الاصداراتترجمات

مناوراتٌ سياسيَة وراءَ حرائقِ شمال شرق سورية

طلب سلمان بارودو المسؤول في مجلس قوات سورية الديمقراطية _قسد_ عن الزراعة، مساعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لإخماد الحرائق التي تجتاح بعض حقول القمح في الشمال. “نحن نطلب من التحالف الدولي التدخل لإطفاء الحرائق بطائراتٍ خاصَة”.

منذ بداية شهر أيار/مايو دمَرت الحرائق عشرات الهكتارات من حقول القمح في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد التابعين لمجلس قوات سورية الديمقراطية المدعومين من الولايات المتحدة.

بعض هذه الحرائق ناتجٌ بسبب عوامل جويةٍ مثل درجات الحرارة المرتفعة. يقول نيكولاس هيراس الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد والخبير في شؤون أمن الشرق الأوسط: “يمكن أن يُعزى سبب الكثير من الحرائق إلى سوء إدارة موارد المياه وكذلك سوء جودة وقود الجرّارات وإهمال المُزارعين المحليّين”.

ولكن يبقى القسم الأكبر من هذه الحرائق يندرج تحت أصلٍ إجرامي:

كان تنظيم الدولة قد أعلن مسؤوليته عن هذه الحرائق خاصّةً في بلدات القحطانية وتل كوجار والمناطق القريبة من الحسكة.

ويُعتقد أن النظام السوري مسؤولٌ عمّا يحصل من تدميرٍ لحقول القمح، فحسب نيكولاس هيراس: “نشبت الحرائق عمدًا من قبل تنظيم الدولة وعملاء بشار الأسد”.

يهدف النظام الذي له علاقة متوترة حاليًّا مع الأكراد شمالي سورية إلى زيادة الضغط على السكّان لتسهيل عودة هذه المناطق إلى سيطرته.

بالنسبة لجوليان ثيرون المحاضر والباحث في قسم العلوم في المركز العربي للبحوث والدراسات السياسية في باريس فإنّ الاستراتيجية التي يتبعها تنظيم الدولة هي الحفاظ على الوضع الراهن شرقي سورية.

هذا يعني أنّ التنظيم يحاول زعزعة كيان “الحُكم الذاتي” للأكراد، ويوضح ثيرون: “الحرائق هي إحدى الطرق لخلق حالةٍ من انعدام الأمن ودفع السكان المحليين للمغادرة”.

إنتاج القمح في خطر:

هذه الحرائق تُعرّض المزارعين المحليين إلى مخاطر معيشيّةٍ بالغة، إذ يفتقرون إلى أبسط سُبل العيش.

وبالتالي يُجبرون على التفاوض مع النظام السوري من جهة والأكراد من جهةٍ أخرى في حالةٍ من التنافس لشراء القمح.

لا يخفى على أحدٍ حاجة كل من النظام وقسد إلى القمح لإطعام السكان الذين يعيشون في مناطق سيطرة كلٍ منهما.

وهذا ما وضحه نيكولاس هيراس متابعًا أن هذه الأزمة قد تشجع المزارعين الذين لم يبيعوا محاصيلهم بعد على: “التفاوض بأقصى سرعة مع أحد الجانبين لجني حصاد تعبهم”.

يمثّل القمح في شمال شرق سورية مشكلةً كبيرةً لكلا المعسكرين خاصةً بالنسبة للنظام السوري الذي يُسيطر على عدد أكبر من السكان في مناطقه مقارنةً بمناطق قسد.

هذه المناطق كانت سلّة الخبز السوري قبل عام ٢٠١١، حيث وفّرت أكثر من ٥٠٪ من إنتاج الحبوب بالإضافة إلى إنتاج القطن الضخم (٨٠٪ من مُجمل إنتاج البلاد).

يوضّح ماتيو برون طالب دراسات عليا في العلوم السياسية قسم العلوم في بوردو: “هذه الأراضي ضروريّة لإمدادات الغذاء وبالتالي إلى السلام الاجتماعي، فهي سلّة الخبز في البلاد”.

لذلك كما يقول برون فإنّ: “النظام يحتاج إلى هذه السلّة لضمان السلام الاجتماعي ولتجنّب الصراعات وليتمكّن من الحفاظ على سلطته على المناطق التي يُسيطر عليها”.

فيما يبدو أنّ النظام هو الأشدّ طلبًا للقمح فقد بدأ حرب القمح برفع سعر الشراء هذا الموسم _رفع سعر الشراء من ١٧٥ إلى  ١٨٥ليرة سورية متفوقًا على العرض الكردي الذي أصبح ١٦٠ بدلًا من ١٥٠ ليرة السورية_.

الأمر الذي يجعل من الصعب على قسد حتى مع الدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة أن تدعم مناطق سيطرتها بالخبز.

ويتعرّض المزارعون كذلك للخطر جرّاء هذه المنافسة حسب برون “المزارعون في وضعٍ خطر بعد سنواتٍ من الصراع والجفاف لذلك سيبيعون منتجاتهم وبسرعة إلى أعلى مزايد”.

يَعتبر الأكراد محاولات النظام هذه وسيلة ضغطٍ هدفها كما يقول سلمان بارودو: “نشر الخلاف بين السكّان ومجلس قوّات سورية الديمقراطية”.

في مواجهة ذلك وفي محاولةٍ للاحتفاظ بمخزون إنتاج القمح أصدر الأكراد قرارًا يمنع خروج شحنات القمح المباعة للنظام من مناطق سيطرتهم.

نورا دوخي لصحيفة لوريان لوجور ١٣ حزيران/يونيو ٢٠١٩

الرابط  الأصلي من    هنا

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر برق للسياسات والاستشارات

جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات © 2019

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى