الاصداراتالدراسات الاستراتيجيةترجمات

“نحن نشهد تفكك سورية”

اعتقد البعض أن الحرب في سورية على وشك الانتهاء، ولكن سرعان ما ظهرت مخاطرٌ تصعيديةٌ جديةٌ في أيامٍ قليلة، حيث بدأ الخلاف يظهر بين الجيران الإقليميين والقوى العالميّة الكبرى، ذلك بعد أن أصبح جليًا ومن خلال مجريات ما يحدث واقعيًا على الأرض، أن لغة القوّة عادت من جديد في وضع محدّدات العلاقات الدّوليّة.

جوزيف باحوط، الباحث الزائر في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي يتحدث عن دلالات التطورات الجديدة في سورية “كل  تلك المعارك كانت متوقعّة وتمّ التخطيط لها بالتفصيل، من السّيطرة على حلب إلى دوما ودير الزور وغيرها من المدن والمناطق السورية، وكان متوقعا أيضًا ما كان من اجماع دولي ظاهري على أنّ تنظيم الدولة يشكّل الخطر الوحيد في المنطقة، هذا الإجماع كان يُخفي  تحته ما يُخفي، الأمر الذي سمح بتمرير التطورات التي حدثت بشكل ديناميكي”

ويتابع باحوط”نحن في بداية المرحلة الثالثة للحرب السورية، ما يعني وجود تخطيط مسبق على الأقل للمرحلتين الثانية والثالثة، المرحلة الأولى بدأت بانطلاق الثورة من مهدها في درعا ضد نظام متغطرس ومتعطش للدّماء، وهي نفسها بدأت بمظاهرات تميزت بسلميتها لأشهر حتى بدأ التسليح في مواجهة استراتيجية القوة التي اتبعها النظام منذ البداية. المرحلة الثانية كانت فترة القتال ضدّ تنظيم الدولة، والتي حملت خفايا وألغاز لم يتم فك تعقيداتها حتى اليوم”.

ويوضح باحوط أن المرحلة الثالثة كانت بداية لاتضّاح بعض الأمور إلى حدٍ ما، إذ ارتكزت على تقطيع أوصال سورية إلى مناطق نفوذٍ مختلفةٍ غير مستقرة، تركيا في بعض المناطق الشماليّة، روسيا في الشمال الغربي وفي وسط البلاد وكذلك بعض المناطق الجنوبية، يُضاف إلى ذلك كله مناطق سيطرة ميلشيا قسد التي ترتبط بالسيطرة الأمريكية، والسعي الإيراني للحفاظ على مناطق توصلها بلبنان.

وعن تقييم مجمل هذه المخاطر يتساءل باحوط عن كيفية دمج المصالح المختلفة وأحياناً المتناقضة للدول الفاعلة في الشأن السوري معًا “هل نحن أمام تسوية إقليميّة ودوليّة؟ أم على العكس، نقف على احتماليّة اندلاع حريق يمكن أن يتمدّ نحو إيران أو دول الخليج مثلًا”

هناك من لا يؤمن بنظرية التسوية العامة، وفي هذا الإطار يشدد باحوط على أنه “ما يبدو أكثر واقعيةً هو عودة التوترات الدولية، وفي هذه الحال ستكون روسيا أكثر فعالية، في حين تفتقد الولايات المتحدّة للاستراتيجيّة الحقيقية، وفي الوقت نفسه لا تقبل بالتخلّي عن أيّ من مصالحها. ويستدرك “ًلكن إيران لا تزال في صلب المشكلة، إيران التي هيمنت على منطقةٍ تمتد من طهران إلى بيروت، والسؤال عمّا إن كان يوجد طريق للوصول إلى توافق يُشرّع هذه الهيمنة، هذا ما لا يمكن استيعاب حدوثه من دول مثل تركية والسعودية أو إسرائيل”

وعن دور الأسد في كل ما سبق يؤكد باحوط “لا تزال المسألة السورية تطرح نفسها، وخاصّة الابقاء على الأسد رئيسًا أو بالأحرى دمية صغيرة، قبل هذا كلهّ أصبحت سورية مسرحاً لتصفية حسابات إقليمية ودولية، تحولّت إلى ساحةٍ لحرب متعددة الأهداف والأبعاد والأطراف، صندوق بريدٍ للتراسل بين الدول تمامًا كما حصل في لبنان فيما مضى”

ونفى باحوط أي احتمال لرغبة أي طرفٍ بالانسحاب من الصراع “الحالة السورية أعادتنا إلى فترة الحرب الباردة، الجميع يحاول أن يحافظ على قواعد اللعبة بيده، لهذا السبب الكل يتخبط، وما اعتقدنا أنه عفا عنه الزمن ومضى وانتهى هو أن لغة القوة والوحشية لا تزال تدير العلاقات الدولية، وهو ما يحصل بالفعل وما لا نرغب برؤيته”

أما عن التدخل الروسي إلى جانب الأسد يشدد باحوط أن “الروس لا يزالون مستمرين باستخدام العنف والقوة بعدما نجحوا وعن طريق العنف بتغيير الوضع على الأرض، العنف الروسي ما كان أن ينحو هذا المنحى من الشدّة لولا خضوع الغرب وصمتهم عندما استخدم الأسد الأسلحة الكيميائيّة.

كتبه لويس ليما لصحيفة لوتان السويسرية

https://www.letemps.ch/monde/joseph-bahout-assistons-depecage-syrie

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى