تقارير

المسيحيون في إدلب – أعدادهم وعلاقتهم بسلطة المنطقة

احتضنت محافظة إدلب في سوريا عددًا معتبرًا من المسيحيين أصحاب الأرض نظرًا لطبيعة التقارب الجغرافي مع مدينة أنطاكيا التي تضم أهم بطريركيات الشرق.  

بعد سنوات الحرب ومع حركة التهجير التي شملت السوريين بكل طوائفهم، انخفض الوجود المسيحي في إدلب بشكل كبير مقتصرًا على ثلاث قرى بريف جسر الشغور وداخل مدينة إدلب، بعدد لا يتجاوز 250 شخصًا معظمهم من كبار السن، يمارسون طقوسهم في 3 كنائس بحماية من هيئة تحرير الشام، لكن يحظر عليهم قرع الأجراس أو وضع الصلبان على المباني، ومؤخرًا عادت نحو 15 عائلة مسيحية بتنسيقٍ مع الهيئة وبضمانات إعادة ممتلكاتهم المصادرة.

الأعداد والنطاق الجغرافي

يوجد في مدينة إدلب  3 مسيحيين (رجلان وامرأة) فقط، أعمارهم لا تقل عن 50 عامًا، اثنان منهم عادا من مدينة حلب قبل 3 أشهر للمطالبة بأملاكهم المصادرة من قبل الهيئة.

أما في الريف، فيوجد أكثر من 200 مسيحي يعيشون في قريتي اليعقوبية والقنية بريف جسر الشغور، ونحو 20 شخصًا في قرية الجديدة، حيث تسكن معهم عائلات نزحت من إدلب وحماة واللاذقية، من بينهم مقاتلون يتبعون للهيئة.

قبل سيطرة المعارضة على إدلب كان هناك وجود للمسيحيين في مدينة جسر الشغور وقريتي الغسانية وحلوز، لكنهم نزحوا منهما بالكامل ولا يتواجد بهما أحد حاليًّا.

مسؤولو الكنائس في إدلب:

كنيسة القديسة آنّا: تقع في قرية اليعقوبية، يشرف عليها الكاهن لؤي البشارات أردني من محافظة الزرقاء، قدم إلى إدلب عام 2016 لإدارة شؤون الكنيسة، وكان قبلها في بيت لحم بفلسطين، ثم جاء إلى إدلب بعد اختطاف عناصر ينتمون لتنظيم لـحراس الدين المتطرف الكاهن السابق للكنيسة الأب ضياء عزيز (عراقي الجنسية)، علمًا أن البشارات جاء ضمن مهمة يقوم بها الرهبان الفرنسيسكان، معروفة بجماعة “حراسة الأراضي المقدسة” الكاثوليكية التابعة للفاتيكان، وهو حاليًّا المسؤول الديني عن المسيحيين في إدلب.

كنيسة القنية: يديرها الراهب حنا جلوف وهو سوري من قرية القنية، له منصب ديني (نائب رسولي للكنيسة اللاتينية في سوريا)، حيث تقام فيها الطقوس الدينية للمسيحيين في المنطقة.

كنيسة مار يوحنا للروم الأرثوذكس في قرية الجديدة: يديرها رجل دين من القرية اسمه مجاهد يونس أبو شربل وهو المسؤول المباشر عنها، لكن نادرًا ما تقام الصلوات في الكنيسة التي يقصدها مسيحيو قريتي اليعقوبية والقنية.

علاقة سلطة إدلب بالمسيحيين:

يستغل الجولاني سعي مسيحيي إدلب لاستعادة أملاكهم المصادرة لتوظيفه في زيادة مستوى قبوله كسلطة معترف بها على الصعيدين الإقليمي والدولي، بدأ هذا التوجه قبل عامين بتواصل بين الهيئة وشخصيات مسيحية خارج سورية، حيث بدأ التواصل مع الأب إبراهيم فرح، المقيم في تورينو بكندا والمعارض لنظام الأسد، من قِبَل الهيئة للتنسيق مع المسيحيين النازحين في حلب واللاذقية للعودة إلى قراهم.

اللقاءات مع مسيحيي إدلب:

 التقى الجولاني بوجهاء من مسيحيي إدلب في يوليو 2022 كان من بينهم جلوف والبشارات، وقدم وعودًا باستعادة جميع أملاك مسيحيي إدلب المصادرة ومنع التجاوزات بحقهم، كما عُقدت عدة لقاءات بين قيادة منطقة جسر الشغور في حكومة الإنقاذ والمسيحيين خلال الأشهر الماضية، أضافة لذلك تم الاجتماع مع الإدارة العامة للإسكان التابعة للحكومة والتي تضم مكتب المسؤول عن التصرف بممتلكات المسيحيين.

بناء على ذلك كلف الجولاني مؤسسة الإسكان بتقديم تسهيلات لاستعادة المسيحيين لأملاكهم وتشجيعهم على العودة إلى إدلب، علمًا أنه تم حل مكتب أملاك النصارى المسؤول عن أملاك المسيحيين وتحويل القضايا إلى مؤسسة الإسكان.

رغم كل ذلك ما زالت الهيئة تمنع أي تواصل إعلامي مع المسيحيين إلا بموجب موافقة أمنية منها، كما يمنع التصوير ضمن الكنائس أو إقامة اجتماعات مع هيئات سياسية سورية غير تابعة لها.

الأملاك التي تمت استعادتها:

 منذ عام 2022 أعادت الهيئة نحو 80 منزلًا لأصحابها المسيحيين في قريتي اليعقوبية والقنية، بالإضافة إلى أكثر من 100 أعيدت لأقارب من الدرجة الأولى موجودين في إدلب، كما أعيدت أراض زراعية ومحال تجارية، لكن لا تزال معظم أملاك المسيحيين في مدينة إدلب بأيدي الهيئة حيث يتم تأجيرها وتوظيف ريعها لصالح الهيئة.

شروط استعادة الأملاك المصادرة:

تشترط الهيئة وجود قرابة من الدرجة الأولى وأن يكون الشخص ضمن مناطق سيطرتها في حال طلبه استعادة أملاك أقرباء له، كما يطلب منه استخراج ورقة دراسة أمنية ووكالة من صاحبها الأصلي، كما لا يوجد مدة زمنية محددة للبت بقضايا الأملاك المصادرة، حيث إن شخصًا مسيحيًّا يعيش حاليًّا في إدلب مضى على إجراءات استعادة أرضه الزراعية 3 أشهر دون نتيجة مباشرة.

من الجدير بالذكر أنه يوجد حاليًّا تنسيق بين مسيحيين في حلب واللاذقية وحنا جلوف في القنية للعودة إلى إدلب، لكن عدم وجود معابر أو طرقات مفتوحة يعتبر السبب الرئيس لعدم عودتهم.

الكنائس المعطلة في إدلب

أهمها كنيسة في قرية الغسانية تعرضت للقصف سابقًا وأخرى في مدينة جسر الشغور إضافة لكنيسة حلوز كونها توجد في قرى مهجورة لعدم وجود مسيحيين، وكنيسة أخرى في اليعقوبية تعرضت لأضرار بسبب الزلزال وتم ترميمها مؤخرًا، وكنيسة السيدة العذراء في مدينة إدلب.

خلاصة:

مسيحيو إدلب لديهم رغبة كباقي السوريين بالعودة إلى مناطقهم وقراهم للعيش فيها كما كانوا واستعادة أملاكهم، يدفعهم إلى ذلك عدا عن حقهم بالعيش كونهم أصحاب أرض يدفعهم لذلك ضعف الخدمات بمناطق النظام مقارنة بإدلب، لكن ما يمنعهم حاليًّا عدم وجود معابر فعالة تضمن تنقلهم بسلاسة بين إدلب ومناطق النظام، وكذلك شعورهم بعدم الأمن وما ينتج عنه من مخاوف من تعرضهم للخطف أو التضييق.

أما فيما يخص الجولاني، فـهو يسعى لاستقطاب الوجود المسيحي بمناطق نفوذه وإظهار قدرته على حماية الأقليات وتصدير نفسه دوليًّا بأنه شريك يمكن التعامل معه، وبالتالي إزاحة الهيئة من قوائم الإرهاب.

الجهة المنفّذة: برق للسياسات والاستشارات – مجموعة القارات الثلاث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى