مقال رأي

الكابوس الأسود – سيناريوهات التعامل مع حماس المقاومة

مقال رأي: مضر أبو الهيجاء  فلسطين/ جنين

تضيق الأمور في المسألة الغزية من الناحية السياسية والعسكرية والاجتماعية للدرجة التي تجعل عامل الوقت ليس في صالح الفلسطينيين، وليس في صالح القضية الفلسطينية وليس في صالح المقاومة.

ومع أن العدو الصهيوني يعيش ضغوطًا داخلية بشكل حقيقي، وخارجية بشكل موهوم، إلا أنها تبقى فروعًا لا تغير ولا تبدل في استراتيجياته كمكون خادم للمشروع الغربي الذي تقوده أمريكا، وتشرف على تفاصيله الكبرى وحتى الصغرى -حاليًّا-.

وباختصار فإن معادلة الصراع الدائرة الآن على أرض فلسطين هي معادلة تصوغ اتجاهاتها الرئيسية الإدارة الأمريكية، والتي تترك وتمنح خادمها الأمين إدارة بعض التفاصيل بما لا يعود على الأصل بالنقض.

ومع تقدم عمر المعركة ستكون حركة حماس وقيادة المقاومة أمام ثلاثة سيناريوهات جميعها شرور بينة، غير أنها تتفاوت في حجم سوئها وأثره في المدى القريب والمتوسط والبعيد على القضية الفلسطينية عمومًا، سواء في القدس أو الضفة أو حتى مناطق الخط الأخضر، ولن تكون محصورة في حدود قطاع غزة المنكوب.

السيناريو الأول :

تفكيك بنية المقاومة الفلسطينية من خلال صيغة تفضي لخروج أهم قياداتها، أو قتلهم والتخلص منهم بطريقة ما، وقد يكون جزءًا من هذا السيناريو دخول مؤقت لمكون سلطة رام الله لحين هيكلة طرف جديد مختلف عن فريق رام الله ليحكم غزة.

السيناريو الثاني :

تحويل وتحوير الحالة الغزية من معركة مؤقتة إلى نقطة توتر قائمة ودائمة، ليستفيد العدو الأمريكي من بؤرة توتر معدومة الحلول تعينه على إدارة ملفات أخرى تتعلق بدول المنطقة، فيما يستفيد العدو الصهيوني من هذا السيناريو باختزال القضية الفلسطينية وأهدافها الكبرى في حدود مأساة إنسانية في غزة، تبحث في صولاتها وجولاتها ومفاوضاتها إدخال خيام وإسمنت وطعام ودواء وحديد .. إلخ في حدود ضيقة، وتنتهي لتجسد في غزة مكون وشكل وواقع مخيمات عين الحلوة، وتنهي فاعلية مكون المقاومة بصورته الأولى إلى غير رجعة في المدى المتوسط.

السيناريو الثالث :

احتواء حركة حماس سياسيًّا في مساحة النظام العربي الرسمي الحالي، وإنهاء دورها الفاعل في القضية الفلسطينية، وذلك باستخدام أمريكا لأطراف عربية لإدماج الحركة في مشروع ورؤية تعتبر جزءًا من خطة أمريكية لاستيعاب حركة حماس سياسيًّا بعد تشذيب قيادتها، اقتداء باحتواء أمريكا لحركة فتح سابقًا، مع فارق اللون والشعار والدور لحفظ ماء الوجه.

إن السيناريوهات السيئة في مضمونها وآثارها لا تعبر بالمطلق عن رغبة ولا سعي أي طرف فلسطيني، ولكنها انعكاس للواقع المأزوم، والمشاريع المعادية التي تحيط بدول المنطقة، وكنتيجة لضعف وعي القيادات الفلسطينية في الإطار الوطني والإسلامي، وكذلك نتيجة للتشرذم والانقسام الفلسطيني البغيض.

وقد يتساءل المرء عن فائدة هذا الطرح المؤلم، ليكون الجواب إن الوعي يحول دون الوقوع في الفخ، فإن وقع فلا شك بأن الوعي الذي يحيط بالجوانب كلها -وإن أتى متأخرًا- يعين الفرد والجماعة على النجاة من الغرق في الفخ.

والمعنى المقصود وقوع القضية الفلسطينية في الفخ – وهو سر إصرار أمريكا وإسرائيل على المضي في المعركة بأشكال عدة- والمطلوب عدم الغرق فيه، وهو مقصود الطرح السابق.

ورغم المأساة الحالية فإن الأمل قائم ودائم ولا ينتفي في قلب كل فلسطيني وعربي، كما أن الراشد لا ينظر لمعادلة النصر والهزيمة بشكل جزئي سواء في غزة أو غيرها، بل النظر السليم يقوم على عموم حال الأمة العربية والإسلامية التي لا تزال تجمعها وحدة القرآن والسنة والتاريخ المشترك، رغم تفرقها السياسي بفعل الاعتداء الغربي عليها.

وفي ظل الأزمة الحالية فإن واجب الوقت يقضي بأن يتحرك طرف ثالث مشهود له بالاستقامة السياسية والأخلاقية وصوابية ونزاهة الانتماء، ليطرح مقاربة تنقذ المسألة الغزية من نكبتها والقضية الفلسطينية من الثقب الأسود الذي ينتظرها، في ظل عدوان غاشم وتواطئ عربي رسمي وضعف وخنوع شعبي، وهنا يأتي دور العلماء الذين يتصفون بالفهم السديد وشجاعة الموقف والانحياز للأمة والانتماء لثقافتها.

ويمكن للراشدين في قيادة حماس وعموم المقاومة الفلسطينية اللجوء لبعض الشخصيات من القيادات السياسية من خارج الإطار الفلسطيني للوصول إلى مقاربة تبنى عليها مبادرة سوية وجريئة، تمنع وتحول دون وصول العدو الأمريكي والخصم الإسرائيلي لنقطة النهاية التي يريدها، بعد أن هيأ ظروفها وضمن حكام وجيوش العرب في جيبه، وأحكم معادلة وإيقاع الدور الإيراني اللعين والمحبوك عن وعي وعن تجربة معاصرة طويلة ومتعددة الساحات.

جميع الحقوق محفوظة لدى برق للسياسات والاستشارات©2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى