الاصداراتالتنمية الاجتماعيةمقال رأي

المثقف العربي وأزمة الطائفية

   يستمر مركز برق الاستشاري في  السلسلة الفكريّة التنويريّة، عن علاقة المثقف بِـالمجتمع، ودوره المأمول في بناء تكوينه الثقافي، من خلال فاعليّة المثفق في فَهم وإفهام الإشكاليات التكوينيّة في العقل الجمعي السياسي للبيئات المتأثرة بِـ اهتزازات الخروج على الأنظمة الاستبداديّة في الشرق الأوسط

ليس من المبالغة القول إن الطائفية تشكل أزمة خطيرة تواجه الدول والمجتمعات ذات التركيبة السكانية المتنوعة وتظهر في ظل ظروف معينة وتتلاشى في حال وجود دولة المؤسسات والحكومات الوطنية والاعتماد على سياسات ترسيخ المواطنة والهوية الوطنية الجامعة، والمثقف كونه جزء مهم في تركيبة المجتمعات كان لابد أن يتأثر ويؤثر في ما يتعرض له المجتمع من أزمات أو يمر به من أحداث وظواهر تؤثر في هذا المجتمع أو ذاك سلبًا أو إيجابًا.

     هذه الطائفية التي تعانيها العديد من البلدان العربية بالرغم من بروزها بشكل جلي في السنوات الأخيرة إلاَّ أنها كامنة منذ القدم وتعتاش في مراحل ضعف الدول العربية والأزمات السياسية والأمنية والتدخل الإقليمي وتتقهقر أمام الاستقرار السياسي وارتفاع مستوى التعليم والوعي لدى المجتمعات العربية، وليس ذلك فحسب بل أن السبب الأبرز لوجود الطائفية ونموها هو الانشطارات الموجودة في الدول العربية انشطارات مذهبية لا ضمن الكل الأكبر للدين وإنما انسحب هذا الأمر على الجزء الأصغر أيضًا لتستمر ضمن جزء الجزء، وقد ارتبطت هذه الانشطارات بخلافات عملت القوى المتنازعة على تجاوزها بحلول وسطية عامة تتفق عليها هذهِ الأطراف في ظل وجود عدم الاستعداد لتقبل الآخر، أو تقبل الجزء ضمن الكل، فكانت نشأة الانشطار مرتبطة بالتطرف الطائفي ورفض الآخر ومحاولة إلغائه. ويمكن التمييز بين مجموعتين من متبني الفكر الطائفي: تضع الأولى نفسها في موقع قيادة التوجه الطائفي وتجعل من الارتباط بالطائفية وسيلتها التي لا تخلو من العنف للوصول إلى أهداف مخطط لها مسبقًا تعمل على تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية هذا المنطلق يتم تصديره للناس البسطاء على أنه من جوهر الدين، أما المجموعة الثانية فهي المجموعة المنقادة، من دون وعي غالبًا، وتخضع للمجموعة الأولى، وتمثل دور المتلقي والمنفذ، بحيث تتلقى ما تشرعنه المجموعة القائدة وتعمل به دون أي نقاش لأنها لا تملك مقومات ووسائل النقاش([i]) .

    وتُعد الطائفية انتماءً عابرًا للحدود أكثر من كونها انتماء سياسي فحسب، ويتفاعل فيها الطائفي اليماني مثلًا مع مجموعات من طائفته نفسها في العراق والكويت وسوريا اكثر مما يتفاعل مع مجموعات في بلده على القضايا نفسها أو المشكلات ويخرج الطائفي في مظاهرات للتنديد بتضييق الحريات على مجموعات من طائفته في دول عربية أخرى ويصمت عن التضييق على مواطني دولته من طائفة اخرى، وأن الطائفية لا تقوم على المذهب فقط، لأنها قد تقوم على العرق أو على الانتماء الجهوي أيضًا، وفي ظل الطائفية نجد أن الطائفي يقف ويناصر أبناء طائفته حتى وإن كان ذلك على حساب الحق أو المصلحة العامة، ويتعصب الطائفي حتى ضد مصالحه، ويمثل ذلك العمى الطائفي، وهو أشد أنواع العمى ظلمة([ii]) والأشد خطورة من ذلك هو انسحاب الطائفية على المثقفين العرب ليبرز لنا ما يمكن تسميته بالمثقف الطائفي، وبالرغم من أن الاتِّسام بصفة الطائفية ترفع صفة الثقافة عن المثقف إلا أن الواقع قد أفرز لنا هذا النوع من المثقفين.

المثقف وهاوية الطائفية

      لعل من أخطر ما يضع المثقف العربي على المحك ويكون محل اختبار قاسٍ هو ركونه إلى طائفته وسقوطه في فخ الطائفية الذي يفقده صفات المثقف الحقيقي هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون المثقف أمام مسؤولية مواجهة الطائفية وتداعياتها في حال نجاته من السقوط في أوحالها.

     إن الطائفية والوطنية متناقضتان لا يمكن للإنسان أن يجمع بينهما، وأن المثقف هو واجهة الوطن والمجتمع الذي يقف خلفه الجميع من أجل النهوض بواقعهم والتأثير على الرأي العام تجاه قضية ما، وبذلك فإن المثقف الجدير باسمه هو البعيد عن أية طائفية، كون الثقافة بطبيعتها رجوحية وقلقة، في حين أن الطائفية “المذهبية والقومية” فبطبيعتها الداخلية يقين ثابت ميتافيزيقي أو قوماني([iii]). وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك في استشراء ظاهرة الطائفية عند المثقفين على أساس أنهم أسسوا طائفية ثقافية بوقت مبكر، وذلك أن المثقف القومي لا يكتب إلا عن الشاعر أو المفكر أو الروائي القومي، والمثقف الماركسي لا يكتب إلا عن الشاعر أو الروائي أو المفكر ذوي الميول الماركسية، الحال الذي أعاق تطوير الثقافة العربية لمعايير موضوعية للنقد وإنما أنتجت معايير ملائمة لكل طائفة([iv]) .

    وفضلًا عن ذلك شكلت الطائفية في ظل التطورات السياسية والاجتماعية الراهنة بابًا للشهرة بالنسبة لمثقفي الطوائف من خلال التحول من الانتماء للخطاب الثقافي بفروعه الجمالية والإنسانية، منتقلًا لخدمة مصالح الطائفة أو المذهب المنتمي إليه، وشتان بين الانتماء لخطاب فكري ثقافي إنساني يثابر ويسعى المثقف المخلص في إشاعته عبر الوسائل المختلفة، وبين الانتماء لجماعة تمثل واحدة من البنى التقليدية في المجتمع العربي (الطائفة)، ولكون اللغة هي المنتج الأكثر فرادة لدى المثقف، فإن المثقف الطائفي استغلها لدعم شهرته الطائفية، عبر وسائل التواصل الحديثة، حتى شكل المثقفون، الطائفيون طبقة تعتاش على نفس الكراهية والحقد وتعقيد الأزمات وجر المجتمعات إلى صراعات وحروب بأشد الوسائل فتكًا([v]).

      وتمثل الطائفية هاوية كبيرة ابتلعت العديد من المثقفين الذين انزلقوا إليها، منهم من نشأ طائفيًا وهو ليس بالمثقف الحقيقي الذي ينطبق عليه وصف المثقف ومنهم من كشفته المواقف بعد أن انخدعت به الجماهير لسنوات طويلة. انتجت هاوية الطائفية المرافقة للصراعات والأزمات التي تتعرض لها دول عربية مختلفة مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن ومصر موجة من مثقفي الطوائف غير القادرين على الإبداع والنقد سوى الاستعانة على الغرائز بما تفرزه من تدن وعقدٍ لتحليل الأحداث وترسيخ المواقف واختيار ذهنية القطيع على عقلية التنوير والانفتاح واكتشف المثقف العربي وعاد إلى سنيته أو شيعيته ومسيحيته وصارت هناك تيارات ومجموعات كاملة بالتوجه نفسه والمنطلق القائم على نفي الاعتراف بالآخر([vi]).

    تقدم هؤلاء المثقفون إلى الواجهة وكان جل مسعاهم إثارة غير معهودة لنوازع التعصب الطائفي وتأجيج الكراهية المذهبية إلى حد الدعوة إلى سفك الدماء والقتل عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وصارت الثقافة الطائفية أشبه بموضة ثقافية رائجة، وصارت وظيفة المثقفين الطائفيين إذكاء الطائفية وزرع الخوف والرعب وإثارة نزعة الثأر الطائفي عبر مقولاتهم وأفكارهم وتصوراتهم، ونشر القصص وتزوير التاريخ والحوادث وتأجيج المشاعر وذلك بما يضمن الحفاظ على ما تحقق لهم من مكانة لدى طوائفهم. وهذا الأمر يشكل ظاهرة ثقافية فكرية اجتماعية ذات أبعاد وتأثيرات متعددة في المجالات الفكرية والثقافية، وهي بحاجة إلى الدراسة والتحليل السوسيولوجي المعمق من أجل كشف حقيقتها التائهة في أغوار الظروف الاجتماعية التي تحيط بهم فتهوي بهم في فخ الطائفية([vii]).

   لم يقتصر الأمر عند هذا الحد من تهاوي المثقفين بل صارت تحليلات الأحداث وتفسيراتها تؤخذ بمنحى وتسويغات طائفية مفتاحًا لفهم ما يحدث من أزمات وتطورات ويتم اختزال أوضاع معقدة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، أكثر مما هي دينية أو مذهبية، لا سيما في المجتمعات التي تتميز بالتنوع الديني والمذهبي، وكأنها مجرد أحداث نابعة من جوهرانية انتماءات هوياتية، وإصرار العديد من “المثقفين الطائفيين” على وصف أي إنسان في الشرق أو المغرب العربي بهوية أحادية ومطلقة وكذلك تضخيم الفروقات والتناقضات في ما بين الانتماءات المختلفة على حساب كل العناصر المشتركة للمجموعات البشرية القاطنة في العالم العربي ما يعني التأسيس لأجواء من الفتنة والتوتر بين أبناء المجتمع الواحد فضلًا عن شيطنة أبناء الطوائف الأخرى، وتؤدي كثرة تفسيرات هؤلاء “المثقفين” وتحليلاتهم المركزة على تفسير طائفي واحد لما يحدث في الدول العربية من ظواهر وأحداث يرسخ عند الناس يومًا بعد آخر أجواء من الفتنة التي تنشرها وسائل الإعلام والتواصل الحديثة([viii]).

   وهذهِ التفسيرات الطائفية للمثقفين انعكست على مواقفهم مما يجري من أحداث وتطورات في الدول العربية، فنجد المثقف العلماني أو القومي أو الماركسي يظهر انتماءه الطائفي وينبري للدفاع عن قضية تخص طائفته أو مرجعه الديني ويصرف النظر عن انتهاكات وقضايا الفساد والجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها أبناء طائفته حتى وإن كانوا منتمين إلى حزب غير حزبه، وبالرغم من عدم عمومية هذا الطرح إلاَّ أن الواقع قد كشف لنا عن وجود العديد من الأمثلة على ذلك ولا سيما في العراق ولبنان حتى صار تأييد دول إقليمية وعربية أمرًا مستشريًا يجاهر به “مثقفو الطوائف” فهذا يجد في إيران حامية لمذهبه والآخر يرى في السعودية ناصرة لطائفته حتى وإن كان في الأمر مساس بوطنه العراق([ix]).

    والحال مشابه في سوريا التي فُسرت أحداثها والثورة فيها التي انطلقت منذ منصف آذار 2011 على أنها صراع بين أقلية علوية وأغلبية سنية، في حين أن أسباب الثورة فيها هي سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وهي ثورة “الحرية والخبز” فضلًا عن دكتاتورية النظام وقمع معارضيه بشكل رهيب([x])، لقد كشفت الأزمة السورية الوجه الحقيقي “للمثقف الطائفي” بعدما أزالت قناع الدافع الأخلاقي المؤمن بضرورة أن يكون المثقف مع الشعوب المنكل بها والمطالبة بحريتها، فكانت هاوية الطائفية قد أطاحت بالعديد من المثقفين الذين تحول مسارهم في ظل أحداث الثورات العربية وبشكل خاص الثورة السورية من مسار المثقف الوطني إلى الاقتصار على التضامن مع الطائفة في خطوة نكوص خطيرة شوهت الفكرة الغرامشية للمثقف العضوي من الالتصاق بالشعب والدفاع عنه إلى تمثيل “الطائفة” والتكلم باسمها([xi]).

    ويتجلى موقف “المثقفين الطائفيين” من الثورة السورية باتهام كل مثقف ناصر الثورة وعارض النظام بأنه متحالف مع الإسلاميين حتى إن كان علمانيًا، مسلمًا أو مسيحيًا، فما دام قد أيَّدَ الثورة فإنه ضمنيًا موافق على المشروع الإسلامي، ولعل الهجوم الذي تعرض له المفكر الراحل جلال العظم مثال واضح على ذلك، فهذا المفكر جزم بأن الصراع في سوريا لا يمكن إنهاؤه من دون سقوط “العلوية السياسية” كونه يدرك أن نظام الأسد قائم على الجذر الطائفي، وكون النظام طائفيًا فإنه لا يعني أن الطائفة العلوية طائفية، الأمر الذي يشكل حساسية بالغة عند مثقفيها الذين يدعمون الثورة([xii]). وبرز دور هؤلاء “المثقفين الطائفيين” في وسائل الإعلام والفضائيات لتمجيد نظام الأسد والدفاع عنه وتسويغ استعمال القوة والعنف ضد المعارضين والاحتجاجات السلمية، وإظهار الثورة على أنها “إسلامية سنية” تقودها “جماعات إرهابية”([xiii]).

      في الواقع لا يمكن لأي شخص يدعي الثقافة أن يدافع عن الجرائم التي ترتكبها الأنظمة المستبدة ضد النساء والاطفال، وأن يكون موضوعيًا في دفاعه ذلك مهما كانت حججه ومسوغاته، وما يكشف طائفية هؤلاء المثقفين هو عندما يتألمون إنسانيًا عبر قنوات الاتصال والإعلام على ضحايا طائفة دون أخرى في الصراعات الداخلية ومنها سوريا بسبب انتماءهم الطائفي الضيق. وبطبيعة الحال فإن الطغاة يحتاجون إلى المثقفين من أجل “تقسيم القتلة إلى أخيار وأشرار” ولتفسير وتبرير أفعال الطغاة وجرائمهم ضد الشعوب([xiv]). ويدل هذا الانحياز الطائفي في مواقف المثقفين من أطراف النزاع على غياب خطابات ثقافية يفتقر جوهرها للعقلانية القائمة على التنوع والتسامح والاختلاف، مما يفسح المجال لكل خطاب يدعم الصراع ويوظفه من العمل، وربما يعود ارتداد المثقف العربي في بعض أحواله عن شعاراته إلى انعدام القيم والتقاليد في الدفاع عن الحريات والحقوق، وأيضًا ضياع التنوير في متاهة المشاريع السياسية الفاشلة([xv]).

     وفضلًا عن ذلك فقد شكلت الأزمة اليمنية اختبارًا آخر يكشف لنا سقوط “مثقفي الطوائف” في هاوية الطائفية، عندما أيدت فئة من المثقفين العرب انقلاب حركة الحوثي على الحكومة والرئيس المنتخبين من قبل الشعب اليمني وأيدوا عودة علي عبدالله صالح الرئيس المخلوع إلى سدة الحكم بحجة أن الحكومة اليمنية كانت مدعومة من الخارج “الدعم الخليجي والعربي” وإظهار الموقف الأمريكي من هذا الدعم وبالمقابل التغاضي عن الدعم والتدخل الإيراني إلى جانب الحركة الحوثية، وتعطيل الحياة السياسية والعملية الديمقراطية في اليمن([xvi]).

دور المثقف في مواجهة الطائفية

    عند كل قضية أو أزمة تواجه المجتمعات والأمم لا بد أن يكون على عاتق المثقف مواجهتها وتأدية دور فاعل ومؤثر في معالجة آثارها وتداعياتها، والأمر ينطبق على أهمية تحمل المثقف مسؤولية مواجهة الطائفية من جهة ومعالجة تأثيراتها السلبية على المجتمع والدولة من جهة أخرى، وأهم ما يمكن أن يؤديه المثقف من أدوار هنا تتلخص فيما يأتي:

  1. أن يؤدي المثقف دورًا فاعلًا في التأسيس لفلسفة التربية التي تقود إلى بناء إنسان اجتماعي رغم وجود تشابك كبير بين السياسة والتربية والأيديولوجيا، وتكمن المهمة هنا في تحرير التربية في البلدان العربية من سيطرة الأيديولوجيا من خلال التربية المواطنية كونها وسيلة من وسائل تنوير المواطن وتفتيح ذهنه ومشاعره على حقيقة أنه عضو حر في الدولة، وليس الطائفة أو المذهب فحسب، وعلى المثقف أن يقدم كل ما بوسعه بغية الإسهام في التأسيس لإنسان يبلغ مرتبة المواطنة وما يترتب عليها من ولاء للوطن لا للطائفة، وأهمية تغليب الانتماء الوطني على أي انتماء آخر، كون العديد من المجتمعات العربية تقوم على أساس التعدد العرقي والمذهبي والديني وأن المواطنة الحقة تتنافى وتقديم الولاء السياسي لأي سلطة فرعية أو جزئية خلاف سلطة الدولة نفسها([xvii]).
  2. تتطلب مواجهة الطائفية وجود مثقف مواطن، أي يتمرس المواطنة بصورتها المثالية، من الوعي بالمسؤولية الأخلاقية والأدبية تجاه تأدية الواجبات قبل المطالبة بالحقوق، ويتلمس الحدَّ الأقصى المشترك من المحافظة على الثوابت الوطنية، ويعمل على الخروج من اليوميات السلطوية والانتماءات الفرعية الطائفية إلى عمق النهوض واستثمار العناصر الكلية المشتركة وفق أنموذج اجتماعي حضاري موحد، ويتحمل المثقف مسؤولية النهوض بالواقع والارتقاء نحو موقع أعلى([xviii]) من التماسك وتحقيق الانسجام المجتمعي في الدول العربية.
  3. ضرورة أن يؤدي المثقف دوره بترسيخ تقاليد الحوار وعقلية التسامح في ثقافتنا، لمواجهة ثقافة العقلية الإقصائية وثقافة إلغاء الآخر، والتخلص من إرادة الهيمنة، والسعي لتشكيل شروط ملائمة وجديدة للحوار وإيجاد بيئة مناسبة للعيش المجتمعي ونشر الأفكار التنويرية والأفكار الوسطية عبر بناء منظومة تواصلية وعقلانية مفتوحة بين أعضاء المجتمع.
  4. تأدية المثقف لدور فاعل في إعادة تشكيل الهويات الفرعية لتكون هويات تواصلية وعقلانية على خلاف الهويات الطائفية الصراعية، وهنا يكون دور المثقف الخط المشترك وقناة الاتصال وجسر المحبة للتنوع الثقافي والإثني الموجود في الدول العربية([xix]).
  5. أهمية دور المثقف في التدليل على أهمية الثقافة في المجتمع وإبراز دور المثقف الواعي ونشر الوعي التعليمي والمعرفي الهادف إلى النهوض بالمجتمع والسير به للتلاحم مع الثقافة البشرية التي فرضتها ظروف الحياة الجديدة بكل شيء، والتأكيد على توفر الضمانات التي تسمح برعاية وحماية المثقف المنتج لهذه الثقافة وأفراد المجتمع المتلقين لها، كون هذهِ الثقافة في المجتمع ستشكل القاعدة التي يمكن بناء الفكر الواعي الحديث عليها، الذي يرفض بدوره التطرف ويقر العيش مع الآخر من منطق الحوار والقناعة والالتزام وقواسم المواطنة المشتركة([xx]).
  6. أن يؤدي المثقف دوره النقدي في نقد الأفكار الطائفية نقدًا فلسفيًا وعقلانيًا مركزًا، وأن يدعو إلى سلوك طريق العقل والاجتهاد العلمي في تفسير الموروثات الطائفية وتقديم المسوغات العلمية المناسبة بخصوصها([xxi]).
  7. أن يروج المثقف ويدعو لثقافة التعدد وترسيخها ثقافةً مجتمعية وأن يدعو لمحاربة العصبية الطائفية والقبلية والشوفينية وثقافة “أنا الصح والباقي خطًا”([xxii]).

لتحميل المقال من هنا

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية 

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية © 2018

[i]– صادق إطميش، دور المثقف العراقي في مواجهة الطائفية، الرابط : https://www.al-nnas.com/ARTICLE/SAtemsh/9tf.htm

[ii]– حسين الوادعي، زيف المثقف العربي أمام بريق الطائفية، الرابط : https://hunasotak.com/article/18801

[iii]– محمد الحكمت، الطائفية والمثقف .. من ينخر جسد من؟، الرابط: http://www.tatoopaper.com/news.php?action=view&id=1619

[iv] – حسين الوادعي، 10 أطروحات عن المثقف العربي، صحيفة النهار، 5/9/2015 .

[v] – علي سعيد، المثقفون الطائفيون … “نجوم” في خدمة المذهبية السياسية المتقاتلة ، جريدة الرياض، العدد 16845 ، 7/8/2014 .

[vi] – هيثم الزبيدي، مثقف اللحظة الراهنة .. مثقف الغرائز، صحيفة الجديد ، العدد 618 ، 1/7/2016 .

[vii]– علي أسعد وطفة، المثقفون العرب في زمن موحش أين هو المثقف النقدي؟، الرابط: http://cutt.us/oXL0s

[viii]– جورج قرم، دور الإعلام والمثقفين العرب في تحويل الثورات الى فتن دينية ومذهبية، جريدة السفير، العدد 12017، 20/10/2011 .

[ix] – انظر: أسعد البصري، الطائفية الثقافية في العراق، الرابط : http://middle-east-online.com/?id=243415

[x] – جورج قرم ، مصدر سبق ذكره .

[xi] – علي سعيد ، مصدر سبق ذكره .

[xii]– انظر: منصور حسنو، الطائفية المستترة.. عن مدخلات الثورة ومخرجات القسرية، الرابط: http://www.geroun.net/archives/73307

[xiii]– مروان خورشيد عبدالقادر، تجمع المثقفين الطائفيين، الرابط : http://cutt.us/KRgeJ

[xiv]– نصير الخطيب، المثقف المومس، الرابط : http://thaqafat.com/2016/07/32172

[xv]– محمد الحرز، صناعة موقف المثقفين، جريدة الشرق، العدد453، 1/3/2014.

[xvi]– زهير إسماعيل، محنة المثقف العربي وتجلياتها في تجربة الثورة، الرابط: http://cutt.us/80H05

[xvii]-انظر: حيدوسي الوردي، علاقة المثقف بالسلطة عند ناصيف نصار، رسالة ماجستير، جامعة الإخوة منتوري، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، قسنطينة، 2011/2012، ص68-69.

[xviii]– انظر: صالح بلعيد، مصدر سبق ذكره، ص26 .

[xix]– أحمد عباس محمود، السلم والتضامن: مهام واشتراطات المثقف في المرحلة الراهنة، الرابط: http://www.marafea.org/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=20365

[xx] – صادق إطميش، مصدر سبق ذكره، ص3-4 .

[xxi] – نبيل علي صالح، المثقف الديني في مواجهة تحديات الواقع الراهن، الرابط : http://www.rohama.org/files/ar/news/2011/12/22/25080_157.pdf

[xxii] – محمد نضال دردزة، مهمات المثقفين العرب النقديين الثوريين، الرابط: http://www.civicegypt.org/?p=59480

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى