الاصداراتترجماتمتفرقات 1

هل تستطيع إسرائيل خوض حرب على ثلاث جبهات؟ السيناريو المرعب

هل تستطيع إسرائيل خوض حرب
على الرغم من أن رئيس وزراء إسرائيلي “نتنياهو” والمعروف عنه تركيزه على التهديدات الفلسطينية والإيرانية على الأمن القومي الإسرائيلي، إلا أنه وفي الأشهر الأخيرة حذر وبشكل متزايد من خطر الإيرانيين أكثر من الفلسطينيين. بينما اعتبر أن هزيمة داعش في كل من العراق وسوريا أمرٌ لا مفر منه. والظاهر أن مجمل قلق نتنياهو الآن هو أنَّ إيران تصر على ترسيخ تواجد قوي في سوريا وذلك بتأسيس قواعد عسكرية كبيرة كجزءٍ من دعمها المستمر لنظام الأسد في الحرب. وهذا طبعاً يجب ألا يفاجئ نتنياهو أو أي شخص آخر على علم بطموحات إيران الساعية للهيمنة على المنطقة؛ والتي تعتبر سوريا المحور الذي سيحافظ على نفوذها في المنطقة من الخليج إلى البحر المتوسط.
 
ومع ذلك فإن تأجيل نتنياهو لمسألة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في هذه المرحلة هو خطأً فادح. ففي الحقيقة وبسبب التهديدات الإيرانية المتزايدة وجب على نتنياهو أن يفعل ما بوسعه الآن لإعادة إحياء اتفاقية السلام مع الفلسطينيين في سبيل سلام شامل بين العرب وإسرائيل، وبذلك لا يحد من التهديدات الفلسطينية – فحسب- وإنما سيخفف على الأقل من الخطر الإيراني إلى حد ما، وإلا فإنه سيسهل استمرار الدور الإيراني.
 
أن التدخل الإيراني الآن في الحرب الدائرة في سوريا ليس بجديد وسبقَ ذلك بعدة عقود، ولكن ما هو جديد تصميم طهران على تأسيس جبهة ثالثة في سوريا ضد إسرائيل، بالإضافة إلى جبهات حماس في غزة وحزب الله في لبنان.
 
القيادة العسكرية العليا في إسرائيل قلقة وبشكل خاص حول إمكانية اندلاع واحد من المناوشات العسكرية بين إسرائيل وحماس والتي من المحتمل أن ينضم إليها لاحقاً حزب الله ( أو بالعكس)  والتي – ربما- تقرر إيران أن تشترك فيها من خلال الهجوم أو التحريض بدايةً،  وذلك لإجبار إسرائيل القتال على ثلاث جبهات وهذا ما سيمنح الفرصة للفلسطينيين الانتفاض في الضفة الغربية.
 
وخلال كلمته بمقر وزارة الخارجية – في ذكرى الإسرائيليين الذين قتلوا في تفجير السفارة عام 1992 في الأرجنتين- صرح نتنياهو:” بأن النظام في طهران يتطلع لأن يرفع علمه فوق العالم الحر، ليستمر بتهديده للقضاء على إسرائيل”.
 
وبالرغم من أن نتنياهو يدرك عدم قدرته على إقناع إدارة “ترامب” لإبطال الاتفاق النووي الإيراني، فهو يريد التأكد بأن واشنطن يقظة لسلوك إيران العدواني والمزعزع للاستقرار في المنطقة وبأنها لا تزال مستمرة بإبقاء إيران تحت المحاسبة والتأكد من التزامها الكامل بتنفيذ الاتفاق.
فضلاً عن رغبة نتنياهو التأكد من أن واشنطن على يقين بالخطر من التواجد الإيراني العسكري في سورية وذلك من خلال تأسيسها لقواعد قريبة من مدينة القنيطرة، الواقعة على بعد بضعة أميال من الحدود مع مرتفعات الجولان. وتحقيقا لهذا الغرض، قام أيضاً خلال محادثاته مع الرئيس الروسي “بوتين” بالتعبير بشكل واضحاً وصريح بأن إسرائيل لن تتسامح مع مثل هذه النتائج مالم يتم القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية.
 
والجدير بالذكر أن هزيمة تنظيم الدولة بات أمراً حتمياً وقد يستغرق 6 أشهر على الأقل بحسب الاعتبارات العسكرية في الوقت الذي تقوم به إيران بتعزيز تواجدها العسكري الممنهج في سورية من خلال زيادة معداتها العسكرية، والتي تحتوي على صواريخ طويلة وقصيرة المدى من دون أي اعتراض من الأسد، الذي يرى أن استمرار تواجد إيران أمرٌ بالغ الأهمية لبقائه في السلطة في المستقبل المنظور.
 
وعلى الرغم من أن موسكو و/أو واشنطن قد تدعم موقف نتنياهو إلا أنه لا يمكن أن تفعل المزيد حيال ذلك مع استمرار الحرب ضد داعش بمشاركة إيران. إضافة لذلك، تواصل إيران نقل مجموعة من الأسلحة من ضمنها صواريخ لحزب الله، بالرغم من استمرار اعتراض وتدمير إسرائيل العديد من شحنات الأسلحة إلا أن كميات كبيرة من الأسلحة يتم تدبيرها للوصول إلى وجهتها في لبنان.
 
حيث يقدر الآن عدد صواريخ قصير ومتوسطة المدى بــ 200000 صاروخ تقريباً موزعة بين حزب الله وحماس، والتي من الممكن أن يصل العديد منها أي هدف في إسرائيل من ميتولا في الشمال إلى إيلات في الجنوب. معاً، حيث يمكنهم أن يمطروا إسرائيل بأكثر من ألف صاروخ يومياً لمدة سبعة أشهر تقريباً.
 
نظراً للتوتر المتزايد بين إسرائيل وحماس، فإنه ليس من المستبعد اندلاع مناوشات أو أعمال عسكرية كبيرة، وبالرغم من وعي “قوات الدفاع الإسرائيلية” لمثل هذه الاحتمالات فإنها تواجه السيناريو المرعب، بصرف النظر عن كيف ومتى قد تحدث مثل هذه الحرب.
مع أن نظام “الدفاع” “الجوي” “الإسرائيلي” هو واحد من أكثر الأنظمة المتطورة في العالم، إلا أن إسرائيل ستظل غير قادرة على اعتراض جميع الصواريخ القادمة، فخروج آلاف الصواريخ التي يمكن أن يطلقها حزب الله وحماس يومياً سيكون بإمكان العشرات منها السقوط فوق أماكن مأهولة في إسرائيل مخلفةً المئات من الضحايا والأضرار في البنى التحتية. وخصوصاً في المناطق التي تكون فيها الملاجئ محدود أو غير موجودة.
وبالإضافة لذلك سيتم إغلاق الشركات والأعمال التجارية لعدة أسابيع ناهيك عن الشح المتزايد في المؤن الغذائية والدوائية وإغلاق المدارس والمشافي التي ستفيض. وزيادةً على ذلك الجيش سيتمزق، فيما إذا انتهى به الأمر لغزو غزة ولبنان المرافق لقصف المنشآت الإيرانية في سورية وكبح انتفاضة الفلسطينيين وحماية المستوطنين في الضفة الغربية.
ولمنع مثل هذا السيناريو المرعب لربما قد تشعر إسرائيل بأنه مبرر لها بأن تقوم بتفجير واسع النطاق للوضع على ثلاث جبهات. ونظراً لحقيقة تواجد صواريخ حماس وحزب الله ضمن التجمعات المدنية، حيث سيكون هناك المئات من “الضحايا”. علاوةً على أن الهجوم على إسرائيل من قبل القوات الإيرانية في سورية قد يجبر إسرائيل لقصف أهدافاً في إيران. مركزةً بشكل رئيسي على المنشآت النووية.
 
وإنه من الصعب التخمين حول ماهية ردة فعل كل من العالم العربي وأوروبا وروسيا وأمريكا. ولكن الشيء الواضح هو أن معظم الشرق الأوسط سوف يشتعل وسيكون من الصعب فهم كيف ستكون خطورة العواقب.
نعم، إسرائيل ستنتصر تقنياً ولكن ستكون من أكثر الانتصارات المدمرة في سجلات الحروب في العصر الحديث.
قد يبدو هذا السيناريو غير محتمل ولكن احتمالية حدوثه ستزداد كل يوم فيما إذا شعر نتنياهو بالقلق حقاً حيال تأسيس إيران قواعد دائمة في سورية، والتي من الممكن أن تهدد الأمن القومي الإسرائيلي وكما صرح فإنه لا يستطيع استبعاد مثل هذا الاحتمال المرعب.
وأن جديته حول التهديدات الإيرانية حالياً، يتم اختبارها من خلال تفاعله أو عدمه إزاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. – وأنا أؤكد-على أنه لم يكن هناك وقت أفضل، للنظر بعناية شديدة في موضوع حل الدولتين المسبوق بعملية تسوية في سبيل سلام شامل بين إسرائيل والعرب. وخصوصاً ان الدول العربية الآن تشاركه قلقه بشأن التهديدات الإيرانية.
وأكثر من أي وقت مضى، فإن الدول العربية بقيادة مصر والسعودية والأردن والمغرب وقطر في موقع لممارسة تأثير أكبر على السلطات الفلسطينية وحماس للدخول في مفاوضات جادة، شريطة أن تظهر إسرائيل رغبةً صادقة من أجل سلام حقيقي.
وبإمكان نتنياهو وبعض وزرائه المتشددين أن يثبتوا ذلك، بالإشارة إلى أن إسرائيل ليس لديها النوايا لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في المقام الأول، وبإعلان تعليق التوسع في المستوطنات على الأقل لمدة سنة واحدة في المقام الثاني.
وإذا لم يدعم شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم مثل هذه المبادرة، ينبغي أن يكون لديه الشجاعة للتخلي عنهم وتأسيس حكومة جديدة مع أحزاب الوسط واليسار التي تدعم السلام من خلال التفاوض مع الفلسطينيين.
فقد كان نتنياهو يتظاهر فقط بدعم فكرة إقامة الدولة الفلسطينية-فيما لو كان وجود إسرائيل على المحك بسبب التهديدات الإيرانية كما يدعي باستمرار-وهو يتمتع بالأهلية والدعم الشعبي لتحقيق ذلك الهدف. فلديه الفرصة السانحة لإقامة السلام والبدء بمستقبل أكثر أمناً وإشراقاً-للإسرائيليين- الذين يتوقون إليه في إسرائيل وخارجها.
لتحميل المقال من هنا
 
 

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات © 2017

“الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز برق للأبحاث والدراسات 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى