة تتراوح بين 15 و30 كيلومترًا عن الحدود الإسرائيلية. ومع أن واشنطن قد تتفق مع تل أبيب بأهمية إنشاء منطقة عازلة بمسافة تصل إلى 50 كيلومترًا، لكن سير التفاهمات مع الجانب الروسي لم يسمح بذلك، ومن جانب آخر لا تبدو إسرائيل واثقةً بأن وكلاء إيران من غير السوريين لن يتقربوا من المنطقة المحددة وبناءً عليه يأتي تفسير مسارعتها إلى الإعلان في شهري تموز/ يوليو وتشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أنها ليست ملزمة باتفاق تخفيف التصعيد وستحافظ على حريتها في العمل وسط التهديدات الناشئة.
  8. إنهاء قدرات النظام السوري الكيماوية ويشمل ذلك تدمير الترسانة الكيماوية الموجودة لديه، وذلك لمنع انتقال الأسلحة والمكونات والتقنيات الخاصة بالتصنيع إلى وكلاء إيران وعلى رأسهم حزب الله، بالإضافة لمنع وصولهم إلى يد المعارضة السورية أو تنظيم داعش.

ثالثًا: التموضع الإسرائيلي في سوريا بين الغرب وروسيا

تقوم إسرائيل في سوريا بإجراء حالة من التوازن الاستراتيجي مع روسيا من طرف ومع الولايات المتحدة الأمريكية من طرف آخر، عبر فتح قنوات اتصال وتنسيق عالٍ بما يساعد في ضمان عدم تجاوز خطوطها الحمراء وتساهم أيضًا في تطويرها أو وضع تعريف أكثر صرامة لما يُشكّل فعلًا خطرًا حقيقيًا من عدمه.

وفي الوقت الحالي لا يبدو أن تل أبيب تثق كثيرًا بالوعود التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حينما توجه إلى روسيا عقب تدخلها العسكري في سوريا أواخر العام 2015 وطمأنه عبر تقديم تعهدات بعدم السماح للنظام السوري بفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل. وما يعزز انخفاض مستوى الثقة بالتعهدات الروسية المقدمة لإسرائيل هو قيام الطيران الحربي التابع لهذه الأخيرة بقصف مطار T4 في نيسان/ أبريل 2018 دون أي تنسيق مع روسيا، ما استدعى هذه الأخيرة لطلب توضيح من إسرائيل حول الأسباب الداعية لتلك الضربة.

وتعلم دوائر صنع القرار في إسرائيل أن روسيا لن تتخلى عن شراكتها مع إيران من أجل الخطوط الحمراء الإسرائيلية، التي تعتقد موسكو أنها بحاجة إلى تعاريف أكثر صرامة وتحديدًا وضمن تفاهم ثنائي، ومثال ذلك عدم رضى روسيا لمساعي إيران في إنشاء قاعدة بحرية قريبة من قاعدتها الخاصة على البحر المتوسط وموقفًا أقل وضوحًا إزاء إنشاء قاعدة جوية إيرانية بالقرب من تدمر، في حين تقدم روسيا اعتراضًا على وجود قاعدة برية قريبة من إسرائيل. وهذه النقاط توضح بعض الخلاف حول الخطوط الحمراء بين الجانبين الإسرائيلي والروسي.

وليس من المستبعد القول إن إسرائيل لا ترغب بترسيخ الوجود العسكري الروسي الدائم في سوريا بما يتجاوز قاعدتها البحرية في سواحل طرطوس، وذلك لتجنب نشوب صراع بين القوات الإسرائيلية والروسية، وللحد من أي احتمال يقوم على تعزيز روسيا لموقف إيران بما يتجاوز الخطوط الحمراء الإسرائيلية.

وبناءً عليه يظهر أن إسرائيل باتت الآن تضع تعويلًا أكبر على شراكتها مع الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من التفاهمات التي تجريها مع روسيا من أجل تقييد القوة الإيرانية المتصاعدة في سوريا ومنعها من تحويل الجبهة الشمالية لقاعدة متقدمة ضد إسرائيل التي تربط ذلك بوجود استراتيجية أمريكية أوسع نطاقًا ضد إيران بما يشمل مراجعة تامة للاتفاق النووي الإيراني وآثار هذه المراجعة على الوجود الإيراني في سوريا ولبنان من حيث الوكلاء والبنية التحتية الاقتصادية والعسكرية التي تعمل على ترسيخها.

رابعًا: احتمالات المواجهة بين إسرائيل وإيران في سوريا

لدى إسرائيل تصميم كبير على تقويض النفوذ الإيراني في الجبهة الشمالية، ربما حتى لو احتاج ذلك إلى مواجهة عسكرية، ورغم أن المناخ العام يشير إلى عدم الرغبة في التصعيد، لكن تل أبيب تخشى من أن يؤدي تأجيل اتخاذ قرار الحرب إلى دفع ثمن أكبر في وقت لاحق. وقد عبّر عن ذلك صراحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 6 أيار/ مايو 2018([3]). وطالما أن تل أبيب تجد صعوبة بالغة باتخاذ قرار الحرب الشمالية ضد إيران ووكلائها، فإن شكل هذه الحرب حتى لو تم اللجوء إليها ربما يكون من خلال أحد الاحتمالات الآتية:

  • قوة صارمة مشتركة (إسرائيلية – أمريكية): بمعنى أن تقوم إسرائيل بالعمل على توفير خطة استراتيجية مشتركة واستباقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن من غير الواضح أن هذه الأخيرة تفضل خيار المواجهة الاستباقية ضد إيران أو دعم مثل هذا الخيار، والموقف الأمريكي يشوبه كثير من التردد؛ لأن من شأن عدم توفر ذلك أن يُحمّل إسرائيل وحدها عبء المواجهة.
  • قوة صارمة أحادية (إسرائيلية): بمعنى أن تقوم إسرائيل ببذل جهد أكبر على رسم خطة استراتيجية عبر الخطوط الحمراء التي وضعتها، لتنفيذ ضربة استباقية بشكل منفرد ضد النفوذ الإيراني في سوريا فقط دون لبنان، حتى لا يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق الحرب، وهذا الاحتمال ينطوي على تنفيذ حرب محدودة تقلل من المخاطر المحيطة بالأمن القومي الإسرائيلي.
  • قوة ناعمة مشتركة (إسرائيلية – روسية): بمعنى أن تعيد إسرائيل بذل الجهد مع روسيا من أجل تقييد النفوذ الإيراني في سوريا، وهذا يتطلب وضع الطرفين لاستراتيجية محددة وواضحة مبنية على إعادة تعريف مشترك للخطوط الحمراء التي وضعتها تل أبيب. وربما تستفيد هذه الأخيرة من عامل التنافس المتصاعد بين طهران وموسكو في سوريا، من أجل إقناع روسيا بتوسيع نطاق الخطوط الحمراء أو الاستراتيجية المرتبطة بما يتناسب مع رغبات إسرائيل.
  • قوة ناعمة مشتركة (إسرائيلية – روسية – أمريكية – غربية): بمعنى أن تستثمر إسرائيل الجهد الدولي الحالي المتعلق بالنقاشات حول إصلاح أو إنهاء الاتفاق النووي مع إيران، على أن تقوم بتوحيد الرأي الغربي والروسي على: إما إعادة إصلاح الاتفاق النووي أو إنهائه واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن تقييد نفوذ إيران في المنطقة.

 

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية 

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية © 2018

([1]) “إسرائيل: أقل من حرب وأكثر من مواجهة”. المدن، 10-2-2018، https://goo.gl/kQ3nU7

([2]) “نتنياهو: إيران كذبت بوقاحة بشأن البرنامج النووي واستمرت في العمل بعد الاتفاق”. تايمز اف إسرائيل، 1-5-2018، https://goo.gl/rs8xW2

([3]) “Netanyahu: Iran Must Be Stopped, Even if It Means Conflict – and Better Sooner Than Later”.HAARETZ . 6-5-2018. https://goo.gl/7E6uS4

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى