الاصداراتدراسات

فلسفة العنف واللا عنف

78

طالما احترت كثيرًا في مناقشة موضوع العنف واللاعنف، وأيهما الأجدر بنا أن نتبناه، وكان جوهر حَيرتي أن أصحاب مذهب اللاعنف هم الأقرب إلى القلوب، في حين أن أصحاب مذهب العنف والقوة هم ذوو الغلبة على أرض الواقع.

ومما جعل في الأمر حَيرة متزايدة، أن لكل مذهب وجهة نظر تستمد قوتها ونصاعتها من الواقع ومن التاريخ اللذان سنستمد منهما أمثلة متفرقة في الأماكن والأزمنة.

ومما ضاعف حيرة المتفكرين في الأمر، حدوث ثورات الربيع العربي التي انقلبت في غالبية بلدانها إلى كوارث إنسانية وحروبٍ طائفية، حصدت الأخضر واليابس، واقتتل فيها الأخ مع الأخ، قبل اقتتال الصديق مع العدو، هذه الثورات التي لم تنته حتى ساعة ختم هذه المقالة ولا أحد يستطيع أن يتكهن أين ومتى وكيف ستنتهي، وذلك لتعقد الظروف المحلية والدولية، ولسيادة الفكرة والفكرة المضادة، ومنها مَن ينادي بالعنف وعكسه من يطالب باللاعنف.

ومن المعلوم أن أية بيئة (مجتمع) انتشرت فيها الفكرة والفكرة المضادة، أدى ذلك إلى ظهور ظاهرتين خطيرتين هما:

  • التدمير الذاتي لكل البُنى المادية والمجتمعية والإنسانية.
  • استمرار هذا التدمير، وجمود هذا الوضع لوقت لا يعلم مداه أحد من المتصارعين.

فأتباع مذهب اللاعنف يقولون (على سبيل المثال لا الحصر):

  1. إن قوة أهل العنف تأكل نفسها بنفسها تدريجيًا، خاصة إن لم تجد ما تأكله. وهذا صحيح مثبت عبر التاريخ، فهم ينطبق عليهم القانون الفيزيائي (قانون التدمير الذاتي) الذي يخضعهم للفعل وردة الفعل، وبالتالي كلما قوي فعلك تكون أنت أنت قد قَوِيَت ردة الفعل عليك، ولاحظ أنهم يقولون خاصة إن لم تجد القوة ما تواجهه، فإنها تواجه نفسها بنفسها.
  2. إن غلبة أهل العنف تزول سريعًا، ولكن أنصار اللاعنف الذين يرددون هذه المقولة، لم يخبرونا أن كلمة سريعًا قد تأخذ عشرات العقود على الأقل (كحالة الاتحاد السوفيتي)، أو قد تستمر بضعة عقود كغلبة الإمبراطورية الرومانية، أو حتى الإمبراطورية الإسلامية بعد أن تحولت من حضارة نور إلى دولة نار، وفي هذا ما يُغري الكثيرين من المهووسين بالقوة للاستناد إلى التاريخ لإثبات عشق القوة واستخدامها.
  3. إن العلم كفيل بتنوير العقول وإقناع البشر (بعد خوض التجارب المريرة)، وأنه لا داع للتنافس والتصارع لنهب ثروات الأمم الأخرى، فالعلم أثبت بما لا يرقى إليه شك أن الثروات الموجودة في الكون كافية للجميع، خاصة بعد تطور العلوم التي تصنع البدائل الدّوّارة (منتجات يعاد تصنيعها)، وتُنتج في الأرض أضعافًا مضاعفةً من الغذاء الكافي لجميع بني البشر، وأن العلم هو من سيُقنع الجميع بضرورة السلام وعدالة اقتسام الثروات بما يحقق الفائدة للجميع.
  4. إن قوة وبشاعة نتائج استخدام السلاح (النووي مثلًا) ستنفي استخدامه ذاتيًا، وهذه أيضًا حجة لم تتحقق على أرض الواقع حتى الآن؛ بسبب أن مَن امتلك أسلحة الدمار الشامل أصبحت لديه القوة الرادعة لمنع غيره من امتلاكها، وبالتالي تَفرَّد بها كسلاح ردع مرعب حتى لو لم يستخدمه.

أما عشاق مذهب القوة والعنف فيقولون (وأيضًا على سبيل المثال لا الحصر):

  1. إن سلمية القائد الروحي للتبت “الدالاي لاما” لم تُفده شيئًا خلال أكثر من سبعة عقود في استرجاع شبر من أرض هَجرَها هاربًا من قوة وبطش الصينيين بزعامة الشيوعي “ماو”، وكل الدعم السياسي الذي طلبه من الغرب والشرق لم ينفعه شيئًا؛ لأن لعبة المصالح والتوازنات الدولية فعلت فعلتها ضده إبَّان الحرب الباردة وبعدها، وكل جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها، لم تُفده في الحصول على موقف مشرِّف يُنصفه وينصف شعبه وثقافته التي ربما لن ترى نور الحرية إلا بعد عقود أو قرون قادمة، هذا إذا لم يَذُبِ الشعب وتذوب الثقافة في بحر الشعب الصيني والثقافة الصينية.
  2. إن المعتدي الصائل المُتكسِّب من نهب ثروات الأقوام الأخرى، إن لم يجد شوكة ومَنَعَة في أهل الأرض والعِرض، فإن ذلك يُغريه بمزيد من التجبر والطغيان، وبالتالي يقع الضعيف تحت نَير الذل والهوان، ومتى ما حصل ذلك هيهات هيهات أن يَتسنَّى له إعادة الكَرَّة، ولن يكون ذلك إلا بعد ضعفٍ ذاتي في الظالم المعتدي والذي قد لا يحصل إلا بعد قرون من الذل والهوان.
  3. إن قوة الأمم في العصر الحديث تكمن في العلم والتكنولوجيا التي تُولَد من الاكتشافات العلمية التي لا يحدها حد، ولا تقف عند سقف معين، فإن لم تدخل سباق العلم والتنافس فيه، فإن الغلبة ستكون من حظ المتقاعس عن طلب القوة والمنعة، وأقوى تطبيق للعلم الحديث يكمن في فظاعة ونوعية السلاح التي يمكن تصنيعها وتطويرها بنتاج العلم البشري الهادئ.
  4. ثم إن العلم الذي طَوَّر البدائل الصناعية وضاعف الإنتاج الزراعي، لم يُحقق أبدًا عدالة توزيع الثروة، والتي لا زالت مطلبًا مثاليًا يُنادي به المهووسون بالمشاعر الإنسانية الصافية، وكأن الإنسان خُلق بطبعه ملاك من نور السماء، وليس بشرًا خليطًا من روح عُلوية، وطين أرض سفلية.

بهذه الأمثلة المقتضبة لكل فريق من فرق الاختلاف، يجد الباحث الحيادي نفسه محتارًا في الخَيَار والانحياز لأي طرف دون الآخر، فلكلٍ حجته القوية والواقعية.

فأهل السلم واللاعنف (طاقة النور)، يحتجُّون بتطور العلوم وارتقاء الإنسان بأبعاده الأربع (المادية – العقلية – العاطفية – الروحية) تمهيدًا للوصول إلى عالم مثالي، ويؤكدون دومًا على أن الإنسان لم يخلق إلا لهذه الغايات السامية.

وأنصار القوة والعنف يحتجُّون أيضًا بنفس العلة والسبب، فيقولون بأن العلم لم يَزِد الإنسان إلا بطشًا واستكبارًا في الأرض، وأن الإنسان في أصل تكوينه وطبعه الجِبلِّي قام على التنافس والتحاسد وحب الغلبة، وأن كل طرف يتنازل عن التنافس والتصارع، فإن تنازله سيُفهم ويُستغل من باقي الأطراف (الأمم) على أنه ضعف في العقل والجسد، وضعة وهوان في النفس والعاطفة، وبالتالي فإن المتنكب عن الصراع والتنافس هو من سبب لنفسه الهوان وغلبة المستكبرين عليه.

فأين تكمن الحقيقة؟

وكيف نُقيِّم فكر كل فئة، وقد أبدع كلٌ منهم في شرح حججه المدعَّمة بأدلة من التاريخ والواقع؟

للإجابة على هذين السؤالين، علينا أن نثبت نقاط الاختلاف والاتفاق في الأفكار، ثم نحسب حساب الوزن الترجيحي لكل فكرة، وبعدها نعرف (قدر المستطاع) حساب الحقل من البيدر.

ولعدم الإطالة، سنناقش ثلاث فكر رئيسية من الحجج (ثلاثة محاور)، وهما فكرة العلم ودوره في السلم والحرب، وفكرة الجبلَّة الطبيعية للإنسان، وفكرة الدين الإسلامي وما طلبه من المؤمنين به، وما موقفه من العنف واللاعنف.

ولكن لماذا فقط هذه المحاور الثلاثة؟ لأننا وجدنا غالبية الجدل والنقاش الثريين بين أنصار الطرفين يدور حولها تقريبًا، وهذا لا يمنع وجود محاور ثرية أخرى، لكن هذه المقالة ستقتصر عليهم فقط لأنهما الأساس في تبنَّي توجه من التوجهات قيد البحث في مقالنا.

أولاً -العلم الحديث، الذي يحتج به كلا الطرفين:

لمناقشة دور العلم في العنف (القوة) وفي اللاعنف (الطاقة / النور)، سأذكر أفكارَ وحججَ كل طرف، ومدى صلاحيتها وواقعيتها، وهنا تكمن إمكانية ووجوب الاختلاف والنقاش:

  1. العلم ضاعف الإنتاج والإنتاجية في مجالي الزراعة والصناعة، ولكن سوء توزيع الثروة (وهي من اختصاص الأخلاق وليس فقط العلم)، جعل هذه المضاعفة تذهب إلى جيوب الأغنياء المتسلطين خاصة في البلدان الفقيرة علميًا.
  2. التطور والبحث العلميين مشرعة أبوابهما للجميع، وبالتالي فنتائجه مضمونة للجميع، ولكن الواقع يقول بأن القوة العسكرية والاستخباراتية (العلمية) لقوة الظلم والطغيان، تمنع التطور والبحث العلميين في الدول الضعيفة والفقيرة.
  3. قوانين الكون الاجتماعية (غلَّابة)، فقد أثبتت، وبدون استثناء، أن كل ظالم انتهى بنفس طريقة تكبره وظلمه، وهذه فكرة صحيحة ولكن هذا لا يحدث في المدى القصير والمتوسط.
  4. إن التطور العلمي والتكنولوجي وإدخال التقانة الكاملة أو شبه الكاملة إلى مجالات العمل كافة، والذي أدى إلى مضاعفة الإنتاج والإنتاجية، أدى أيضًا إلى بطالة حقيقية، وعجز بنيوي في الهياكل الاقتصادية عن استيعاب الزيادات السكانية في البلدان الضعيفة عسكريًا والفقيرة اقتصاديًا.
  5. إن المجتمعات القوية والضعيفة، الغنية والفقيرة، لا تحتاج إلى علم وتقانة فقط، بل تحتاج إلى علم أخلاق يزيد من تماسكها البنيوي وتعاضد أبنائها، وهذا أمر تفتقره كافة دول العالم خاصة الضعيفة منها، خاصة مع سيادة عصر تهميش دور الدولة، وبروز دور المؤسسات الخاصة العملاقة المرتبطة أساسًا بنظام مالي دولي متوحش.
  6. إن بروز العصر الوردي للعلم في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والذي قاد إلى انتشار فكر العلمانية المؤمنة بسيادة العقل البشري، قاد إلى كارثتين مدمرتين للبشرية وهما: الحرب العالمية الأولى والثانية، ولا يوجد أي ضمان لعدم حدوث حرب ثالثة قد لا تخرج منها البشرية بسلام، ودومًا في مثل هذه الصراعات الدولية تكون الهزيمة الساحقة الماحقة للأمم الضعيفة والتي تخرج عادة بنتيجة هي: تقسيم دولها وتمزيق أراضيها وازدياد درجة ضعفها وذلها.

ونتيجة لما سبق، فإننا وجدنا أن العلم قاد إلى فتوحات نورانية حقيقية، وساهم بصدق في تخليص البشرية من الكثير من آلامها، إلا أنه لا يوجد أي ضامن لأي فرد أو مجتمع أو أمة، من الضياع والهوان إلا بامتلاك القوة العلمية وإنتاج القوة المادية العسكرية منها والمدنية، من أجل بناء مجتمع ودولة قوية قادرة على ضمان استمرار وتطوير علومها، وقادرة (بقوة القانون المدني المدعوم بقوة مادية) على فرض حسن توزيع الثروة، وضمان تطوير إنسان يتمتع بالأمن والأمان.

ثانياً -فكرة الطبع الجِبلِّي للإنسان:

لمناقشة فكرة الطبع الجبلِّي للإنسان، وفهم دور هذا الطبع في الميل إلى تبني فكرة العنف أو اللاعنف (القوة أم الطاقة)، سأذكر أفكارَ وحججَ كل طرف ومدى صلاحيتها وواقعيتها، وهنا أيضًا تكمن إمكانية ووجوب الاختلاف والنقاش:

  1. إن فكرة ثنائية الطبع الجبلِّي للإنسان تكاد تكون فكرة متفق عليها عند غالبية العلماء المختصين بدراسة طبع الجنس البشري وآليات وكيفيات سلوكه.
  2. فالطبع البشري عندهم (الغالبية طبعًا) مؤلفٌ من نزعات خير ونزعات شر، والتربية (البيت – المدرسة – المجتمع – الإعلام – المؤسسة الدينية) هي المسؤولة أساسًا عن نمو نزعة دون الأخرى.
  3. غالبية العلماء المختصين بدراسة سلوك الجنس البشري والاجتماع وحتى علماء النفس، متفقون على أن الإنسان الذي طور نزعة الخير والأمان والسلام هو الإنسان الأفضل في المجالين المادي والثقافي، وأن تقييم المؤسسات التربوية الجيدة يكون أساسًا على قدرتها على إخراج مثل هذا الإنسان الجيد الفعال.
  4. لكن أيضًا غالبية هؤلاء العلماء (السالف ذكرهم) أكدوا استحالة القضاء على النزعة المضادة، إلا نادرًا، والتي تُوصف بأنها شريرة ومخربة أو عنيفة، ولكنها تَبقى في الإنسان وتظهر عند تعرضه لظروف مواتية لظهورها، خاصة عند الاضطهاد، بل إن بعضهم يقول: إن وجود هذه الصفة العدوانية تقي الإنسان من أخيه الإنسان الذي ركز وطور نزعة العنف في نفسه، واتخذها منهجًا لحياته.
  5. إن الإنسان المتوازن الذي طوَّر ونمَّى نزعة الخير والسلام (اللاعنف) لا يجب أن يتخلى عن نزعة العنف بشرط أن يكون عنفًا مضبوطًا بإطار قانون ما، وموجهًا ضد هؤلاء الذين فشلت مؤسسات التربية في استئناسهم وضمهم لصفوف البشر الإنسيين، خاصة وأن بعض هؤلاء تخرجوا من مؤسسات تربوية قَصدت بوعي وعزم تطوير نزعة العنف والغضب والحقد والتطرف عندهم، وهؤلاء موجودون على مر التاريخ، ولا يبدو أن هناك بصيصَ أمل لزوالهم أو زوال المؤسسات التي تُخرِّجهم بكفاءة تصل إلى درجات استثنائية أحيانًا.

ونتيجة لمناقشة الأفكار السالفة الذكر، فإننا وصلنا إلى نتيجة مفادها، أن إنشاء مؤسسات علمية تربوية تُخرِّج كائنات إنسانية مهذبة راقية ومسالمة، تهتم بالعلم والسلام، هو مطلب جوهري متنامي في حياة الإنسان المعاصر، ولكن أيضًا إنشاء مؤسسات علمية عسكرية هو ضمانٌ لنجاح المؤسسات الأولى وضمانٌ لزيادة فعاليتها واستمرار كفاءتها، وهذه المؤسسات العلمية المذكورة (الأولى والثانية) وبالتعاون بينهما، تكون هي الطريقة الوحيدة الضامنة لإخراج إنسانٍ متوازنٍ مؤدٍّ لواجبه، غير مفرط بحقه بأي شكل من الأشكال، وقادر على مواجهة وإيقاف تطرُّفِ وتغوُّلِ بعض مَن طوَّر ونمَّى نزعة الشر والعنف لديه بقصد أو بدون قصد.

ثالثًا – الدين الإسلامي، ومتطلباته من أتباعه:

سأركز هنا على الدين الإسلامي بشكل أساسي، دون إهمال باقي الأديان والمذاهب حتى الأرضية البشرية منها، وذلك لأن المخاطب في هذه المقالة هو الإنسان المسلم، الذي يستحق بامتياز أن تنال بلاده لقب بلاد العنف بامتياز.

وأيضًا سأناقش الموضوع هنا عبر طرح بعض الأفكار ومناقشتها، وكذلك هنا مجالٌ رَحبٌ للاختلاف والنقاش:

  1. رغم تفضيل الله للحياة الآخرة على الدنيا، فإن الدين الإسلامي قدَّر الحياة الدنيا واعتبرها مَكْرُمَةً من الله لعباده المؤمنين، وبشرهم بكرمه في الحياة الدنيا والآخرة: “أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (*) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (*) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (*) وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ” ( يونس /62- 65)، وفي الآية الكريمة “يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ” (ابراهيم/ 27)، وفي الآية “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا” (الكهف/46).
  2. وفي المجال المدني الحياتي، أقرَّت كافة الأديان بما فيها الدين الإسلامي مبدأ احترام حق الحياة، وحق العيش الكريم لكل إنسان مسالم غير باغ ولا معتد على غيره، وقد وردت آيات كثيرة في هذا المجال منها “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الإسراء/70)، والآية “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (المائدة/87).
  3. وفي مجال العلاقات مع المعتدين أقرَّ الإسلام حق القتال لرد الاعتداء دون تجاوز أو تعدٍّ على أحد “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (البقرة/190).
  4. وفي المجال العسكري أمر الله بصريح القرآن بالاستعداد المادي والمعنوي، وإشعار المعتدي بالمَنعة والقوة حتى قبل عدوانه، وأمر أيضًا بالسلم إذا لم يَعتدِ الطرف الآخر “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (*) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (الأنفال/60-61).
  5. ولقد منع الله إكراه أي إنسان على أن يعتنق الدين الذي لا يريده، واحترم حق هذا الإنسان في خياره العقدي الديني، والآية واضحة في ذلك “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (البقرة/256).

ومن مجمل هذه الآيات الموجزة عن الموضوع، نستطيع أن نستنتج أن الله أمر المؤمنين بأن يحترموا حق الحياة الكريمة للجميع (مؤمن وغير مؤمن)، وأمر باحترام حرية المعتقد دون اعتداء على الآخرين، وأمر أيضًا بعدم الاعتداء وقتال المسالمين غير المقاتلين أو المعتدين.

ولكن الله أيضًا أمر (بصيغة أمر واضحة) برد الاعتداء وقتال الباغي المعتدي المعاند المجانف للسلم والأمن والأمان، بل وأمر أيضًا بالاستعداد والإنفاق لتجهيز العُدَّة والقوة لمنع مَن قد تسول له نفسه الاعتداء.

وعليه فإن خلاصة الأمر في هذا المجال هو وجوب احترام حق الحياة والسلم، واحترام حرية المعتقد للإنسان، أي أن الإسلام أقرَّ أولوية السلم والأمان والحياة الآمنة المطمئنة للجميع.

لكن في مواجهة المعتدين والباغين الحاقدين القاصدين، فما أقرَّ الإسلامُ إلا رد الاعتداء بمثله حتى ينتهوا ويرتدعوا، وأقر أيضًا وجوب الاستعداد لمثل هذا الوقف، بما يستلزمه هذا الاستعداد (وفق تطور الظروف والأمكنة والأزمنة) من إعداد مادي ونفسي وتربوي.

أخيرًا وليس آخرًا -رأيُنا الترجيحي (كيف، ولماذا، وأين):

“أخطاء الجهاد تستلزم إصلاح الأخطاء، لا نفي الجهاد ذاته” محمد المختار الشنقيطي

 

بداية أود أن أنبه أننا نقصد بالطاقة، السلم واللاعنف والنور الذي يمكن نشره بالفكر الإنساني الراقي الذي يعتمد أساسًا على الإيمان بالله، ثم الاقتناع بقدرة الإنسان الكريم السَّوي نفسيًا وعقليًا على بناء مجتمع آمن مسالم، ينعم فيه جميع البشر بمختلف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم بحياة كريمة بنَّاءة، تقوم أساسًا على النمو والتنمية في كافة مجالات الحياة.

ونقصد بمصطلح (القوة) كل وسيلة مادية أو غير مادية تُستخدم لتثبيت حقٍ أو رد اعتداءٍ أو نهب حق إنسان آخر، أي أننا هنا نقصد بها العنف بكافة أشكاله المادية والمعنوية.

ونود أن نؤكد على أن الطاقة والقوة وجهان لعملة واحدة، وكمثال على ذلك أيُّ محرك من محركات الاحتراق الداخلي التي تولد الحركة بكل استخداماتها (سيارة – آلة…الخ)، فالمحرك قوة، والوقود المستخدم لتشغيله طاقة.

فلو كان لدينا محركٌ قويٌ (كمادة بناء)، واستخدمنا لتشغيله وقودًا غير مناسب، فإن الحركة المتولدة ستكون ضعيفة أو حتى معدومة، وقد تؤدي إلى تعطل وخراب المحرك ذاته، وبالتالي خسارة محققة.

ولو كان لدينا محركاٌ ضعيفاٌ، وزودناه بطاقة عالية جدًا، فإن الانفجار والخراب ستكون نتيجة تشغيل هكذا محرك، وليس الحركة المقصودة من هذا التشغيل.

لهذا توجَّب أن يكون لدينا توازن بين الطاقة والقوة، فأي قوة تحتاج إلى طاقة تناسبها لكي تصبح فعالة قادرة على توليد المنفعة والخير لمستخدمها، وكل طاقة تحتاج إلى قوة مناسبة تستطيع احتوائها واستثمارها أيضًا لتوليد المنفعة والخير لمستخدمها.

وبالعودة إلى فكرة البحث الأساسية (العنف أو اللاعنف، أيهما أولى)، ونتيجة لطرح آراء وحجج كل طرف من الأطراف، ونتيجة لمناقشة المحاور الثلاثة التي كَثُر فيها الجدل والنقاش في هذه القضية، فإننا نرى ما يلي:

إن العلم، أبدًا لم يستطع أن يصل حتى الآن بالنفس البشرية إلى مستوى من الرُّقي والتسامي، بحيث ينزع فتيل الحروب ويُزيل التناقض بين الإنتاج وتوزيع هذا الإنتاج، بل على العكس فإن الكثير من الأفراد والأمم في كل بقاع الأرض كلما ازداد علمًا ازداد طغيانًا وفجورًا، بل اعتَبر بعضهم أن علمه المتحصِّل هو دليل مقدس على سيادته على بني البشر “كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (*) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى” (العلق/6-7).

حتى أن تطور العلم وما نتج عنه من فائض إنتاج مذهل، أقلق المتفوقين من المنتجين حول كيفية تصريف هذا الإنتاج، فقرروا (رأسمالية الغرب خاصة) تدمير وسائل إنتاج الآخر الضعيف لكي يشتري احتياجاته من إنتاجهم بدل أن ينتجها بنفسه، ومع أن هذه الفكرة الخبيثة المشؤومة جرَّت على الجميع ويلات الكساد والصراع والبطالة، إلا أن القوي متمسك بها (فكرة التقسيم الاحتكاري للأسواق العالمية) دون أن يُجيب على تساؤل هام وهو أنَّى للمشتري الضعيف القدرةَ الشرائيةَ اللازمة لتصريف منتجات القوي الغاشم، الغبي.

كذلك فإن فكرة الارتكاز على الجانب الطيِّب والخيِّر من الإنسان الذي وَعَدَنا به بعض الفلاسفة المثاليين، لم تنتج مجتمعًا ومثاليًا عالميًا، وكل ما فعلته هذه الفكرة أنها أنشأت تجمعات بشرية مغلقة حاولت تطبيق فكر مرشدها الروحي (كالمهاتما غاندي مثلا)، وليت هذه نجحت أيضًا، فما كان مصير القرية المثالية لغاندي إلا كمصير يوتوبيا أفلاطون.

وبمراجعة مذكرات غاندي نفسه في كلامه عن هذه التجربة في كتابه “قصة تجاربي مع الحقيقة”، قال عن زوجته أنها كانت ترفض تنظيف الحمامات العامة، وأنه كان يضطر أحيانًا إلى ضربها لإجبارها على هذا العمل، فمن سمح له ممارسة العنف مع زوجته والتصرف بهذه البهيمية الغريبة (الكلمات لغاندي نفسه في الكتاب) لتطبيق فكرة سامية تفترض إلغاء العنف ذاتيًا في الإنسان.

وأيضًا بمراجعة نفس المذكرات، يقول غاندي أنه بعد تجربة سنوات طويلة، اكتشف أن إصراره على فكره، أصبح عنادًا، وأنَّ عناده أصبح عنفًا، والكلام أيضًا لغاندي في مذكراته، وهذا ما فَسَّر لي سؤالًا مُلحًا شغلني عدة سنوات، وهو كيف أن لرجل مسالم كان يرفض أن يأكل الذبيحة أو يقتل حشرة أو يطلق طلقة وحدة على المستعمر لأرضه، كيف له أن تنتهي حياته قتلًا؟ ونحن نعلم أن الداخل يساوي الخارج، وأنَّ ما يحدث معك هو نتاجٌ لفكرك في داخلك، قراءتي لمذكراته فسَّرت لي كل شيء، لقد قال: أصبح إصراري عنفًا.

إذا لا العلم وصل إلى ما يَعِد به المثاليون، ولا الإنسان المرتقي بنفسه يوما بعد يوم، وصل بَعدُ إلى درجة أن يقول لأخيه الإنسان، يا أنا.

وأخيرًا ناقشنا النصوص الدينية الإسلامية، وما كلَّفت به المؤمن من سلوك يومي في حياته الدنيوية، ووجدنا أنها احترمت حياة الإنسان، أي إنسان، وكرامته وحقه في حرية اختيار عقيدته، ولم تتعرض لأي من هذه الحقوق إلا بقدرِ ما يعتدي هذا الإنسان –حتى لو كان مسلمًا– على الآخرين.

ثم وجدنا النصوص الواضحة المقدسة تطلب من المؤمنين الاستعداد، قدر الإمكان، لرد أي عدوان بمثله، وممن كان مصدره، أي أن النص القرآني طالب المؤمن بالاستعداد حتى لمجرد الاستعداد ولمجرد أن يمنع الآخر من التفكير في الاعتداء عليه، أي أنه لم ينتظر وقوع الاعتداد، بل طالب بالاستعداد بالقوة اللازمة لمنع حصول الاعتداء “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” (الأنفال/60).

وعليه فإننا خلصنا إلى ما يلي:

  1. أي علاقة بين بني البشر يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل، والاعتراف المتبادل بحق الحياة والكرامة وحرية المعتقد، ولا يمكن مسُّ هذه الحقوق إلا في حال حدوث خلل من الطرف الآخر، وأن يكون هذا المس بقدر الخلل “فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ” (البقرة/194).
  2. بل إن الله جل وعلا فضَّل العفو والمسامحة في بعض العداوات التي يمكن أن تحل بالعفو والمسامحة، والآية في ذلك “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (التغابن/14).
  3. وعليه فإننا نرى أن أي عداوة بين متقاربين (خصومة الأقارب، وما أكثرها)، أو بين أي إنسانين قابلين للوعي والتفاهم أو حتى بين طائفتين أو مجتمعين، فإن هذه العداوة يجب أن تُحلَّ بطريقة سلمية لاعنفية، أي أنه هنا يجب أن تنتفي كافة أشكال استخدام القوة سواء اللفظية أو الجسدية أو التخاصم القانوني في المحاكم أو حتى الاقتتال المباشر القصير والمتوسط والطويل، ولخصنا هذه الفكرة بشعار (استخدم طاقتك، وليس قوتك).
  4. أما في حال وجود عدوٍ شرسٍ حاقدٍ وقاصدٍ، ومُصِرٍّ على تكرار اعتداءاته، ونهبه لحقوق وأموال وأعراض الطرف الآخر، فإن مثل هذا العدو لا يُعامل إلا بالقوة العُنفية التي يجب الأخذ بها مسبقًا لمنع حدوث هكذا اعتداء من هكذا عدو لدود.
  5. ولكن العنف سيقابله العنف المضاد، وهنا سنقع في فخ ثنائية الجلاد والضحية، ولن يقف انقلاب وتحول طرفي الثنائية حتى يُقضى على طرفي الصراع كليهما، ولهذا وجب في هذه الحالة أن نستخدم القوة والطاقة معًا، أي العنف واللاعنف معًا وفي بآن واحد، أي (استخدم طاقتك وقوتك)، وعليه أمرت الشرائع الربانية برد الاعتداء بالمثل، ولكن فقط للمعتدي، وفقط إذا لم يوقف اعتداءه.
  6. وأخيرًا إن ما حصل في البلدان العربية من ثورات انفجرت نتيجة كَظمِ غيضٍ استمر لسنوات طوال، وبدا واضحًا وجليًا أن ثورات الربيع العربي في طريقها لأخذ الأخضر واليابس معها، يستوجب منا تطبيق حالة استخدم طاقتك وقوتك، بسبب إصرار وعناد الطغاة، ومحاولتهم إعادة التاريخ إلى الوراء، ولكن ما أراه حتى الآن هو استخدام القوة فقط من جميع الأطراف، وهذا سيقود فقط إلى انطباق حالة التدمير الذاتي علينا، بكل أشكالها سواءً التدمير الذاتي للبنى المادية أو الاجتماعية أو حتى الحضارية المتهالكة أصلًا.
  7. والآن، وبعد سنوات اتضحت فيها الصورة، وجب على الجميع التنبُّه إلى عناد العدو المحلي وداعمه الخارجي، وإصراره على إفناء قطب من أقطاب المجتمع الإنساني المطالب بالحرية والعدالة والكرامة والرقي، ووجب على الجميع تسخير كافة قواهم المادية والمعنوية لمعركة فاصلة لا مناص ولا مهرب منها، ولكن وجب عليهم أيضًا ألا ينسوا طاقتهم الإيجابية البناءة، كي لا يقعوا أسرى فخٍ كوني وقانون أزلي، وسنة إلهيَّة، وهي أن من قتل أخاه، فكأنما قتل الناس جميعا.
  8. وعليه وجب تركيز القوة فقط على العدو المعاند المُصرِّ المستكبر القاصد، والتنازل للآخر حتى لو أخذ من حقك شيئًا.
  9. أما كيف نفرق بين الأخ، وبين العدو المعاند، فهذه يكتشفها فقط من احتفظ بطاقة بناءة (النور)، ووعي روحي إنساني عميق …. “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ” (التحريم/8-9).

للتحميل من هنا

جميع الحقوق محفوظة لدى مركز برق للأبحاث والدراسات ©2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى