الاصداراتترجمات

الصِّين تُسيّس القضيّة الصحيّة عن طريق حرمان تايوان من الوصول إلى المعلومات

أكملت تايوان تجهيزاتها في مواجهة وباء كورونا، هذا رغم بُعدها عن أيِّ معلوماتٍ رسمية حول هذا الفيروس.

ستيفان كوركوف الأستاذ الباحث في معهد الدراسات السياسية في ليون والباحث المشارك في مركز الدراسات الفرنسية حول الصين المعاصرة يوضّح أنه: “حتى وإن كانت تايوان معزولةً تمامًا فإنّ الجزيرة مستعدةٌ بشكلٍ كافٍ، فقد اتّخذت الحكومة إجراءاتٍ عاجلةٍ فيما يخصّ الحجر الصحّي، كما استأنفت إنتاج الأقنعة”.

في يوم الثلاثاء ٤ شباط/فبراير اتّهمت تايوان _التي لديها ١١ حالة إصابةٍ بكورونا_ الصينَ على لسان المتحدّثة باسم وزارة الخارجية جوان أوو بأن الصين: “تضع اعتباراتٍ سياسية قبل الصحية أو حتى قبل سلامة الناس” وعلى هذا أدانت تايوانُ الصينَ على هذا التوجه: “هذا تصرفٌ دنيءٌ جدًّا”.

لم يُسمح للجزيرة _التي هي بحكم المستقلّة ولكنّها غير معترف بها من الأمم المتحدة_ بالمشاركة بالاجتماعات الفنية الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية ممّا يمنعها _بطبيعة الحال_ من الحصول على معلوماتٍ حاسمةٍ حول هذا المرض في الوقت المناسب.

كما يعتقد ستيفان كوركوف أنّ: “الصِّين تعمل على أخذ الأزمة الصحية على محملٍ سياسي، وذلك بمنع تايوان من الوصول إلى المعلومات التي تتعلق بالفيروس”.

ما هو الوضع الذي تواجهه تايوان مع انتشار وباء كورونا؟

افتُتِحتْ الجلسة ١٤٦ للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية يوم ٣ شباط/فبراير والتي استمرّت لأربعة أيام، وبالطبع لم تستطع تايوان المشاركة، رغم أنّ تايوان وبسبب موقعها الجغرافي وعلاقاتها الاقتصادية والاجتماعية مع الصين معرضةٌ بشكلٍ كبير لانتقال الوباء إليها.

التايوانيون موجودون في كلّ مكانٍ في الصين، وما لا يقلّ عن ٤٠٠ منهم مسجلون بشكلٍ رسمي في ووهان، بدل مساعدتها تعمل الصين على تسييس هذه القضية الصحية وتحرم تايوان من الوصول إلى المعلومات التي تهمّها حول الفيروس، بينما تدّعي منظمة الصحة العالمية عكس ذلك بأنّ تايوان قد: “استفادت من المعلومات من خلال الصِّين ذاتها”.

كل ذلك فيما تصرّ تايوان على أنّها لا تتلقى أيّ معلوماتٍ مباشرةٍ ولم تتمّ دعوتها إلى أيّ من اجتماعات الطوارئ الفنية التي عُقدت في ٢٢ و٢٣ و٣٠ كانون الثاني/يناير حيث قرّرت منظمة الصحة العالمية تسمية فيروس كورونا بأنّه: “حالة طوارئ للصحة العامة تُثير القلق الدولي”.

تجد تايوان نفسها مندمجةً في البر الرئيسي للصين من قبل الدول التي منعت الأجانب القادمين من ذلك البلد من دخول أراضيها ومن بينها إيطاليا، وفعلت فيتنام الشيء نفسه، إلا أنها أخرجت تايوان من القائمة لاحقًا.

ما هي طبيعة العلاقات بين تايوان ومنظمة الصحة العالمية؟

تاريخيًّا كانت تايوان _اسمها الرسمي جمهورية الصين_ عضوًا مؤسّسًا لمنظمة الصحة العالمية في عام ١٩٤٨، ثمّ طُردت من الأمم المتحدة في عام ١٩٧١، بعدها بعقودٍ من الزمن أُذن لها بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٦ بالمشاركة كمراقبٍ في جمعيات منظمة الصحة العالمية.

كان ذلك في إطار سياسة “التقارب” مع الصين التي اعتمدها الرئيس ما يينغ جيو (2008-5016) والتي كانت واحدةً من نتائج أزمة (السارس) بين عامي ٢٠٠٢_٢٠٠٣، حيث افتقرت تايوان أيضًا وقتها بشكل كامل للمعلومات المتعلقة بالفيروس.

منذ عام ٢٠١٦ وانتخاب ما تساي إنغ ون، مَنعت الصين مشاركة تايوان في الجمعيات التابعة لمنظمة الصحة العالمية، ولكن تايوان تمكّنت من المشاركة في الاجتماعات الفنية شرط عدم إصرارها على وضعها كدولةٍ مستقلّةٍ ذات سيادة، وتجدر الإشارة أنه ما بين عام ٢٠٠٩ و٢٠١٩ ومن بين ١٧٩ طلبٍ قدّمتها تايوان في هذا الاتجاه تمّ قبول ٥٧ طلبٍ فقط.

تقوم عدّة دولٍ بحملاتٍ من أجل عودة تايوان إلى منظمة الصحة العالمية، هل يمكن لهذا الفيروس أن يكون حجةً لإعادة الدمج هذه؟

أيّد كلٌّ من رئيس الوزراء الياباني تشينزو آبي ونظيره الكندي جاستن ترودو هذا الموقف مؤخّرًا بشكلٍ صريحٍ أمام برلمانيهما.

مثل هذه الأسئلة يجب أن يتمّ توجيهها إلى الجمعية الوطنية الفرنسية، والأمل أن تدعم فرنسا وجود تايوان في هذه الجلسات الفنية، فالرهانات ذات شقّين: فمن ناحية هناك أكثر من ٢٠٠٠ شخص فرنسي في تايوان، ومن ناحيةٍ ثانية ومن خلال استبعاد تايوان من منظمة الصحة العالمية فإنّنا نحرم أنفسنا من خبرتها.

على الرغم من أن تايوان معزولة إلا أن الجزيرة في حالة جاهزيةٍ تامّةٍ، حيث اتّخذت الحكومة كافة الإجراءات العاجلة فيما يخص الحجر الصحي واستأنفت صناعة الأقنعة.

يوجد في البلد أيضًا مركزٌ لمكافحة الأوبئة يضمّ ٩٠٠ مسؤولٍ، وهو عددٌ كبيرٌ لبلدٍ يبلغ عدد سكّانه ٢٣.٥ مليون نسمة.

ليس من المستحيل أن تخفّف الصين من موقفها تجاه تايوان، ولكن يجب أن تجد الطريقة التي تجعل الصين تفهم أنّ سياسةً كهذه _تخفيف موقفها_ لا يمكن إلا أن تعود بالفائدة للجميع.

صحيفة لوموند ٤ شباط/فبراير

 بريس بيدروليتي

الرابط الأصلي من هنا

“الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات“

جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات©2020 



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى