الاصداراتمتفرقات 1

قراءة عن كتاب"الجهاد السوري"

نبذة عن المؤلف:

تشارلز ليستر زميل زائر سابق في مركز بروكنجز الدوحة، وهو زميل في معهد الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، ركزت أبحاثه على الإرهاب والتمرد والتهديدات الأمنية على مستوى ما دون الدولة في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام، وبلاد الشام بشكلٍ خاص. في الآونة الأخيرة، ركّز ليستر عمله بشكلٍ شبه حصري على تقييم حالة الصراع في سوريا عموماً، وتشكيلة التمرد المناهض للنظام السوري ومختلف مكوناته الجهادية بشكل خاص. وقد تتطلّب ذلك منه التواصل وجهاً لوجه مع قيادات لأكثر من 100 مجموعة من مجموعات المعارضة من كافة أطياف المجتمع السوري.

أولاً -أهم ما جاء في عرض المؤلف عن كتابه:

أقام “معهد الشرق الأوسط” ندوة علمية حول الكتاب الذي صدر في أواخر العام 2015 (أي بُعيد بداية التدخل الروسي)[1]، حيث عرض فيها المؤلف أهمّ ما ورد في كتابه، كما رد على أسئلة الحاضرين حول الكتاب.
حيث أكد الباحث على أنّ سورية قد باتت معقلاً للجماعات “الجهادية العالمية السنية”، والتي يُعرّفها بأنها تلك التي تمتلك طموحات وأجندات عالمية لا تقتصر على الأجندات الوطنية والمحلية السورية.

1)      بنية تحتية للجماعات الجهادية أرساها النظام السوري:

يُسهب المؤلف في عرضه عن دور النظام السوري واستخباراته في إرساء البنية التحتية للجماعات الجهادية التي نشاهدها في الساحة السورية حالياً، مؤكداً على أنّه من الضرورة بمكان لفهم السياق السوري استعراض دور النظام السوري في استخدام الجماعات الجهادية قبل اندلاع الاحتجاجات الثورية في العام 2011.
ويرى المؤلف بأنّ الاستخبارات العسكرية السورية قد ساهمت بشكل مباشر في تأسيس تلك الجماعات وإرساء بنيتها التحتية، ثم استخدامها لتحقيق الأجندات الخارجية للنظام السوري.

2)     النظام السوري يشارك في تأسيس نواة القاعدة – داعش في العراق:

ويستشهد المؤلف على ذلك بما حدث بعد ابتداء الولايات المتحدة وبريطانيا هجومهما على العراق، حيث قام المفتي العام لسورية، وفي مرحلة مبكرة من الهجوم على العراق بإصدار فتوى بوجوب القتال ضد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، وخلال إحدى عشر يوماً الأولى من احتلال العراق كان خمسة آلاف جهادي[2] قد تسللوا إلى العراق، برعاية مباشرة من استخبارات النظام السوري، حيث تم نقل الكثير منهم الكثير منهم عبر باصات من المدن الكبرى كحلب ودمشق إلى الحدود العراقية، والذين بدورهم كانوا عملياً نواة لتنظيم القاعدة، والذي وُلدت داعش من رحمه فيما بعد.
كما أشار المؤلف إلى شخصية لعبت دوراً أساسياً في التحشيد إلى ذلك، وهي الشيخ محمود قول أغاسي (أبو القعقاع)، وفي حديثه عن الشخصية الجدلية “أبو القعقاع”، يذكر الباحث بأنّه تحدث إلى عدد من ضباط الأمن السابقين في النظام السوري حول المدعو “أبو القعقاع”، والذين أفادوه بأن “أبو القعقاع” كان قد وصل إلى حلب في 1999م، ثم تم إخراج هوية له بدون عنوان مسجل أو معلومات حقيقية من قبل سلطات النظام السوري، وقد زودته الاستخبارات العسكرية بمختلف الوثائق التي تسمح له بالتحرك، وفي أعقاب عملية 11 أيلول، احتفل “أبو القعقاع” بالعملية باعتبارها نصراً مبيناً للجهاد العالمي .
وبحسب ما يذكره المؤلف، فقد أدى احتفال “أبو القعقاع” بعملية 11 أيلول أدى إلى توتر دولي وإقليمي، مما اضطر الاستخبارات العسكرية التابعة للنظام السوري لاعتقاله مع نائبه المسمى “أبو ابراهيم” لبعض الوقت.
كما يؤكد الباحث على أنّ العديد من قادة القاعدة ودولة العراق قد تلقوا العلاج في سورية، وذلك بين الأعوام 2007 و2010.

3)    النظام السوري يستثمر الإرهاب في لبنان:

ويتابع المؤلف حديثه عن استخدام النظام السوري للجهاديين في بلد مجاور آخر غير العراق، فبعد انسحاب النظام السوري من لبنان، أبقى النظام لنفسه العديد من الأوراق ليلعب بها هناك، وبعد العام 2006 نقلت الاستخبارات العسكرية التابعة للنظام السوري جزءاً من نشاط الجماعات الجهادية إلى لبنان، بما يشبه عملية إعادة تصدير للجماعات الجهادية إلى لبنان.
وقد استمرت الاستخبارات العسكرية التابعة للنظام السوري، ولعدد من الأسباب بتواصلها المكثف مع جماعتين جهاديتين، واحدة في جنوب البلاد، وكانت تسمى “عصبة الأنصار”، وأخرى في الشمال، وكانت تسمى “فتح الإسلام”، وقد اشتبكت “فتح الإسلام” مع الجيش اللبناني لمدة أربعة أشهر مما أدى إلى مقتل أربعمئة شخص، وكان جلّ مقاتلي فتح الإسلام ممن سهلت الاستخبارات السورية وصولهم إلى لبنان، ويذكر الباحث بأن تلك الجماعات قد استخدمت في تنفيذ اغتيالات ضد الشخصيات المعارضة للنظام السوري.
وبعد انتهاء عمليات الجيش الللبناني ضدّ “فتح الإسلام”، عاد من بقي حياً من “فتح الإسلام” بعد خسارتهم لمعركة نهر البارد إلى سورية مجدداً، ونفّذ القليل منهم هجمات في سورية، فيما تمّ إعادة تصدير معظمهم مع قادمين آخرين مرة أخرى إلى العراق، وفي ذلك الوقت، عبر مئات الجهاديين مجدداً إلى العراق.

4)     تأسيس “جبهة النصرة” – الفرع السوري لقاعدة العراق:

بعد بداية احتجاجات الثورة السورية في 2011، اقترح العقيد “حجي بكر” نائب أمير “دولة العراق الإسلامية” على أميره أبو بكر البغدادي إنشاء جناح سوري ل”دولة العراق الإسلامية”، وتمت الموافقة على الاقتراح بسرعة، حيث تحرك والي “دولة العراق الإسلامية” على الموصل، والذي يحمل الجنسية السورية المدعو “أبو محمد الجولاني” إلى الشمال الشرقي السوري مع ستة من القادة الآخرين (اثنان منهم على الأقل تلقوا علاجاً في سورية من قبل)، وذلك في آب 2011، وبمجرد وصولهم، قاموا بتفعيل الشبكة القديمة، والبيوت الآمنة التي استخدموها خلال السنوات الستة الماضية قبل ذلك، وكان نموهم سريعا جداً، وممّا ساعد على ذلك إطلاق النظام السوري لمئات من السجناء الإسلاميين، والذين نشطوا في تأسيس المجموعات الإسلامية المختلفة إضافة إلى جبهة النصرة، وما قد عُرف لاحقاً بداعش، وكان واضحاً أن النظام يريد تقويض المعارضة من خلال تلك العملية.

5)     تنافس فرعي تنظيم القاعدة واختلاف نهج كل فرع:

وفي شهر نيسان من العام 2013، حدث الانقسام المعروف عندما أعلن البغدادي تبعية فرعه السوري “جبهة النصرة” له، فيما ردّ زعيم جبهة النصرة “أبو محمد الجولاني” برفض ذلك الإعلان، مع إعلان التبعية لتنظيم القاعدة الأم من خلال بيعة أمير تنظيم القاعدة “أيمن الظواهري”.
وفي حين ينتهج تنظيم داعش نهج التكفير والإقصاء التام لكل ما عداه من الجماعات الأخرى، تنتهج جبهة النصرة نهجاً  براغماتياً – عملياً محافظاً، بحيث تستغل ظروف البيئة المحلية للحشد لنهجها وفكرها، ولتعزيز سيطرتها لأطول فترة ممكنة، في محاولة للاستفادة من تجارب سابقة فاشلة مشابهة في كل من اليمن ومالي، حيث حاول تنظيم “أنصار الشريعة”، الفرع اليمني للقاعدة بين الأعوام 2008 – 2011 تقديم الخدمات للمدنيين في مناطق سيطرته، ولم تنجح تلك التجربة بطبيعة الحال، ولم تكن تجربة القاعدة الثانية في مالي أوفر حظاً، في حين تبدو تجربتهم في سورية الأكثر نضجاً وإحكاماً، حيث قلما تجد من يدين جبهة النصرة من تشكيلات المعارضة والمدنيين نتيجة النهج “البراغماتي” للنصرة مقارنة ب تنظيم “داعش”[3].
كما يرى الكاتب بأنّ جبهة النصرة لا تزال تحمل نهج القاعدة رغم طابعها المحلي، وأنها لا تزال تريد مهاجمة المدن الأمريكية، وأنّ الظروف الحالية تهيئ لها أفضل الفرص لترسيخ “بنية تحتية” لها.

6)    عوامل احتضان المجتمع السوري لجبهة النصرة:

وفيما يتعلق بالعوامل التي أدت إلى احتضان المجتمع السوري ل”جبهة النصرة “،. أكد الباحث على أنّ “النصرة “ومنذ تأسيسها في كانون الثاني 2012 وحتى آب من العام نفسه لم تحظ بقاعدة شعبية، وكان العديد من الناشطين في المعارضة يعتقدون بأنها قد أُنشئت من قبل النظام بهدف تقويض الثورة، ولكن، ومع بداية آب 2012 بدأت جبهة النصرة بإقامة نوع من التحالفات من خلال طلبها من الفصائل المحلية القتال على جبهة واحدة.
ومما زاد في المشروعية الداخلية للنصرة حاجة المعارضة إليها على جبهات القتال كونها أثبتت جدارتها في قتال النظام، وفي الوقت الذي لا تتلقى فيه قوات المعارضة فيه أي دعم كاف من المجتمع الدولي.
ومع ذلك، يؤكد الباحث مراراً وتكراراً على ان التحالف بين “جبهة النصرة” وفصائل المعارضة السورية لايعني بأن فصائل المعارضة تحب “القاعدة” أو تنتمي إليها أو تتبنى نهجها.
كما انتقد الباحث توجه الإدارة الأمريكية لضخ مختلف أنواع الدعم للأكراد دون فصائل المعارضة السنية، معتبراً بأنّ ذلك قد أدى إلى صراع سياسي في الشمال السوري بعدما بدأت مليشيات YPG بمهاجمة فصائل المعارضة، كما أكد على أنّ دعم فصائل المعارضة مهم جداً في قتال تنظيم “داعش”، على اعتبار أن أغلب المناطق الحيوية التي تسيطر عليها “داعش” هي مناطق عربية سنية، مما يُصعّب على وحدات الحماية الكردية اقتحامها، الأمر الذي يؤكد الحاجة لدعم فصائل المعارضة التي تمثل مجتمعاتها المحلية العربية السنية.

7)    حركة أحرار الشام والتحول من الجهادية العالمية إلى المحلية الوطنية:

وحول مظاهر تحول الجهاديين السوريين من الجهاد العالمي إلى تصورات وأدبيات الجهاد المحلي، مع بروز الدافع القوي لهم للقتال في بلادهم الأصلية، يرى المؤلف بأنّ حركة أحرار الشام تشكل مثالاً مهماً على ذلك التحول، حيث كان العديد من قادتها يحملون تصورات الجهاد العالمي، لكنهم تحولوا إلى تبني تصورات الجهاد القطري (المحلي ) المحدود بالحدود السورية.
كما رأى الباحث بأنّ بقاء الأسد ونظامه يُشكّل عامل الجذب الأهم والأكبر لقدوم الجهاديين، وتشكيل بيئتهم الحاضنة، منتقداً تجاهل الحكومة الأمريكية لكون الأسد أساس المشكلة.
وأكد الباحث على أنّ التدخل الروسي يدفع المعارضة نحو “التطرف السياسي” الذي يختلف عن “التطرف الديني” بسبب عدم وجود دعم غربي ذو مصداقية، فيما توقّع بأن النصرة قد تنفصل عن القاعدة، لكن ذلك لن يغير شيئاً من حقيقتها[4].

ثانياً -مقتطفات من الكتاب ومراجعات لباحثين حوله:

يتناول الباحث في كتابه الحديث عن أكثر من عشرين جماعة جهادية في سورية معتمداً بحسب ما قال على مقابلاته لأكثر من مئة شخصية من مختلف شخصيات المعارضة السورية، ويعتبر الكاتب بأن جبهة النصرة وما تبديه من براغماتية تشكل التحدي الأبرز أمام المجتمع الدولي.
ويُقدّر الباحث مجموع أعداد مختلف الجماعات الجهادية بحوالي خمسين ألف عنصر أتى أكثر من نصفهم من خارج سوريا.
وحول الفروقات بين حركة احرار الشام وجبهة النصرة، يشير الباحث إلى أنه وعلى الرغم من التعاون الموجود بين النصرة وحركة أحرار الشام، فإن أحرار الشام تميل إلى أن يكون لها طموحات وطنية، وهي تنهج نهجاً سياسياً مختلفاً، حيث صرح هاشم الشيخ[5] زعيم أحرار الشام بأن ارتباط النصرة بالقاعدة يشكل تهديداً للشعب السوري.
و يشير الباحث إلى الخلاف الكبير الذي حصل داخل الجهاديين وفروع تنظيم القاعدة تحديداً (جبهة النصرة وتنظيم الدولة) عندما أعلن تنظيم الدولة عن تبعية جبهة النصرة له، ومن ثم إعلان جبهة النصرة عن رفضها لتبعيتها لتنظيم الدولة، ومبايعة زعيمها (الجولاني) لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، مؤكداً على أنه لا يرى أي فرصة للمصالحة بين الفريقين، وفي حين ينتهج تنظيم الدولة تكفير كافة فصائل وجماعات المعارضة السورية، عملت النصرة على إقامة علاقات جيدة مع مختلف تلك الجماعات، الأمر الذي أدى إلى عدم تنديد جماعات المعارضة السورية بها عندما أعلنت تبعيتها للقاعدة الأم من خلال بيعة الجولاني للظواهري[6].
كما انتقد الباحث الطريقة التي يتم من خلالها دفع المعارضة السورية لقتال تنظيم “داعش” فقط دون قوات النظام، معتبراً ذلك أمراً “سخيفاً”، ولا يدعم الجهود الحقيقية لمكافحة التطرف.
وحول عوامل احتضان المجتمع السوري للجماعات المتطرفة يؤكد الباحث على أن ضعف دعم الجيش الحر من قبل المجتمع الدولي قد أدى إلى نمو الجماعات الجهادية بشكل كبير، كما يؤكد على ضرورة دفع الجماعات الإسلامية السورية لفك تحالفها مع القاعدة والجهاديين، مع الاعتراف بها كشريك ضروري في أية عملية سياسية يمكن أن تضمن السلام مستقبلاً.
كما يشير الباحث إلى أنّ اعتماد المقاربة العسكرية دون إنتاج حل سياسي يحتوي الجماعات الإسلامية، سوف يؤدي إلى نمو مستدام للجماعات الجهادية السنية، والتي أظهرت قدرة مُقلقة على البقاء وإعادة التّشكل والتأقلم مع التغيرات على الرغم من شدة استخدام الخيارات العسكرية ضدها.
كما يتحدث الكتاب عن الجماعات الأخرى ذات الأيديولجيات المتقاربة مع تنظيم القاعدة، كجند الأقصى، وجبهة أنصار الدين، والحزب الإسلامي التركستاني، إضافة إلى الحركة البارزة في الساحة السورية، وهي “حركة أحرار الشام الإسلامية”، والتي تميل إلى أن يكون لها بعد محلي وأجندات وطنية.
وينتقد الباحث المتابع لأوضاع الجماعات الإسلامية “أيمن التميمي” الكتاب من عدة نواح، فيرى أنه قد احتوى على الكثير من مقتطفات خطب البغدادي وغيره من زعامات الجماعات الجهادية، وشروحات سردية مطولة عن عمليات ذبح الرهائن وأسماء بعض الجهاديين الأجانب، معتبراً بأنّ هذه المقتطفات لا تمتلك قيمة تحليلية كبيرة، مرجحاً أنّ أحد أسباب قصور الكتاب عن تحقيق التوازن المطلوب هو عدم معرفة الباحث باللغة العربية.
كما ينتقد أيمن التميمي طريقة تناول الباحث لحادثة قتل عدد من المواطنين الدروز في قرية “قلب لوزة” في محافظة إدلب على يد مسلحي “جبهة النصرة”، حيث يرى أن “ليستر” لم يسلط الضوء بشكل كاف على كيفية تغلغل النصرة في المنطقة بعد طردها لجبهة ثوار سورية في أواخر 2014، كما لم يسلط الضوء على قيام النصرة بفرض التحول إلى “الإسلام السني” على السكان الدروز، على الرغم من أن طريقة تفكير جبهة النصرة بدت واضحة حول هذا الأمر في مقابلة أبو محمد الجولاني مع الإعلامي أحمد منصور التابع لقناة الجزيرة في أيار 2015، وأنه على الرغم من الوعود التي أطلقتها جبهة النصرة بمحاسبة المسؤول عن المجزرة، والذي كان تونسياً، لم يتم تنفيذ محاكمة حقيقية بحق الرجل، وتم الاكتفاء بإقالته من منصبه.
ويرى الباحث “أيمن التميمي” أنّ هذه النقطة ذات أهمية كبيرة، لأنها تبين أن نهج جبهة النصرة تجاه السكان الدروز المحليين مطابق لنهج داعش، التي كانت قد فرضت التحول إلى “الإسلام السني” على السكان في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني 2013 عندما كان لها نفوذ واسع في محافظة إدلب، إلى جانب ذلك، يُغفل ” ليستر” -بحسب التميمي- موضوع مصادرة المنازل الذي كانت تقوم به جبهة النصرة للأشخاص المعارضين لها.
كما يختلف التميمي مع “ليستر” في مسألة عدم وجود أدلة ملموسة على التصرفات الطائفية لبعض أطياف المعارضة العسكرية والجهادية عند الدخول إلى مدينة كسب في محافظة اللاذقية، حيث حدثت اعتداءات على كنائس الأرمن، وذلك ما دلت عليه أيضاً تغريدات الشيخ عبد الله المحيسني الذي تحدث عن تكسير الصليب وإهراق الخمر.

ثالثاً – تعليقات على الكتاب والباحث:

على الرغم من عدم دقة الباحث في بعض النقاط، إلا أن رؤيته العامة للوضع في سورية منصفة ودقيقة نسبياً، وتُفنّد ما يحاول النظام وحلفاؤه نشره من أن النظام السوري يحارب الجماعات المتطرفة، تلك النظرة التي تأثر بها العديد من الصحفيين والباحثين الغربيين، فضلاً عن السياسيين الذين بدأوا يبشرون مؤخراً بضرورة بقاء بشار الأسد في المرحلة الانتقالية للحفاظ على مؤسسات الدولة، ومكافحة الإرهاب.
وكان واضحاً تأكيد الباحث على أن النظام السوري واستخباراته قد أرست عمداً البنية التحتية لنشوء أعداد لا متناهية من الجماعات المتطرفة، فضلاً عن الممارسات الوحشية للنظام السوري، والتي تُغذّي التطرف في مختلف الاتجاهات، الأمر الذي يؤكد على عدم منطقية أي خيار يُبقي على ذات الأسباب والمولدات التي أدت إلى تشكيل البنية التحتية للتطرف والإرهاب في سورية والمنطقة، ومن ذلك ما تمّ طرحه مؤخراً من إعادة تعويم بشار الأسد ونظامه…

المراجع:

 
 للتحميل من هنا
 
 
 

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز برق للأبحاث والدراسات 

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات © 2017

 
 
 
[1]  نشرت الندوة على قناة معهد الشرق الأوسط على اليوتيوب في 04/03/2016، أنظر:
The Syrian Jihad: A Book Launch with Charles Lister
 
[2]  كان التفاعل مع الحالة العراقية شعبياً في ذلك الوقت، ولا يمكن إطلاق توصيف “الجهاديين” على غالبية من تفاعل من الشباب المتحمس ذوي الدوافع المتفاوتة المختلطة بين الدين والنخوة…، على الرغم من مشاركة بعضهم – وتحديد النسب يحتاج إلى دراسات-في جماعة “التوحيد والجهاد” التي قادها الزرقاوي، وكانت نواة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، ومن ثم “دولة العراق الإسلامية”، التي ولدت “داعش”.
[3]  ينبغي ملاحظة الفارق الزمني بين وقتنا الحالي، والوقت الذي أدلى الباحث فيه برأيه (نهاية 2015) ، مع ذلك، لا يلغي هذا حقيقة البراغماتية الشديدة، وغير المتوقعة ل”جبهة النصرة”، والتي تحولت بسرعة إلى “فتح الشام” بعد زعم فك ارتباطها بالقاعدة، ثم إلى “هيئة تحرير الشام”، ثم قبولها بالتدخل التركي بل ومؤازرته بعد أن أنهت عدداً من الفصائل بحجة قبولها التدخل التركي ومخرجات أستانا، الأمر الذي يؤكد على براغماتية غير مسبوقة للقاعدة في سورية…
[4]  انفصلت النصرة عن القاعدة فيما بعد، ولا زال الكثير من الباحثين والناشطين السوريين يرون بأنّ هذا الانفصال لم يغير من نهج المجموعة.
[5]  من المعروف أن هاشم الشيخ انفصل عن حركة أحرار الشام فيما بعد، وأصبح قائداً عاماً لهيئة تحرير الشام قبل أن يترك منصبه لاحقاً بعد انفصال حركة نور الدين الزنكي عن الهيئة..
[6]  لا يعتبر هذا الكلام دقيقاً، فقد أدان “لواء الإسلام – جيش الإسلام لاحقاً” مثلاً بيعة الجولاني للظواهري، كما أدانت المظلة الأوسع للفصائل في ذلك الوقت “جبهة تحرير سورية” تلك البيعات وما نتج عنها في بيان لها، وكانت جبهة تحرير سورية تضم أبرز الفصائل في ذلك الوقت، كلواء التوحيد، وصقور الشام، وكتائب الفاروق، ولواء الإسلام…، ينظر كمثال: “مبايعة جبهة النصرة للقاعدة تثير حفيظة المجموعات الاسلامية في سورية“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى